ندوة عن الإتجار بالبشر في نقابة محامي طرابلس اوصت بمحاصرة الشبكات وعدم توقيف الضحايا وإنشاء قاعدة بيانات لهم وايجاد دور لحمايتهم

وطنية - نظم معهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في طرابلس، بمناسبة "اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر"، ندوة علمية تفاعلية حول "الإتجار بالبشر في القانون اللبناني وعلى ضوء الاتفاقيات الدولية"، في دار النقابة، برعاية نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد وحضوره ورئيس مكتب مكافحة الإتجار بالبشر الرائد شربل عزيز، الى الهيئة الإدارية المحاميات مديرة المعهد دوللي فرح ومنسقة اللجنة العلمية عتيبة المرعبي وسهير درباس ومحامين ومحامين متدرجين.

فرح
بداية، رحبت فرح بالحضور، واعلنت أن المعهد "سيقيم ورش عمل متواصلة لمواءمة التشريع اللبناني مع الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن ضمنها معاقبة الإتجار بالبشر، والتي انضم اليها لبنان لتصبح محمية في القانون اللبناني، وتأخذ مداها في ملاحقة الجناة ومعاقبتهم ومساعدة ضحايا هذه الإنتهاكات، إضافة الى حث لبنان على الإنضمام الى الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي لم ينضم اليها بعد".

وقالت: "إننا في معهد حقوق الإنسان نضع نصب أعيننا العمل على الإنتقال بهذه القوانين والإتفاقيات الدولية، من النصوص الى التطبيق الفعلي، من خلال إعداد دورات تدريبية وحلقات توعية، وذلك بدعم من النقيب المراد وأعضاء مجلس النقابة مشكورين".

المراد
ثم ألقى النقيب المراد كلمة، شكر فيها أعضاء الهيئة الإدارية للمعهد "لهذه البداية المبشرة بالخير التي انطلقوا من خلالها، في إطار تعزيز دور نقابة المحامين من خلال هذا المعهد"، وقال: "سنعمل معا لوضع مسار واضح، ملتزمين بموجب قانوني أخلاقي إنساني طبيعي، في إطار حقوق الإنسان من حيث الترجمة والتطبيق بعيدا عن العناوين التي إستهلكت في كثير من الأحيان".

اضاف: "لبنان خطا خطوات جيدة منذ العام 2011 في إطار مفهوم أنسنة الإنسان وإحترام هذه الذات الإنسانية التي نرتقي جميعا من خلالها ونحافظ على هذه القيمة، قيمة الإنسان بوجوده وكيانه وكرامته وخصوصيته، وقد جاء هذا القانون تعديلا ومضافا لقانون العقوبات، حتى نرتقي كلبنان ونوائم مواءمة واقعية مع التشريعات الدولية ومع المواثيق والمعاهدات التي تعنى بحقوق الإنسان".

وعن موضوع الإتجار بالأشخاص، قال: "نحن نعلم أن المادة 569 من قانون العقوبات تضمنت معاقبة جرم الخطف وما يتعلق به، لكن من أجل المواءمة التي ذكرتها سابقا لا بد أن نرتقي تشريعيا في إطار مصاف هذه المعالجة في مجتمعاتنا المحلية والدولية، التي لولا تفشيها المخيف، لما كان هذا الإصرار من المؤسسات الدولية لإصدار معاهدات ومواثيق تلزم الدول الأعضاء بإقرار مواد في قوانينها الوطنية لمكافحة هذا النوع من الجرائم".

وإعتبر ان "التعديلات متقدمة جدا حتى في المصطلحات، حيث أخذت الغرامات منحى آخر، بمعنى الحد الأدنى الرسمي للأجور، وهذا نفس جديد من العقوبات لم يكن متوفرا حتى في قانون العقوبات نفسه، وحتى أن التعديلات تحدثت عن عقوبات متدرجة، وعن مفهوم الخطف بالخداع أو بالقوة، سواء بقاصر أو غير قاصر، حتى لو كان من أجل أن يكسب منفعة أو مزايا معينة، حيث يبدأ بالعقوبة بخمس سنوات صعودا، كما حددت مفاهيم الإستغلال، التي تضرب القيم الأخلاقية من أجل مكاسب مادية نتنة، حيث تستثمر وتستغل هذه الحالة الإنسانية التي تنطبق على المرأة والرجل في آن، كما أعطى التشريع إطارا جميلا بالنسبة للغرامات بإرسالها الى وزارة الشؤون الإجتماعية من جهة، وأعطى صلاحيات لوزير العدل في ما يتعلق بقانون التعاقد مع المؤسسات المتخصصة في هذا المجال، لذلك أعتبر أن تشريعنا بخير بعد إصدار القانون 164 المعدل، والذي ذهب أيضا الى مجال أصول المحاكمات الجزائية، في ما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بحماية الضحية والمعتدى عليه والشحص الذي يعطي المعلومات".

واكد "نحن معنيون كنقابة محامين ومعهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في طرابلس بمكافحة هذا النوع من الإجرام، ونحتاج الى تضافر جميع المؤسسات التي تعنى بالإنسان في المبدأ العام المختصة بمثل هذه الحالات، ولا بد من تشبيك حقيقي بين المؤسسات الرسمية والخاصة، إضافة الى دور قوى الأمن الأساس، لنذهب معا الى المكان الصحيح حيث يجب أن نكون وندافع عن قضيتنا الأم وهي الإنسان وكرامته".

المرعبي
ثم قدمت المرعبي شرحا عن ألإتجار بالاشخاص بين القانون الدولي والقانون الوطني، فقالت: "هناك ما يقدر بنحو 40.3 مليون من ضحايا الاتجار بالبشر على مستوى العالم، 4.5 مليون شخص في استغلال جنسي قسري، وحوالى 152 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 سنة، في عمالة الأطفال، حيث يوجد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حوالى 5.4 مليون عامل قسري، وهي النسبة الأكبر في العالم، وتولد هذه التجارة أرباحا سنوية تقدر بـ 150 مليار دولار. حيث تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة".

ولفتت الى انه "في عام 2000 تبنت الامم المتحدة اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والبروتوكولات المكملة لها، وهما بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخصوصا النساء والأطفال، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وقد هدف البروتوكول الى منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، مع إيلاء اهتمام خاص للنساء والأطفال وحماية ضحايا ذلك الاتجار ومساعدتهم، مع احترام كامل لحقوقهم الإنسانية وتعزيز التعاون بين الدول الأطراف على تحقيق تلك الأهداف".

اضافت: "انضم لبنان عام 2005 الى إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لها، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص وخصوصا النساء والاطفال الملحق بها. وفي 24 آب 2011 صدر القانون رقم 164/2011 المتعلق "بمعاقبة جريمة الاتجار بالاشخاص" الذي نشر في الجريدة الرسمية في الاول من ايلول 2011، فكان بمثابة الخطوة الاولى في مسيرة مكافحة ظاهرة الاتجار بالاشخاص، وقد حدد القانون اللبناني عناصر جريمة الاتجار بالبشر مسترشدا بالبروتوكول المتعلق بمكافحة الاتجار بالاشخاص واعتبرها جناية تتراوح عقوبتها بين 5 و15 سنة بحسب الجرم المرتكب".

ثم عرفت المرعبي بجريمة الإتجار بالبشر، كجريمة "يعاقب عليها القانون شرط توفر عناصر: الفعل والوسيلة والغرض"، متحدثة عن "الثغرات في القانون اللبناني التي توزعت على الشكل التالي:
- معاملة المشتبه بها كضحية محتملة لجريمة الإتجار بالاشخاص لحين ثبوت العكس.
- صعوبة وصول الضحية للعدالة بسبب ترحيلها في غالب الاحيان.
- عدم وجود إحصاء رسمي عن نسبة جرائم الاتجار بالبشر.
- عدم وجود آلية واضحة في القانون لحماية الشهود، فلم يلحظ انشاء دور حماية.
- عدم تفعيل القانون لجهة إنشاء حساب خاص من المبالغ المصادرة المتأتية من جرائم الاتجار بالبشر لمساعدة ضحايا هذه الجرائم.
- عدم حضور المحامي خلال مراحل التحقيق الاولى الى جانب الضحية من أجل توفير المساعدة القانونية لضحايا الاتجار بالبشر.
- تقرير الخارجية الاميركية حول الاتجار بالبشر في لبنان الذي اعتبر إن الحكومة لم تف بالمعايير الدنيا في العديد من المجالات الرئيسية، لذلك بقي لبنان في المرتبة الثانية في التصنيف العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر.

وعددت حالات الاعفاء من العقوبة "لكل من بادر إلى إبلاغ السلطة وزودها بمعلومات أتاحت كشف الجريمة قبل وقوعها، كما يستفيد من العذر المخفف من زود السلطات المختصة، بعد اقتراف الجرائم بمعلومات أتاحت منع تماديها، ويعفى من العقاب المجنى عليه الذي يثبت أنه أرغم على ارتكاب أفعال معاقب عليها في القانون أو خالف شروط الإقامة أو العمل، كما يجوز لقاضي التحقيق أو القاضي الناظر في ملف الدعوى، بموجب قرار يصدره، أن يجيز للمجنى عليه الإقامة في لبنان خلال المدة التي تقتضيها إجراءات التحقيق".

عزيز
ثم تحدث الرائد شربل عزيز عن دور قوى الأمن الداخلي بشكل عام ومكتب مكافحة الإتجار بالبشر بشكل خاص في مكافحة هذه الجرائم، وقال: "نصت المادة الأولى من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي 17/90، على أنها قوى عامة مسلحة تشمل صلاحياتها كل الأراضي اللبنانية والأجواء والمياه الإقليمية التابعة لها، ومن مهامها حماية الأشخاص والممتلكات والحريات في إطار القانون والقيام بمهمة الضابطة العدلية والسهر على تطبيق القوانين، ومكافحة جريمة الإتجار بالأشخاص من صلاحيات الشرطة القضائية، وتحديدا مكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص وحماية الآداب الذي تم تعديل إسمه ليصبح من مهامه تتبع وتقصي وقمع جرم الإتجار بالأشخاص".

اضاف: "كمكتب مكافحة الإتجار بالأشخاص، نستطيع ملاحقة هذا النوع من الجرائم التي تحرك دعوى الحق العام دون الحاجة الى إدعاء الشخص المتضرر أو الضحية، وفي هذه الحالة يلزم الضابط العدلي بإجراء تحقيق عدلي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لدى ورود أي علم له بوجود ضحية محتملة، بصرف النظر إذا كان الفاعل معروفا أو مجهولا أو موقوفا بجرم آخر".

وعن أصول التعاطي والتحقيق في جرائم الإتجار بالأشخاص وتقديم الدعم للضحايا، قال: "في إطار إلتزام المديرية العامة للأمن الداخلي بمكافحة هذه الجرائم وفقا للنصوص المرعية، لا سيما قانون العقوبات اللبناني وقانون حماية الأحداث وإستنادا للمبادئ التوجيهية المنصوص عنها في قواعد سلوك قوى الأمن الداخلي، تم توقيع مذكرة رقم 339 مع جمعية "أبعاد"، التي حددت أصول التعاطي والتحقيق في هذه الجرائم، وقد إعتبرت هذه المذكرة بمثابة تعليمات داخلية تصدر عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، وهي ملزمة التطبيق لكل العناصر، وقد حازت هذه المذكرة على موافقة النيابة العامة التميزية وبالتالي أصبحت ملزمة التطبيق للقضاء أيضا".

وشرح الرائد عزيز "كيفية تحديد ضحية الإتجار بالأشخاص من خلال مؤشرات عملية تم وضعها في حضور ممثلين عن وزارات العدل والشؤون الإجتماعية والعمل، وممثلين عن قيادة الجيش والأمن الداخلي والأمن العام ومعهد حقوق الإنسان في نقابة محامي بيروت، ويجب أن تقترن هذه المؤشرات بعنصر الإستغلال، لتوفر الإطار القانوني للجريمة، وأهم هذه المؤشرات: حالة ضعف أو هشاشة، ظروف عمل سيئة، الخداع، تقييد الحركة، الإستغلال الجنسي، إستغلال مؤسسة الزواج، كالزواج الصوري، العنف بمختلف أنواعه وإشتراك الأطفال بالنزاعات المسلحة".

كما شرح عن "كيفية وضع اليد على القضايا التي تستلزم مهارات خاصة للمحققين الذين في حالة تماس مباشر مع الضحية، حيث ينقسم التحقيق في هذا الجرم الى قسمين: تحقيق إستجابي وتحقيق إستباقي"، وتحدث عن "كيفية مباشرة التحقيقات في الجرائم المشهودة والجرائم المستمرة وفقا للقوانين وللمذكرة رقم 339 مع مؤسسة "أبعاد"، وعن التعامل مع الضحايا الغير لبنانيين الذين يمكن أن يحصلوا على الحماية الدولية، وتختص المفوضية السامية للأمم المتحدة بتأمين الحماية لهؤلاء الضحايا".

التوصيات
وبعد حوار ونقاش، تلت المحامية المرعبي التوصيات الصادرة عن الندوة، جاء فيها: "تكثيف الجهود لضمان عدم توقيف ضحايا الاتجار بالبشر أو احتجازهم أو ترحيلهم بسبب أفعال غير مشروعة أجبرهم التجار على ارتكابها. زيادة الجهود مع القضاة والمدعين العامين والمكلفين القيام بمهام الضابطة العدلية، من أجل تفعيل تطبيق هذا القانون لمحاصرة شبكات الإتجار والحد من إرتكاباتها. تعزيز وتوسيع الجهود لإصلاح نظام الكفالة لمنع استغلال الضحايا. تفعيل صندوق مساعدة الضحايا. انشاء قاعدة بيانات لضحايا الاتجار بالبشر. مساعدة الضحايا للوصول الى العدالة، وايجاد دور حماية لاقامة ضحايا الاتجار بالبشر".



====== عبد الكريم فياض/ماري ع.شلهوب

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب