وطنية - طرابلس - أقام رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف إفطارا بعنوان "إفطار الرجاء"، في قلاية الصليب في دار المطرانية في طرابلس. شارك فيه، مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام، رئيس اساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، مفتي عكار الشيخ زيد محمد بكار زكريا، راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور، الاب جبرائيل ياكومي ممثلا متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الاورثوذكس المطران افرام كرياكوس، النواب اشرف ريفي، ايلي خوري، ميشال معوض، طوني فرنجية، طه ناجي، فادي كرم، ايهاب مطر، اديب عبد المسيح، جورج عطالله، ميشال الدويهي، سجيع عطية، جيمي جبور، جميل عبود، حيدر ناصر، وسامي رضى ممثلا النائب كريم كبارة، الوزير السابق بيار رفول، النائبان السابقان مصباح الاحدب وهادي حبيش، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، نقيب المهندسين في الشمال شوقي فتفت، نقيب الاطباء في الشمال محمد صافي، المدير العام لوزارة التربية الدكتور فادي يرق، النقيبان السابقان ماري تريز القوال وميشال خوري، مستشار رئيس حكومة البانيا لشؤون الخليج و الشرق الاوسط القنصل العام مارك غريّب، مدير الجامعة اللبنانية الدولية الدكتور احمد الاحدب، مسؤول العلاقات السياسية في الكتلة الوطنية كميل موراني، النائب العام على ابرشية طرابلس المارونية الخوراسقف انطوان مخائيل، الخوراسقف نبيه معوض، الخوراسقف الياس جرجس، خادم رعية مار افرام للسريان الاورثوذكس في طرابلس المونسنيور سمير حجار، المونسنيور جوزاف غبش، المونسنيور ماريو ماضي، رئيس دير مار فرنسيس في الميناء الاب كويريكو كاليل، الاب غريغور يغياين وكيل المطران شاهيه بانوسيان، مدير مكتب رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ احمد عاصي، مديرة جامعة القديس يوسف في الشمال فاديا علم الجميل، مدير الجامعة الأنطونية في مجدليا الاب ماجد بو مارون، مدير جامعة سيدة اللويزة في برسا الأب فرنسوا عقل، مديرة ثانوية راهبات القلبين الاقدسين في طرابلس الاخت حورجيت بو رجيلي، سليمان جان عبيد، رئيس "الرابطة الثقافية" رامز الفري، رئيسة "مؤسسة الطوارىء" مايا حبيب، رئيسة جمعية "سوشيل واي" وفاء خوري، الدكتور يوسف باسيم، الدكتورة ماريا كرم، المحامي طلال فاضل، الاستاذة حليمة الجندي، رجال الاعمال محمد اديب، جورج الشبطيني، ميشال تامر، فرنسوا الشدياق وعقيلته ماري، ممثل بلدية طرابلس المهندس نور الايوبي، الدكتور مصطفى الحلوة، الدكتور مارك بعيني، الدكتور انطوان صفير، مدير الدائرة المالية في عكار كارلوس عريضة، الاباء: فادي منصور، جو رزق الله، شربل معربس، خليل عبدالله، فادي الحاج موسى وريمون عبدو وفاعليات.
المطران سويف
بداية القى المطران سويف كلمة في الأمسية الرمضانية، قال فيها: "إفطار الرجاء" دعوة للوحدة والمغفرة وبناء المواطنة، واولا اريد ان ارحب بكم واعبر عن فرحي الكبير، فرح المطرانية والابرشية بهذا اللقاء السنوي ، الذي يعني لنا بشكل اساسي كعائلة مسيحية تلتقي بالعائلة المسلمة في هذا الشهر الفضيل والمبارك، واؤكد أهمية الحفاظ على هذا التقليد الذي يشكّل إرثًا روحانيًا وإنسانيًا في دار المطرانية".
وشدد على "ضرورة نقل هذا التقليد من جيل إلى جيل بروح الأخوّة والتسامح"، املا أن "تنجح الحكومة في تنفيذ مضمون خطاب قسم الرئيس جوزاف عون، وترسيخ قيم المحبة والوحدة بين اللبنانيين، بما يضمن لهم حياة كريمة وآمنة، وان تعمل باصرار وعزم على تنفيذ الخطاب لانه يشكّل حجر الأساس في إعادة بناء لبنان الجديد على أسس ثابتة من الحرية والقانون والعدالة"، وقال:"اخترت لهذه الأمسية اسم إفطار الرجاء لما يحمله من معانٍ كنسية وروحية، لاسيما أننا نعيش في الكنيسة الجامعة سنة اليوبيل المقدسة التي تصادف عام 2025، وهي محطة يوبيلية تتجدد كل 25 عامًا".
تابع : "نرفع صلواتنا إلى الله كي يمنح البابا فرنسيس نعمة الشفاء، كما نحيي من طرابلس صاحب الغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، سائلين له القوة والثبات لقيادة الكنيسة وسط التحديات الراهنة".
وأشار إلى أن اختيار اسم "إفطار الرجاء يأتي في سياق التحديات التي يواجهها العالم اليوم"، مؤكدًا أن "تزامن الصوم المسيحي مع شهر رمضان المبارك تدبير إلهي يعزز قيم الوحدة والتلاقي"، مشددًا على أن "الرجاء ليس فكرة نظرية، بل هو حضور الله في حياتنا، فهو رجاؤنا الذي لا يخيب"، مستشهدًا بقول القديس بولس في رسالته إلى أهل روما: "الرجاء الذي لا يخيب".
وفي كلمته، استعرض المطران سويف خمس نقاط جوهرية أطلق عليها اسم "الخميسيات الرمضانية"، جاءت كالآتي:
1. رمضان: صوم للوحدة والمحبة
أوضح المطران أن شهر رمضان يدعو إلى الوحدة المتجسدة في المحبة، مضيفًا: "حين نعيش الصوم بروحانية عميقة، نكتشف في قلوبنا نزعة أصيلة نحو الوحدة". وأشار إلى أن هذه القناعة تعززت لديه خلال زيارته للمطران أفرام، الذي أعرب عن فرحته العميقة بمشهد الإفطارات، حيث يشعر الجميع أنهم عائلة واحدة، مسيحيين ومسلمين، يجتمعون رغم اختلافاتهم العقائدية والدينية.هذه الصورة تعكس تطلعاتنا جميعًا نحو ترسيخ مفهوم الوحدة في التنوع داخل وطننا لبنان.
2. زمن المغفرة وتنقية الذاكرة
شدد على أن ثقافة المغفرة باتت حاجة ملحّة للبنان والمنطقة، لافتًا إلى أن "دوامة الانتقام والعنف لا تفضي إلا إلى مزيد من الألم والدمار، فيما يحمل لبنان، من خلال تجاربه، رسالة يمكن أن تلهم العالم، وهي ثقافة المغفرة وتنقية الذاكرة، التي من شأنها أن تشفي الإنسان والوطن معًا".
3. بناء المواطنة وصون الكرامة الإنسانية
أكد المطران سويف أن تعزيز المواطنة هو المدخل لصون الكرامة الإنسانية، قائلًا: "نحن بحاجة ماسّة إلى ترسيخ مفهوم المواطنة ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة بأسرها، لأننا متساوون في الكرامة الإنسانية، وهذا المبدأ ينبغي أن يكون الركيزة الأساسية لمجتمعاتنا".
4. التوازن بين الأصالة والحداثة
دعا إلى تحقيق توازن بين الحفاظ على الجذور والانفتاح على التطور، موضحًا ان "لبنان يزهو بأصالته الروحية والثقافية، وهي قيم راسخة نتمسك بها رغم التحولات المتسارعة، لكن في الوقت ذاته، لا بدّ من مواكبة الحداثة، لأن التطور ضرورة لا يمكن تجاهلها".
وأضاف: "لا يمكن أن نبقى أسرى الماضي فيما العالم يتقدّم من حولنا، ومن هنا، نأمل أن تُسرّع الخطوات نحو إقرار الحكومة الإلكترونية (E-Government)، بما يحقق التوازن بين الأصالة والتكنولوجيا، ويساهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وتقدمًا".
5. نتمنى على الحكومة ان تعيد للبنان عافيته
أعرب عن أمله في أن تنجح الحكومة الحالية في تنفيذ مضمون خطاب قسم الرئيس جوزاف عون، وترسيخ قيم المحبة والوحدة بين اللبنانيين، بما يضمن لهم حياة كريمة وآمنة، وان تعمل باصرار وعزم على تنفيذ خطاب القسم لانه يشكّل حجر الأساس في إعادة بناء لبنان الجديد وعلى أسس ثابتة من الحرية والقانون والعدالة. فلبنان، الذي لطالما كان منارة للحرية والديمقراطية في المنطقة، يحتاج اليوم إلى خطوات جريئة تترجم الوعود إلى أفعال ملموسة، تعيد ثقة المواطنين بوطنهم ومؤسساته، إن تحقيق الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز سيادة القانون، ومكافحة الفساد، وضمان استقلالية القضاء، كلها عناصر أساسية للنهوض بالبلاد، ليستعيد موقعه كبلد يحتضن التعددية ويصون كرامة أبنائه، ليبقى وطنًا للحرية والازدهار".
ختم : "نرفع صلواتنا في عيد البشارة، سائلين العذراء مريم، سيدة البشارة والسلام، أن تبارك وطننا وتحفظه، ليبقى منارة للرجاء والمحبة".
المفتي زكريا
وكانت كلمة للمفتي زكريا اعتبر فيها "أن اللقاء يجسد أصالة مجتمعنا وتقاليدنا العريقة، وان وحدتنا أساس الحفاظ على القيم الأصيلة في مواجهة التحديات"، مشيرًا إلى أن "ما نشهده اليوم من تحديات، وما يطال بعض عائلاتنا من موجات فكرية وسلوكية غريبة عن تربيتنا وقيمنا، يستدعي منا العودة إلى الجذور، وتعزيز ارتباطنا بمبادئنا الأصيلة، لا سيما في ما يتعلق بالأحوال الشخصية، حفاظًا على الأسرة والعائلة التي تشكل نواة المجتمع".
وقال: "نحن هنا اليوم لنجدد التزامنا التكاتف والتضامن، من أجل إعادة لبنان إلى مساره الصحيح، واستعادة وجهه الحقيقي كرسالة للعيش المشترك والتآخي، هذا الوجه الذي طالما تغنينا به وعلينا مسؤولية الحفاظ عليه، عبر مثل هذه المناسبات التي تعكس وحدتنا وتماسكنا".
وأشار إلى "رمزية هذا الإفطار، الذي يتزامن مع عيد البشارة، العيد الوطني الذي يعبر عن تضامن اللبنانيين واحترامهم المتبادل لثقافاتهم المتنوعة"، مؤكدًا أن "هذا اليوم يحمل في طياته رسالة محبة ووحدة، تعزز الأمل في نفوسنا".
وتطرق إلى زيارة رئيس الحكومة إلى طرابلس وعكار، معتبرًا أنها "بمثابة خطوة تبعث الأمل، وتمثل مفتاحًا لتحريك عجلة الإنماء ورفع الحرمان عن هذه المناطق التي عانت طويلًا".
ختم : "ما يميز لقاءنا اليوم هو أننا اجتمعنا العام الماضي في ظل شغور رئاسي، أما اليوم فقد اكتمل العقد الدستوري، وبقي علينا أن نناضل ونكافح لاستعادة لبنان الذي نطمح إليه، لبنان الأمن والازدهار والاستقرار. كل الشكر للمطران سويف على تنظيم هذا اللقاء الجامع، ولكل من شارك وساهم في إنجاحه".
المفتي قدور
شكر المفتي قدور للمطران سويف دعوته ، كما شكر المفتي إمام، والمفتي زكريا، والمطارنة والحضور. وقال: "اليوم نجتمع حول مائدة إفطار المحبة، وهذا الاجتماع بما يحمله من معانٍ سامية يعكس صورة لبنان الحقيقي، لبنان الوحدة والتآخي. لقد استمعت إلى الكلمات الصادقة والعبارات الراقية التي تحدث بها سماحة المفتي وسيادة المطران، والتي تجسد بوضوح قيم العيش المشترك وروح التآلف بين جميع مكونات هذا الوطن".
أضاف: "إذا أردنا أن نبحث عن النموذج اللبناني في أبهى صوره، فإن هذا اللقاء يشكل التعبير الأمثل عن ذلك، حيث يلتقي الجميع تحت راية واحدة، متجاوزين أي اختلافات، ليؤكدوا أن التعددية مصدر قوة، وأن التعايش هو جوهر هذا الوطن".
في ختام كلمته، تمنى ان "تبقى هذه اللقاءات عنوانًا دائمًا للوحدة والتآخي، وأن ينعم لبنان بالأمن والاستقرار والازدهار".
المطران خير الله
بدوره شكر المطران خير الله للمطران سويف حفاوة الاستقبال وتنظيم الإفطار الرمضاني، مؤكدًا أن "فرحتنا اليوم كبيرة جدًا، وعنوان هذا اللقاء هو الرجاء، الذي يمنحنا القدرة على النظر إلى المستقبل البعيد، مستقبل وطن الرسالة والمحبة والتعايش".
وقال: "وجودنا اليوم معًا هو رسالة للعالم الذي لا يستوعب كيف نعيش في هذا البلد كطائفة واحدة وجماعة متماسكة، تمامًا كما فعل أجدادنا وآباؤنا الذين ضحّوا لبناء وطن الإنسان، وطن الحرية والكرامة والعيش المشترك. في الخارج، قد يصعب عليهم تصديق حديثنا عن التعايش، لأن الحقد والأنانية والمصالح السياسية والاقتصادية الضيقة تطغى على العالم، فتؤدي إلى إبادة الشعوب وإنكار الإنسان لإنسانيته. لكننا نقول من هنا: العيش معًا ليس مجرد شعار، بل هو مستقبل الإنسانية، ووجودنا اليوم، مسلمين ومسيحيين، هو أكبر دليل على أن لبنان أقوى من كل التحديات والصعوبات. هذا الإفطار يحمل عنوان الرجاء، لأن الرجاء أقوى من اليأس والإحباط والحروب والانتقام".
ختم:"معًا نبني السلام والإنسان، من أجل مستقبل أولادنا، كي يعيشوا في وطن يليق بهم. لكن من واجبنا جميعًا، كقيادات روحية وسياسية ومدنية، أن نساعد أبناءنا على البقاء في لبنان بدلًا من الهجرة، فهذه مسؤوليتنا المشتركة ".
الأب ياكومي
بدوره، اعتبر الاب ياكومي أن "طرابلس نموذج حي للوحدة بين المسلمين والمسيحيين"، ونقل تحيات المطران أفرام كرياكوس إلى المطران سويف وجميع المشاركين، معربًا عن "اعتذار المطران كرياكوس لعدم تمكنه من الحضور بسبب ارتباطات روحية". وأكد أن "وجودنا هنا اليوم هو تعبير صادق عن تضامننا ووحدتنا، التي تتجاوز الاختلافات الدينية والمذهبية، فنحن أبناء وطن واحد، يجمعنا الإيمان بالعيش المشترك واحترام الآخر".
أضاف: "في طرابلس، هذه المدينة العريقة بتاريخها وتنوعها، نعيش مسلمين ومسيحيين إخوة، لا تجمعنا فقط الجغرافيا، بل روابط المحبة والتآخي. نتقاسم الفرح في المناسبات السعيدة، ونتشارك الحزن في الأوقات الصعبة، لأننا نؤمن بأن قوة أي مجتمع تكمن في وحدته وتكاتفه".
وأشار إلى أن "الظروف التي يشهدها العالم اليوم، من انقسامات وصراعات، تجعل من لقائنا هذا رسالة أمل ورجاء، نؤكد من خلالها أن التعايش ليس مجرد شعار، بل هو أسلوب حياة نجسّده يوميًا في تعاملاتنا وعلاقاتنا".
ختم : "إن مسؤوليتنا جميعًا، كقيادات روحية ومدنية، أن نرسّخ هذه القيم في نفوس أبنائنا، ليظل لبنان منارةً للعيش الواحد، ونموذجًا يحتذى به في التآخي بين الأديان والثقافات".
المطران ضاهر
واكد المطران ضاهر ان "اللقاء هو لقاء الوحدة وتأكيد العيش المشترك وتجاوز الانقسامات"، آملا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، يدخل وطننا مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والمؤسساتي"، وقال:" "نشكر المطران سويف على استضافته هذا اللقاء، الذي أصبح جزءًا من تراثنا وتقاليدنا الراسخة عبر الأجيال. كما ذكرتم، فقد بدأ هذا التقليد مع المطران والحاج رحمهما الله، واستمر ليجسد روح العيش المشترك. واليوم، يتزامن هذا الإفطار الرمضاني مع عيد البشارة الوطني، وهو مناسبة تجمع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، شرقًا وغربًا، في زمن الصوم، حيث نلتقي بروح الرجاء والوحدة، في مشهد يعكس صورة لبنان الحقيقية".
أضاف: "ما يجمعنا هنا ليس فقط مائدة الإفطار، بل القيم التي نحملها، إذ نلتقي من مختلف الأطياف والأحزاب والانتماءات، نتشارك لقمة العيش، ونؤكد على معاني الخبز والملح التي ترسّخ الأخوة والتضامن. فرسالتي اليوم ليست مجرد كلام جميل نسمعه أو نقوله، بل دعوة صادقة إلى ترجمة هذه القيم على أرض الواقع، بحيث نكون كمسؤولين، روحيين وسياسيين، قريبين من أهلنا، ونعمل معًا لتعزيز ثقافة تقبّل الآخر والتفاعل الإيجابي معه".
تابع: "كما تفضل سيدنا، التعددية التي نعيشها ليست مصدر خلاف، بل هي ثراء يجب أن نحتضنه، وعلينا أن نرى في اختلافاتنا فرصة للتكامل، لا عاملًا للفرقة. رغم الصورة التي يُروَّج لها في الإعلام عن طرابلس، فإن تجربتي الشخصية مع أهلها وعائلاتها تؤكد أن هذه المدينة لا تزال تحمل روح التآخي والعيش المشترك. إننا نؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة الصف، ورفض كل أشكال الفتن والتفرقة، ونسعى لأن يكون هذا اللقاء وغيره من المناسبات محطة لتعزيز الروابط بين جميع أبناء الوطن. نجدد الشكر ونسأل الله أن يكون هذا الشهر الفضيل شهر خير وبركة على الجميع، وأن نبقى دائمًا ملتقين على المحبة والسلام."
ختم: "بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة، يدخل وطننا مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي والمؤسساتي، ما يعيد الأمل للبنانيين بإمكان استعادة دولتهم لدورها الفاعل. فمع وجود قيادة واضحة، يصبح الطريق ممهّدًا لتنفيذ الإصلاحات الضرورية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وإعادة ثقة الداخل والخارج بمؤسسات الدولة. كما أن تشكيل حكومة متجانسة وفاعلة يُسهم في معالجة الأزمات المتراكمة، من الأوضاع المالية والمعيشية إلى الملفات الحيوية، كما يمكن للبنان أن يعزز علاقاته الدولية، ويستقطب الاستثمارات التي تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد. الأهم أن هذه المرحلة يجب أن تؤسس لنهج جديد في الحُكم، قائم على الشفافية والمحاسبة وبناء دولة المواطنة بعيدًا من المحاصصة. وحدها الإرادة الوطنية الصادقة كفيلة بترسيخ الاستقرار، ليعود لبنان منارة لليمقراطية والحرية والازدهار في المنطقة".
وقدم المطران ضاهر للمطران سويف ايقونة للقديس مارون، عربون محبة وتقدير لدوره الكنسي والوطني.
المفتي امام
وفي الختام القى المفتي إمام كلمة قال فيها: "الصوم عبادة مشتركة تحصّن الإنسان وتوحّد الأمم، الصوم عبادة راسخة في الشرائع السماوية كافة، وهو قاسم مشترك بين الأمم، كما جاء في كتاب الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). فالصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة روحية وسلوكية، يتهذب بها الإنسان، ويتحصن من الأهواء والرذائل، ويترفع عن النزوات والسلوكيات السلبية. هذا ما نتعلّمه من سيدتنا مريم، عليها السلام، في القرآن الكريم. فقد اختارت الصوم ملاذًا لها في لحظة عصيبة، حين جاءها المخاض ووضعت سيدنا المسيح، كما ورد في قوله تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26))".
تابع: "لقد كان الصوم ملجأً لسيدتنا مريم في تلك اللحظات العصيبة، إذ أيقنت أن الله سيتكفّل بالدفاع عنها، وكان المطلوب منها فقط الصوم عن الكلام، في موقف بالغ الصعوبة أراده الله لحكمة عظيمة، ليُظهر قدرته في الخلق، وليجعل منها آية للعالمين".
وأشار إلى أن "الصوم تجربة داخلية عميقة، تتغلغل في النفس البشرية، فتجعل الإنسان أكثر صفاءً وقربًا من ربه، كما تمنحه القوة لمواجهة المخاوف والتحديات. وهو عبادة تتشاركها الأمم، وتجتمع عليها البشرية عبر العصور، لما تحمله من أبعاد روحية وإنسانية".
وعن اللقاء الرمضاني السنوي، قال المفتي إمام: "إن اجتماعنا اليوم حول هذه المائدة المباركة ليس مجرد تقليد اجتماعي، بل هو بدعة حسنة تحمل دلالات عظيمة في وجداننا، وترسّخ قيم الأخوّة والتآلف بين أهلنا في طرابلس والشمال. فهذه اللقاءات ليست مجرد ممارسات شكلية، بل هي جذور ضاربة في أعماق النفوس، تذكّرنا بروح المشاركة والتلاقي".
أضاف: "للمائدة رمزيتها العميقة في التاريخ الديني، فقد ذُكرت في القرآن الكريم في سورة المائدة، حيث اجتمع سيدنا المسيح مع حوارييه حول مائدة تحققت فيها معجزة ربانية. ومن هنا، فإن اجتماعنا اليوم يحمل ذات المعاني السامية، إذ تستحضر هذه المائدة قيم الإخاء التي جمعت الأنبياء والرسل والمؤمنين من قبلنا".
تابع: "لقد مرّ لبنان بظروف قاسية وتحديات جسام أثقلت كاهل شعبه، لكننا نبقى متمسكين بالأمل والرجاء، راجين أن تبدأ بلادنا بالخروج من أزماتها، خطوةً بعد خطوة. غير أن ما يبقى ثابتًا وسط كل العواصف هو البعد الروحي وجوهر الإنسان، فهو الأصل الذي لا يتزحزح، وهو الذي يجمعنا على المحبة، ويدفعنا إلى السعي من أجل الخير العام".
ختم: "إن توجيه الناس نحو التسامح والمغفرة هو من أعظم القيم التي يجب أن نرسّخها في مجتمعنا، وهذا ما يُعبّر عنه الساسة بمبدأ "لا غالب ولا مغلوب". فالتسامح ليس ضعفًا، بل هو قوة، وهو السبيل الوحيد لبناء وطن يتسع للجميع، حيث تسود المحبة، ويترسخ السلام".
====ج.س