وطنية - أطلقت نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، برعاية وزير العدل عادل نصار وحضوره، "شاهدة التدقيق الجنائي"، في احتفال اقيم في مقر النقابة، شهد توقيع بروتوكول التعاون بين النقابة وديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام ليعزز هذا الدور الريادي في مكافحة الفساد وترسيخ معايير النزاهة في القطاعين العام والخاص.
وتهدف هذه الشهادة إلى تأهيل أكبر عدد من المكاتب المتخصصة في هذا المجال، وتعزيز قدرات أعضائها في كشف الفساد والتلاعب المالي، نظرا إلى الدور المحوري الذي يلعبه المدققون الجنائيون في حماية المال العام وضمان الامتثال الضريبي.
حضر الاحتفال ممثل وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار ورئيس جهاز قوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبد الله العميد الركن زياد قائد بيه، ممثل وزير العمل محمد حيدر حسن مزيحم، ممثل المدير العام لأمن الدولة اللواء إدغار لاوندوس، نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان إيلي عبود، رئيس ديوان المحاسبة القاضي الدكتور محمد بدران، رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية، رئيس هيئة محققي الاحتيال المعتمدين في مصر والأردن حسام الشافعي، عضو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الدكتور علي بدران ممثلا رئيس الهيئة القاضي كلود كرم، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، ممثلة نقيب المحامين في طرابلس زينا المصري، ونقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، امين عام هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان الاستاذ عبد الحفيظ منصور، مدير الاحصاء المركزي الاستاذة ماريا نلبنديان.
كما حضر ممثلون عن الأحزاب، رؤساء الجامعات، النقباء السابقون واعضاء مجلس النقابة.
النقيب عبود
واستهل الاحتفال بكلمة للنقيب عبود، قال فيها: "منذ السابع من حزيران من العام الفائت تاريخ نيلنا ثقة الجمعية العمومية كنقيب و٩ أعضاء لمجلس النقابة والنقابة تعمل كخلية نحل نقيبا ومجلسا ولجانا متخصصة، رغم كل الظروف الصعبة والأوقات الأليمة والعصيبة التي مررنا بها خلال النصف الثاني من عام ٢٠٢٤ وما خلفته من دمار ومآس، نتيجة العدوان الاسرائيلي على لبنان".
أضاف: "إنها المرة الأولى منذ عشرات السنوات التي تتكاتف فيها كل الجهود والهمم، حيث يقف جميع الزملاء في الجمعية العمومية خلف هذا المجلس ويجددون الثقة به، وما الجمعيتين العموميتين غير العاديتين المنعقدتين في ٢١ آب ٢٠٢٤ و٥ شباط ٢٠٢٥، إلا خير دليل على ذلك. إن هاتين الجمعيتين التي بموجبهما تم وضع رؤية طويلة الأجل وتأمين استدامة مالية لصندوق التقاعد وتأمين معاش تقاعدي يليق بخبير المحاسبة ابتداء منذ تموز من العام الحالي، كما في تحمل النقابة جزءا من التكلفة الاستشفائية لأعضائها، ناهيك عن اقتراح تعديل لقانون مزاولة المهنة لناحية إنشاء هيئة التحقيق المهني المخولة إعطاء الإذن بملاحقة الخبير قضائيا في معرض ممارسته مهنته، وسيتقدم مجلس النقابة غدا الخميس بمشروع تعديل قانون تنظيم المهنة في هذا الخصوص إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وكما سيتقدم من دولته بطلب رعاية مؤتمر النقابة الدولي 22 تحت عنوان: الشمول المالي - لاقتصاد مستدام".
وتابع: "إننا اليوم في صدد استعادة موقعنا لنصبح الصرح النقابي المهني الوطني الأول في لبنان، إن هذا الصرح هو نقابتكم، نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان التي بدأت بتقديم تدريب مهني مستمر يواكب متطلبات العصر وممارسة المهنة لأعضائها وبما له أيضا من أهمية على الصعيد الوطني أكان من خلال تنظيم فعاليات هذا الدبلوم في التدقيق الجنائي برعاية كريمة لمعالي وزير العدل ومنتدى أخلاقيات وقواعد ممارسة المهنة، بحضور رئيس الإتحاد الدولي للمحاسبين IFAC وبرعاية معالي وزير المال، كما وتنظيم منتدى الاستدامة برعاية وزير الاقتصاد ومؤتمرمتخصص حول تطبيق معاييرالمحاسبة الدولية في القطاع العام برعاية وزير المال أيضا وندوة عن مقترحات لجنة الإصلاح المالي والمصرفي في النقابة المزمع عقدها خلال حزيران أيضا، حيث ستطلق النقابة من خلالها مقترحاتها التي تعتبر الحجر الأساس في وضع مسودة قانون عصري لتعديل قانون النقد والتسليف الحالي".
وتوجه عبود إلى خبراء المحاسبة، وقال: "أنتم اليوم كمدققي حسابات وحدكم مخولون القيام بمهام التدقيق الجنائي وهنالك العديد من مكاتب الزملاء أكانت أجنبية، وهي مسجلة في النقابة وفق الأصول أم غير أجنبية التي تتمتع بالكفاءة والخبرة اللازمة للقيام بهذه المهام، وما إطلاق النقابة اليوم لشهادة التدقيق الجنائي المخصصة لما يقارب ٧٥ مشاركا، إلا إيمانا منا بتطوير قدرات وخبرات أعضاء النقابة وزيادة عدد المكاتب المتخصصة في هذا المضمار حيث سنقوم بتنظيم ثلاث دورات إضافية لهذا الدبلوم خلال العام الحالي. وهنا، لا بد أن نشدد ونتشدد بتطبيق متطلبات قانون تنظيم المهنة الذي يحدد حصرية تنفيذ مهام التدقيق الجنائي للأعضاء والشركات المسجلة في سجل النقابة، وإن أي شركة أجنبية لا يحق لها القيام بهذا العمل، إلا وفق مبدأ المعاملة بالمثل، وبعد تسجيلها رسميا لدى النقابة".
وأكد عبود أن "محاربة الفساد وكشف الفاسدين الذين اختلسوا المال العام من خلال استغلالهم لنفوذهم وسلطتهم لا يتحقق بالشعارات الموسمية وبتصريح من نائب من هنا أو نائب من هناك أو من رئيس لجنة برلمانية يبادر بمساءلة وزير من هنا أو من هناك، وهذا حقه وواجبه، لكنه يتم بشكل انتقائي"، وقال: "رغم مشروعية هذه المساءلة، تبقى هناك علامات استفهام حول خلفياتها وأسبابها والمستفدين من ورائها".
ثم توجه عبود إلى وزير العدل، فقال: "أنتم اليوم بشخصكم الكريم وبما تتمتعون به من مناقبية ومهنية كوزير للعدل ومع انطلاقة عهد الرئيس العماد جوزاف عون الضمانة والأمل وكل الأمل لجميع اللبنانيين بوضع آلية شفافة للبدء باعتماد التدقيق الجنائي على كل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، ابتداء من وزارة الطاقة، وليس انتهاء بوزارة المالية، لا سيما عقد تعيين Alvarez and Marsal بقيمة ٢.٦ مليون دولار".
وختم: "بناء على نتائج هذا التدقيق، تتم محاسبة ومساءلة جميع المرتكبين ومختلسي المال العام. وفي هذا السياق، ستكون النقابة الضامن الأول لمسيرة هذا العهد، مسيرة الإصلاح المالي في لبنان، ولن تثنينا بعض الطفيليات والأقلام المغمورة والمأجورة من هنا ومن هناك عن القيام بدورنا الوطني من خلال إنفاذ مهام التدقيق الجنائي الموكلة، والتي ستوكل إلى أعضاء النقابة، إيمانا منا بأهمية المحاسبة والانطلاق في بناء دولة القانون والمؤسسات. ومن هنا، تأتي أهمية توقيعنا لبروتوكولات التعاون مع هيئتين حكوميتين رائدتين، ألا وهما ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام".
الشافعي
ثم تحدث رئيس هيئة محققي الاحتيال المعتمدين في مصر والاردن حسام الشافعي عن "أهمية التدقيق الجنائي وقوته وهدفه"، وقال: "في ظل التطور السريع للمشهد المالي اليوم، ازدادت عمليات الاحتيال والفساد وسوء السلوك المالي تعقيدا، وبالتالي التدقيق التقليدي، رغم أهميته، لم يعد كافيا. ولذا، يجب أن يتجاوز التدقيق الجنائي مجرد الأرقام".
وأوضح أن "التقنيات المحددة والتخصصية في التدقيق الجنائي، ليست هي نفسها عند إجراء التدقيق المنتظم"، وقال: "من خلال هذه الدبلومة، سنبذل قصارى جهدنا لتأكيد المهارات الإضافية التي يحتاج إليها المدققون للتدقيق الجنائي".
العلية
وألقى العلية كلمة قال فيها: "يشرق نور العهد الجديد ويزداد الأمل بالعبور إلى دولة الحق والقانون، حيث البداية لتسيير المرافق العامة بتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب".
وتوجه إلى وزير العدل بالقول: "إن رؤية دولة الحق والقانون لا تكتمل ولا يمكن التماسها ما لم يوضع المفسد والفاسد في المكان المناسب. غاب عن إداراتنا ومؤسساتنا مبدأ كرسه قانون الشراء العام هو مبدأ التخطيط، فأوجب في المادة 11 منه على الجهات المشمولة بأحكامه وضع خطط سنوية للشراء العام. كما كرس النزاهة في النص، فعرف في المادة الثانية منه الفقرتان 29 و30 تضارب المصالح والتواطؤ. وربطا بهذا التعريف، أورد في المادة 110 منه قواعد ملزمة للنزاهة معرفا الممارسات الاحتيالية والممارسات القهرية والممارسات الفاسدة في مجال الشراء العام."
وفي اطار شرحه لقانون الشراء العام، قال العلية: "حتى لا تبقى هذه النصوص مجرد نصوص نستذكرها في ورش العمل والندوات، كان لا بد من وضع إطار عملي يسمح باكتشاف المؤشرات على هذا النوع من المخالفات أو ما نسميه في علم التدقيق "الأعلام الحمراء" وهي المؤشرات التي يتحرى عنها المدقق الجنائي للاستدلال على إمكانية وجود جرائم مالية."
أضاف: "إن دور هيئة الشراء العام محدد في المادة 76 من القانون، والتي أعطيت 25 صلاحية لا مجال لذكرها الآن، ولكن على سبيل المثال لا الحصر، دور الهيئة هو التدقيق اللاحق لاكتشاف المخالفات وإحالتها على المراجع الرقابية الإدارية والمراجع القضائية المختصة عند الاقتضاء، فكان بروتوكول التعاون الذي نحن اليوم بصدد توقيعه مع نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان. ونأمل أن يسهم هذا البروتوكول في تطوير آداء الكشف عن المخالفات المالية."
بدران
ثم القى بدران كلمة نوه فيها بـ"إطلاق شهادة التدقيق الجنائي، التي تمثل علامة فارقة في مسيرة تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في لبنان"، وقال: "هذه المبادرة تأتي في وقت نواجه فيه تحديات جسيمة في مجال حماية المال العام، وتتطلب منا اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز الحوكمة المالية وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة، وهي بذلك، خطوة متقدمة نحو تعزيز العمل الرقابي وتأهيل الكوادر القادرة على مواجهة التحديات المتزايدة في مكافحة الفساد والاحتيال المالي".
وشدد على أن "هذه المبادرة، التي تنظمها نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، تعكس التزاما جادا بتطوير مهنة التدقيق وترسيخ معايير النزاهة والشفافية في العمل المحاسبي والرقابي"، وقال: "التدقيق الجنائي ليس مجرد أداة رقابية تقليدية، بل هو آلية متقدمة تستخدم في التعامل مع القضايا المالية التي قد تصل إلى حد الجرائم المنظمة، مما يستوجب تحليلا معمقا للبيانات المالية وتقييما متخصصا للأدلة، بهدف الكشف عن الجرائم المالية وملاحقة مرتكبيها وفق الأصول القضائية المعتمدة. ومن هنا، تأتي أهمية تعزيز التعاون بين ديوان المحاسبة ونقابة خبراء المحاسبة المجازين، والذي سيتوج اليوم بتوقيع بروتوكول تعاون يهدف إلى توحيد الجهود وتبادل الخبرات من أجل تطبيق أفضل المعايير الدولية في التدقيق والرقابة المالية".
أضاف: "إدراكا لأهمية دوره الرقابي المحوري في التثبت من حسن إدارة المال العام، كأعلى هيئة رقابية مالية في الدولة، عمل ديوان المحاسبة على تطوير آليات الرقابة لمواكبة المتغيرات المستجدة. وفي هذا الإطار، شهدت الفترة الأخيرة تعديلات تشريعية مهمة، أبرزها القانون رقم 329 الصادر بتاريخ 4/12/2024 ، الذي تناول رفع سقوف المعاملات الخاضعة للرقابة الادارية المسبقة، فضلا عن تحديث الغرامات المفروضة على المخالفات المالية، مما يشكل خطوة محورية نحو تعزيز فعالية الرقابة وحماية المال العام".
وأكد بدران أن "حماية المال العام وتعزيز المساءلة مسؤولية جماعية تستدعي تضافر الجهود بين المؤسسات الرقابية والمهنية، وهو ما نجسده اليوم من خلال هذه الشراكة الاستراتيجية"، وقال: "من هذا المنطلق، أؤكد التزام ديوان المحاسبة دعم كل المبادرات التي تهدف إلى تعزيز النزاهة وتطوير العمل الرقابي، وبناء كفاءات قادرة على مواجهة التحديات المالية الحديثة".
وختم: "إن مسار تعزيز الحوكمة المالية والمساءلة ليس خيارا، بل التزام مشترك، ومسؤولية جماعية. ومعا، نصنع فرقا، ونرسخ أسسا لمستقبل أكثر شفافية ونزاهة".
نصار
من جهته، قال وزير العدل: "إننا جميعا في ورشة، وهذا البروتوكول يظهر أن هناك تعاونا جديا من قبل مؤسسات الدولة مع مدققي المحاسبة، مما يعني وجود رغبة وجهود مبذولة من اجل ترسيخ الشفافية في لبنان".
أضاف: "نعمل راهنا على ترسيخ جو عام تنبع منه الثقة لدى المجتمع، بأن الامور تسير نحو التطور، وهذا ما يجب ان نلمسه يوميا، اذ من دونه لا نستطيع أن نخلق ثقافة جديدة في لبنان".
واذ شدد على أن "موضوع الثقة اساسي"، رأى نصار أن "المشكلة في البلد تتمثل بفقدان الثقة"، وقال: "بالتالي، علينا مهام اساسية لا تتوقف على الاعمال التي نقوم بها، بل ايضا علينا ان نجعل المجتمع يدرك ان هناك ثقافة جديدة في البلد يمكن بالاستناد اليها ان يثق بالقدرات المحلية".
أضاف: "إذا كان هناك بعض الحالات السيئة، فهذا لا يعني ان نفقد الثقة بمؤسساتنا في القطاع العام أو الخاص".
وشدد على أن "القضاء اللبناني عانى الكثير، خصوصا انه تحمل كل وزر المشاكل في لبنان"، لافتا إلى أن "القضاء يواجه ويعمل في ظروف صعبة جدا"، متمنيا "أن يحصل على الدعم ويجد كل القدرات اللازمة التي تساعده في متابعة الملفات الشائكة"، وقال: "القاضي لا يواجه فقط صعوبات ناتجة من تدخلات سياسية، بل هو ايضا يواجه كل الضغوط الآتية من الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح عمل القاضي صعبا جدا لان ظروف العمل تزداد صعوبة، حيث الاستقلالية والحيادية تتطلبان جهودا اكبر واكبر لان المجتمع بدوره يتغير".
أضاف: "لبنان اليوم امام تحديات عدة منها الصدقية التي بدورها تشكل تحديا للقضاء كي يستعيد هيبته"، ونتمنى خلال فترة سريعة ان نقول اننا نحب قضاءنا، كما نقول اننا نحب جيشنا".
وتابع: "إن العمل سيكون دؤوبا فمواجهة الشوائب بدأت، ولكن لا يجوز أن نفقد الاساس، والاساس هو أن لدينا قضاء فاعلا يصدر احكامه، وفي معظمها يمكن أن نفتخر بها ونترجمها ونظهرها أمام كل دول العالم. في المقابل، هذا لا ينفي أن الورشة الاصلاحية ضرورية، لكنها لا تعني أن ما كان موجودا هو عاطل. علينا استعادة الثقة بقدرتنا، ونعترف للقضاة بالجهود التي يقومون بها".
وأشار إلى "أن forensic audit امر ضروري، وإن كانت كلمة جنائي "تنقز"، لكن في النهاية لا يجوز أن نخاف لأن هذا التدقيق يهدف الى عرض نتائجه أمام المحاكم لمعالجة الملفات الشائكة والصعبة، والتي حصل فيها التلاعب"، وقال: "أصبح التدقيق الجنائي في لبنان ضرورة. وفي الوقت عينه، لا نتوقع النتائج بين ليلة وضحاها، لأن الثقة تبنى يوما بعد الآخر".
أضاف: "علينا ان نصالح المجتمع اللبناني مع أجهزة الدولة، والمدخل يكون من خلال التدقيق الجنائي المحلي، فالخبرات موجودة لكن الثقة مفقودة".
ورأى أن "الخطوة الاولى تكون ببناء الثقة بين المجتمع والقضاء، وهذا ما سيمنح الصدقية، لكل العاملين في قطاع العدالة في لبنان".
دروع تكريمية
واختتم الاحتفال بتقديم الدروع التكريمية لكل من بدران، علية، الشافعي، ونصار.
================== ن.ح