وطنية - عقد معهد الصحة العالمية في الجامعة الأميركية، من خلال قسمه الأكاديمي وبرنامج طب النزاعات فيه، ندوة بعنوان: "إعادة تشكيل تعليم العناية الصحية النظامي: الرؤى وخارطة طريق للتبني،" حضرها أصحاب اهتمام رئيسيون من الأوساط الأكاديمية ومنظمات العناية الصحية والقطاع الإنساني. ركزت الندوة على مستقبل تعليم العناية الصحية في البيئات المتأثرة بالنزاعات ودور التعاون المتعدّد التخصصات في تعزيز برامج التدريب. وهدفت إلى استكشاف مسارات عملية لدمج التدريب المستجيب للنزاعات في مختلف مناهج العناية الصحية، ما يعزز تطوير فرق العناية الصحية المهيّأة للانتشار والقادرة على توفير العناية التي تركز على المريض في النزاعات والبيئات الهشة.
افتتح الندوة وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الدكتور زاهر ضاوي، وأكد "التزام الجامعة تطوير تعليم العناية الصحية، ومسؤوليتها في تدريب مهنيين قادرين على مواجهة التحديات في أماكن هشة تسودها النزاعات".
أما المدير المؤسِّس لمعهد الصحة العالمية الدكتور شادي صالح، فأكد الحاجة الماسة لمواءمة التثقيف الصحي العالمي مع السياقات المحلية".
ودعا إلى "نهج أكثر اشتمالاً وأوسع تعدّداً للاختصاصات يدمج التمريض والصيدلية والعلاج الفيزيائي والصحة العقلية لتجهيز أخصائيي العناية الصحية بشكل أفضل للاستجابة لتعقيدات بيئات النزاعات".
خطاب الندوة الرئيسي ألقاه الدكتور غسان أبو ستة، مدير برنامج طب النزاعات في معهد الصحة العالمية. وركّز على الحاجة إلى تجاوز العناية التقليدية بضحايا الصدمات من خلال إدراك تأثير القوى الاقتصادية والجيوسياسية في قولبة النزاعات.
وأشار إلى" الفجوات الحرجة في التعليم الطبي، ولا سيما عدم وجود تدريب هيكلي للعناية المتابعة بمصابي الصدمة"، وشدد على "أهمية وجود بروتوكولات انتهاء الاستشفاء، وتحسين تخصيص الموارد، وتجهيز أخصائيي العناية الصحية بالمهارات لإدارة المضاعفات الطويلة الأجل. وباستخدام بيانات من بيئات النزاعات، أظهر الدكتور أبو ستة أن أعداد الوفيات الناجمة عن أسباب لا تتعلق مباشرة بعنف النزاعات، من مثل المرض وسوء التغذية وعدم كفاية العناية الصحية المتابعة أثناء النزاعات تتجاوز بكثير تلك الوفيات الناجمة عن العنف المباشر، مما يجعل من الضروري إعادة التفكير في كيفية تعليم طب النزاعات وتطبيقه".
بعد ذلك عقدت جلستا حوار بين الخبراء استكشفتا الأبعاد المختلفة لتعليم العناية الصحية في بيئات النزاعات.
الجلسة الأولى، التي أدارتها رئيسة نقابة الممرضات والممرضين في لبنان عبير علامة، سلّطت الضوء على التجارب المُعاشة لمهنيي العناية الصحية في مناطق النزاعات وسبرت الفجوات الحرجة في الأطر التعليمية الحالية والتدريب العلاجي، مؤكدة " المهارات الأساسية التي ينبغي دمجها في مناهج العناية الصحية". وضم المشاركين في الجلسة ميا عطوي، الطبيبة النفسية المعالجة والمؤسِّسة المشاركة للمنظمة غير الحكومية في لبنان امبرايس (احتضان)، ورئيستها؛ مستشار إعادة التأهيل في حالات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في سويسرا بيتر سكيلتون، رئيس نقابة الصيادلة في لبنان الدكتور جو سلوم، رئيسة خدمة حماية وتعزيز الصحة في مقر الأونروا في الأردن الدكتورة ريهام جفال. وسلطت المناقشات الضوء على التعقيدات الأخلاقية لتوفير العناية في البيئات الهشة ومحدوديات النماذج التدريبية القائمة، والحواجز البنيوية التي تعيق الاستجابة الفعالة للأزمات.
الجلسة الثانية أدارتها الدكتورة سمر نورالدين، عميدة كلية رفيق الحريري للتمريض والأستاذة فيها، في الجامعة الأميركية في بيروت. واستكشفت الجلسة الاستراتيجيات العملية لتضمين التدريب المتعلق بالنزاعات في أطر تعليم العناية الصحية. وقد شارك في الجلسة عميد كلية الصيدلة في الجامعة اللبنانية الأميركية والأستاذ فيها الدكتور ناصر الشريف، مديرة مجلس التدريب للطب النفسي في مجلس التخصص الطبي السوداني الدكتورة فتحية شبو، أستاذة ورئيسة قسم العلاج الفيزيائي في جامعة بيروت العربية الدكتورة ابتسام صعب، و عميد كلية الصيدلة بجامعة عدن في اليمن الدكتور خالد السويدي، وناقشوا أهمية دمج إدارة الأزمات، واتخاذ القرارات أخلاقياً، والحساسية الثقافية في مناهج العناية الصحية. وقد أكدوا الحاجة إلى التعاون بين المهنيين، والحياد الطبي، والتدريب الأخلاقي البنيوي، مع الدعوة إلى الأساليب التعليمية المبتكرة مثل التعلم القائم على المحاكاة والتعليم عن بعد لتعزيز الجهوزية العملية لبيئات النزاعات.
يُذكر أن هذه الندوة شكلت منصة للمناقشة المستمرة للحوار الذي أطلقه معهد الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام في ندوة "دمج طب الصراع في التعليم الطبي - ضرورة وتحدي للوضع المتأثر بالصراع،" والتي أبرزت الحاجة إلى دمج طب النزاعات في مناهج كلية الطب.
ووسعت الندوة الثانية نطاق الحوار لإشراك مجموعة واسعة من الاختصاصيين في مجال العناية الصحية، مما يعزز دور المعهد في تشكيل تعليم العناية الصحية المتعلقة بالنزاعات. وسلطت الندوتان الضوء على الحاجة الملحة لتجهيز أخصائيي العناية الصحية بالمهارات اللازمة للعمل بشكل فعال في أماكن النزاعات، مما يمثل خطوة كبيرة نحو ترسيخ طب النزاعات كعنصر أساسي في جميع البرامج النظامية لتعليم العناية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
=====ج.س