الخطيب: لانتخاب لبنان القوي القادر على حماية نفسه بالشعب والجيش والمقاومة

وطنية - أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها: "قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } الأحزاب 70 - 71".
 
اضاف: "ايها الاخوة المؤمنون، ان اكثر الخطابات التي وجهها الله تعالى سواء للمؤمنين او الى الناس بشكل عام سبقها الدعوة لهم بالتزام التقوى، ولكن اكد ذلك بالنسبة للمؤمنين وانهم مطالبون بها اكثر من غيرهم، أولا لانهم مؤمنون واصحاب رسالة، وهذا يتطلب منهم التزام ممارسة هذا الايمان وهم أحق به من غيرهم، فليس صحيحا ان يدعو حملة الرسالة بما تتضمنه من تعاليم وقيم وشرائع الناس الى الايمان بها وتطبيقها في حياتهم، فيما هم لا يلتزمون ذلك في واقعهم العملي، فضلا عن مخالفتهم لها والعمل بما يتنافى مع هذا الايمان الذي يعني خلوه من المعنى والفاعلية في الحياة، فإن الايمان بنفسه وان كانت له قيمته الخاصة الا انه مع عدم تأثيره على سلوك المؤمنين وتصرفاتهم في الحياة يفقده التأثير الذي يجب ان ينعكس على الفرد والمجتمع".
 
وتابع: "الايمان هو عبارة عن القاعدة والرؤية والمنظومة الفكرية التي يستند اليها ويبنى عليها كل ما يتصل بحياة الانسان الفردية والجماعية من تصرفات وعلاقات تحتم التطابق بين ما يؤمن به وما يقوم به من اعمال، ومع عدم مراعاة هذا التطابق تحصل الازدواجية والانفصام بين ما يؤمن به وبين ما يمارسه في حياته العملية وهو ما يخالف المنطق ، ويخلق لدى المؤمن حالة من الاضطراب النفسي على الصعيد الفردي والفوضى على الصعيد المجتمعي، وما ينتج عنه من اخطار كارثية على الحياة البشرية وبقائها، فالعلاقة بين الايمان والسلوك بمثابة الارتباط العضوي وبمقدار تطابقهما تستقيم الحياة وتستقر، وبمقدار تخالفهما تضطرب وتنحو باتجاه الهاوية والخراب، لأن الايمان ليس مجرد طقوس مجردة يمارسها الانسان في حياته لا علاقة لها بالواقع الذي يعيشه، وهي في اثرها كما القوانين الطبيعية التي يترتب على عدم رعايتها خطر البقاء، والوجود سواء كان ذلك عن علم او عن جهل".
 
وقال: "وحيث ان الانسان يتأثر  بالسلوك اكثر مما يتأثر بالكلام، فإن مخالفة الانسان بعمله لما يدعو اليه بلسانه سيكون منفرا للآخرين ومانعا لهم من التصديق والايمان، وهو بذلك كان عامل اضلال وفساد لن تقتصر تداعياته عليه فقط وانما ستتعداه الى الآخرين، ولهذين العاملين الخطيرين جاء الخطاب الالهي للمؤمنين بالتزام التقوى وخطورة الوقوع في هذا التباين بين دعوى الايمان وبين مخالفته وعدم ألتطابق بينهما، فإن الايمان الحقيقي هو الايمان الفاعل والعملي ( يا ايها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون )الصف :2،3، وعلى هذه القاعدة ومن هذا المنطلق دعا المؤمنين الى التقوى وهو الحذر من النتائج الدنيوية الخطيرة التي تفضي اليها المخالفة العملية لمقتضى الايمان مضافا للنتائج الاخروية وهي التعرض للسخط الالهي والذي عبر عنه بالمقت عند الله تعالى لمخالفته مقتضى العبودية له من حق الطاعة والالتزام باوامره ونواهيه مما يفقده التوفيق الالهي بإيكاله لنفسه، فلا يهتدي للحق طريقا في الحياة الدنيا واستحقاقه للعقوبة الاخروية، والنتيجة هي الخسران في الدنيا والآخرة".

وأكد "إن الحرص على ان يوفق الانسان بين الايمان وبين الفعل، وبين القول والفعل يؤدي الى النتائج التي يرجوها الانسان ويأملها من الحصول على رضا الله تعالى وتوفيقه بارشاده وهدايته الى طريق الحق والصواب والوصول الى مبتغاه في الدنيا والآخرة ولأهمية القول السديد، وهو التزام قول الحق ونصرته والابتعاد عن استخدام الكلمة لنصرة الباطل ولاغراض دنيوية حقيرة باللسان تارة وبالكلمة المكتوبة اخرى، لما لها من تأثير على النفوس الضعيفة بقلب الحقائق وتشويهها او الافتئات على اهل الحق وتخذيل الرأي العام او تأليبه عليهم التي هي احدى اخطر طرق الحروب التي يتعرض لها نهج الحق والصدق في سعيه الدائم للاصلاح ومواجهة الظلم والفساد".
 
وقال: "ان نهج الحق والصلاح يتعارض مع هذا الاسلوب الخاطئ وينأى بنفسه عن استخدامه ويحرص على التمسك بالمعايير الالهية الحقة حتى مع العدو، كما قال امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (والله لا اطلب الحق بالجور )، والكلمة احدى الامرين قد تكون اداة للباطل وقد تكون اداة للحق، فقد يتوهم ان تكون كلمة الباطل احدى ادوات الانتصار ولكن الحقيقة غير ذلك في ميزان الله تعالى، لذا أمرنا باجتناب ذلك والحرص على التزام قول الحق وان الفلاح فيه، وإن بدا لنا خلافه، ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم  ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) الأحزاب 70 - 71".
 
وتابع: "لقد رتب الله تعالي على قولنا الصواب والحق ثلاث نتائج كل واحدة منها اعظم من الاخرى بما ينسجم مع ايمانه، الاولى: صلاح الاعمال وهي تحقيقها الاغراض التي بها صلاح الفرد والمجتمع، الثانية: غفران الذنوب والنجاة من عقاب الله تعالى وسخطه وهي واحدة من اهم الاغراض التي يسعى اليها المؤمن، الثالثة: الفوز العظيم وهو النجاح في الامتحان وعبوره الاختبار وتجاوزه بدرجة الامتياز".
 
وأعلن "ان الامتحان الكبير الذي نمر به اليوم هو التزام كلمة الحق وهي ميدان الاختبار الذي سقط به العالم الذي يدعي الحضارة ويتفاخر بها على الآخرين وملك الامكانات الهائلة التي سمحت له باستخدام الوسائل المتقدمة للتأثير على الرأي العام العالمي وقلب الحقائق وتضليل الشعوب التي أعفت نفسها من بذل الجهد اللازم لتبيين الحقائق واظهار الزيف المدعى، لكن النجاح الذي احرزته هذه الحضارة سرعان ما بان زيفها وسيكون مآلها الزوال وهذه حقيقة ربانية، وهي سنة تاريخية من السنن الالهية لها شروطها التي ان تحققت ستجري بلا شك، (وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا) الاسراء-81.ان الحق هو ما يحق وما يكون له الثبوت والدوام  والتمكن بقوته الذاتية مهما بدت ضعيفة، اما الباطل فانه لا حقيقة له ولا دوام ولا تمكن مهما بدا قويا، والنجاح والخسران انما يكون بمقدار التمسك بالحق وخذلانه فأهل الحق يفوزون او يخسرون بمقدار تمسكهم به او خذلانهم له".
 
وقال: "المسألة الثانية التي سنتعرض لها اليوم وهي مهمة  وطنية بامتياز وهي موضوع الانتخابات النيابية الذي يعد أهم استحقاق دستوري وخصوصا في ظل الظروف المصيرية الاخطر التي يمر بها لبنان اليوم، من الازمة المعيشية الخانقة الى الازمة النقدية وسقوط العملة الوطنية، الى الغلاء الفاحش وعجز الدولة عن تأمين ضروريات العيش من المواد الغذائية والمحروقات وانقطاع الكهرباء، كل ذلك الى جانب فقدان الامن الصحي وتخلف الجهات الضامنة عن القيام بمسؤولياتها تجاه المضمونين، الى آخر الازمات التي نعرفها جميعا وطالت المجتمع اللبناني بأسره، عدا طبقة متحكمة بمصير اللبنانيين وممسكة بخناقهم وقوية الى درجة انها قادرة على قلب الحقائق بفضل ما تملكه من امكانات مادية وفرها ويوفرها النظام الطائفي لها والتدخل الخارجي لصالحها الى جانب وجود الكيان الاسرائيلي الذي تتماهى معه، وشكلت له دائما الارضية السياسية للتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. استطاعت بفعل هذه العوامل معا ان تقنع شريحة من اللبنانيين بان المشكلة هي مشكلة داخلية وان بعض اللبنانيين ومنها المقاومة هم سبب كل ما يعاني منه لبنان من ازمات واعادت الى الذاكرة ما كانت قد رفعته من اهداف في تقسيم الكيان وانهاء الصيغة التي توافق عليها غالبية اللبنانيين، واعادة طرح شعار تقسيمي باشكال صريحة تارة واخرى مقنعة".
 
وتابع: "لذلك تشكل الانتخابات اليوم استفتاء على مصير لبنان، وعلى اللبنانيين الاختيار بين خراب لبنان لمصلحة الصيغة الاسرائيلية وبين مصلحة العيش المشترك والمصلحة الوطنية الجامعة التي تشكل المقاومة احد اعمدتها وحماتها، لذلك فإن الانتخابات تشكل هذه الاهمية، ومن واجب اللبنانيين الوطني ان يشاركوا في هذه الانتخابات بقوة والا يخضعوا للضغوط التي تمارس عليهم بحجة الفساد واستخدام المال السياسي الداخلي والخارجي والارهاب الاعلامي الذي يمارس التضليل، وأن يحكموا ضميرهم في اختيار من يعطونه صوتهم، وبعبارة صريحة أن ينتخبوا لبنان القوي القادر على حماية نفسه بالشعب والجيش والمقاومة".

وختم: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا، أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم". "والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. صدق الله العلي العظيم".

                         ======== ن.م

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب