تحقيق الدكتور طوني وهبة
وطنية - إن التطور الثقافي والاقتصادي الذي تشهده بعض شعوب المنطقة ينعكس تغييرا في أنماط معيشتها حتى أخذت السياحة الصحية التجميلية او الترميمية موقعا بارزا جدا بين كل انواع السياحة الصحية لما تفردت به بعض المستشفيات من عناية صحية مميزة ومهارة الأطباء وحرفيتهم، حيث يقدم عدد منها العلاجات الطبية والعمليات التجميلية للبنانيين ولغير اللبنانيين، ما جعل لبنان مقصدا للسياحة الصحية من مختلف بلدان الشرق الأوسط.
السياحة الصحية تعني السفر من بلد الى أخر بهدف العلاج من الأمراض أو إجراء عمليات جراحية معقدة تتطلب الدقة والخبرات العالية، وقد أصبحت هذه السياحة من الأنواع الأكثر تأثيراً في نمو القطاع السياحي لأي بلد في العالم، بحسب قدرة قطاعه الصحي على تلبية حاجات المرضى الأجانب القادمين للاستفادة من التقديمات الصحية التي تأخذ طابع "الرفاهية"، لناحية نوعية الخدمة الطبية ونوعية المكان أو المؤسسة الصحية التي يقصدها المريض – السائح، وهذه السياحة تعتبر من القطاعات الناشطة في لبنان، اذ لطالما أطلق عليه "مستشفى الشرق الاوسط" لان أهم المراكز الطبية الذائعة الشهرة في المنطقة تتوافر فيها أحدث التجهيزات الطبية والعلمية المتوافرة في أهم المراكز الطبية في أوروبا والولايات المتحدة الاميركية.
يعتبر لبنان من الدول المتقدمة في المصحات العلاجية، التي منها على سبيل المثال التدرن الرئوي ومواقعها في الجبال ومنها "مصح بحنس" في المتن الذي افتتحه المتصرف العثماني أوهانس باشا سنة 1909 كمصح لمرضى السل، أما اليوم فيضم أقسامًا طبية عدة وخصوصا مركز إعادة التأهيل الفيزيائي ومدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة من الشلل الرباعي عند الأطفال وغسل الكلى وهو يعتمد بشكل خاص مصحًا علاجيًا لكل أمراض العظم والشيخوخة. كما يوجد مصحات للمعالجة من الادمان على المخدرات، وأخرى للامراض النفسية ودور العجزة والمسنين.
وزير الصحة البروفسور ركان ناصر وخلال الاحتفال في مستشفى المشرق – الفرنسي – سن الفيل بانطلاق أولى العمليات الجراحية بتقنية الروبوت المباشرة عبر الشاشة، شدد على "أهمية المبادرة اللبنانية لتطوير المهارات الجراحية وتعزيز التعاون الطبي بين لبنان وأهم المراكز الطبية والعلمية في العالم، لافتا الى أن "لبنان هو بحق مركز الشرق الاوسط الاستشفائي لما تضم مستشفياته من إمكانات على صعيد الكفاءات العلمية والتجهيزات الطبية، حيث يأتينا المرضى سنويا وبخاصة من الاردنيين والعراقيين ومن بعض الدول الافريقية، على أمل أن ترتفع أعدادهم من كل العالم العربي في السنة المقبلة".
يشار الى ان الحكومة اللبنانية أصدرت في شهر تموز من عام 2001 مرسوما يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية لإنماء السياحة الصحية، تضم ممثلين عن وزارات الصحة والسياحة والبيئة والإعلام، بالإضافة إلى نقابات الأطباء والمستشفيات والفنادق وشركات السياحة والسفر والتأمين. وتضع الدوائر الرسمية اللبنانية المختصة هذه السياحة في مقدمة اولوياتها، حيث تنتشر المراكز الاستشفائية في مختلف المناطق اللبنانية، وهي تقدم خدمات طبية متطورة.
مستشفى المشرق يقود ثورة الجراحة الروبوتية في لبنان
للإضاءة على التطور الذي تشهده الخدمات الاستشفائية تحدث رئيس مجلس ادارة المدير العام لمستشفى المشرق الفرنسي الدكتور أنطوان معلوف الذي شرح لنا الانجازات التي يحققها مستشفى المشرق – الفرنسي ولبنان على صعيد السياحة الصحية في الشرق الاوسط وقال: "تأسست " IRCAD LIBAN" الأكاديمية الرائدة في تعليم الجراحة الروبوتية والنانوية، عام 2019، وIRCAD هي منظمة عالمية تشكل مرجعا في الاوساط الطبية العالمية” أنطلقت من فرنسا – أوروبا لتنتشر كشبكة كوكبية متماسكة في ثمانية مراكز عالمية في كل من اميركا الشمالية كندا والولايات المتحدة، وتايوان في شرق آسيا، وريو دي جانيرو والهند وجنوب افريقيا ولبنان. حيث يعد اختيار لبنان هذا البلد الصغير بحجمه مقارنة بالدول الأخرى، إنجازا طبياً هاما يحسب لمصلحة لبنان، في وقت كان عدد من الدول العربية وغيرها في الشرق الاوسط يطمح ويعمل لأن يكون فرع إركاد فيها، وجاء هذا الاختيار بحسب مؤسسها العالمي البروفسور جاك مارسكو يعود أولا لصداقته وثقته الكبيرة بالدكتور انطوان معلوف ولما يتمتع به لبنان من خبرة متقدمة في الجراحة ووجود اهم الاختصاصيين من أبنائه الذين لمعوا في اهم مستشفيات اوروبا واميركا ثم عادوا ليمارسوا مهنتهم في لبنان".
"إركاد" مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تطوير المهارات الجراحية عبر أحدث التقنيات، وفي مقدمتها نظام “دافينشي” الجراحي المتقدم. ومن خلال استقطابها لأهم الخبرات العالمية، باتت بوابةً لتدريب الجراحين اللبنانيين والعرب، مما يعزز مكانة لبنان كوجهة إقليمية للابتكار في الجراحة الحديثة.
واعتبر معلوف أن "يوم الأربعاء 26 آذار الماضي كان محطة تاريخية في مسيرة الخدمات الطبية الحديثة في لبنان، وبخاصة على صعيد الجراحة حيث شهد لبنان انطلاق أولى العمليات الجراحية المباشرة عبر الشاشة بتقنية الروبوت، بالتعاون مع IRCAD فرنسا. ما شكّل علامة فارقة في تاريخ الطب اللبناني، حيث تفتح IrcadLiban الباب أمام تدريب وتطوير جيل جديد من الجراحين القادرين على الاستفادة من أحدث الابتكارات التكنولوجية، ما يساهم في تعزيز جودة الخدمات الصحية محليًا وإقليميًا. وأن هذا الافتتاح يحمل طابعًا استثنائيًا، إذ عكس عودة لبنان بقوة إلى الساحة الطبية العالمية، لا سيما في مجال الجراحة الروبوتية المتقدمة".
بخاش
بدوره نقيب الأطباء في لبنان البروفسور يوسف بخاش أكد أن "هذه الأكاديمية سترفع مستوى التدريب الطبي، وستوفر منصة علمية متميزة للأطباء اللبنانيين في مجال الجراحة المتقدمة".
لافتا الى ان هناك "أكثر من 70 اختصاصا طبيا في لبنان، وأكثر من 12 ألف طبيب في مختلف الاختصاصات. يضم القطاع الاستشفائي اللبناني 161 مستشفى منها 7 مستشفيات جامعية بعضها تم اعتماده عالميا، تحتوي على 15 ألف سرير، فضلا عن 13 ألف غرفة فندقية، وأطباء لبنان متخرجون من 46 دولة بما فيها لبنان".
الجدير ذكره أن عددا من المستشفيات والمراكز الصحية في لبنان حائز على شهادة الجودة العالمية (ISO 900)، وبعضها يستقبل مرضى من ذوي الحالات الصعبة مثل: عمليات القلب المفتوح والنخاع الشوكي وزرع الأعضاء، بالإضافة الى عمليات التجميل والتنحيف وسحب الدهون والعلاج الفيزيائي وأمراض الأطفال وغيرها.
===ج.س