وطنية - نظم معهد الآداب الشرقية في الجامعة اليسوعية - بيروت، ورشة عمل عن "الحرية والمسؤولية في الشعر"، بالشراكة مع مؤسسة "شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية" بالتعاون مع المؤسستين الألمانيتين: معهد الآداب الشرقية في جامعة إرلنغن - نورنبرغ وقسم الدراسات العربية - الإسلامية في جامعة بون.
وقدمت، خلال الورشة، قصائد نظمها شبان وشابات أتوا من مناطق عدة أمام لجنة ضمت عميدة كلية الآداب في المعهد ندى معوض ورئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة زريق سابا قيصر زريق والشعراء والأكاديميين هنري زغيب وشوقي ساسين و جورج تامر (جامعة إرلنغن) وسرجون كرم (جامعة بون) وكورنيليا زيرات (مترجمة)، فيما تواصل نيلز فنش من ألمانيا مع الحضور بواسطة تطبيق ال Zoom في القسم الأول من جلسة اليوم الأول، كما انضم إلى اللجنة في اليوم الثاني ديزيريه سقال.
وقال زريق: "كم هو جميل أن تستمر هيئات غير عربية، وفي طليعتها هيئات ألمانية، بالإهتمام بأجمل لغة على وجه الأرض، فهي إلى كونها، كسائر اللغات، واسطة تفاهم وصلة تعارف وحوار والناطقة عن تراث، لغة غنية جدا في آدابها وعلومها التي تراكمت منذ العصور الأولى. هي لغة ملايين المفردات، لغة لينة ومرنة وطيعة تلبي حاجات التعبير بأدق تفاصيلها وهي دعامة انتمائنا العربي. وإن كانت هي عجوز زمنيا، فهي تجدد شبابها دوما بمواكبة التطورات الهائلة التي نشهدها. ففي كل كلمة نكتبها أو نتفوه بها بالعربية حياة جديدة لها. وهي اللغة التي فرضت نفسها عالميا. فعلى الرغم من الإسترخاء المطرد بسبب تحامل وهجمة اللغات الحية الأخرى، بتقنياتها وتكنولوجياتها الجذابة، تخطت العربية حوائل من كل طبيعة. وفي مسيرة مشرفة عمرها عقود قليلة، بدأت في العقد السادس من القرن الفائت، حين قرر استخدامها في المؤتمرات الإقليمية للأونيسكو، ومن ثم أمنت لها ترجمات فورية لتصبح لغة عمل فيها. واستمرت في شق طريقها حتى أصبحت عام 1973 لغة رسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، كما حدد يوم 18 كانون الأول من كل سنة يوما عالميا لها".
وتطرق الشعراء بلغة الضاد إلى موضوعات عديدة استلهمت من الأحوال في مجتمعاتهم، إذ قام فطاحل من بلاد العرب بتسخير العربية في معرض المدح والرثاء والفخر والغزل والوجدانيات وحتى الثورة. وكانوا يتمتعون بحرية غير مقيدة في التعبير بأبيات خالدة عن شؤون وشجون ومطالب وعواطف أفراد وشعوب. أجاد شعراء الجاهلية والعصرين الأموي والعباسي، مثل عمر بن أبي ربيعة، في غزلياته الحرة، والمتنبي والمعري في لذعاتهما السياسية الأكثر حرية. وفي أيامنا هذه، أوليس للشعر وقفات نضالية تقارع الظلم والاستبداد مثل ما تمخضت عنه قريحة عمر أبي ريشة أو محمود درويش؟ وبالطبع، ينبغي أن يكون للحرية في الشعر، كما في سواه، حدود حتى لا يتفلت ويقع في متاهات تفسد جودته. وهنا تكمن مسؤولية الشعراء، وبخاصة أولئك الذين استقطبت قصائدهم جماهير المريدين، حتى أصبحوا مثالا يوجه ويرشد ويثير ويعبئ. فحذار أن يؤدي نشر الشعر إلى فوضى غوغائية، بحيث تصبح أجمل الأبيات سبكا وبلاغة عبئا على الأدب برمته."
===== ج.ع