الرئيس عون منح رئيس اليسوعية وسام الأرز الوطني برتبة كومندور دكاش في ذكرى التأسيس: من يحمل الرجاء هو من يعمل ويحول الأمل إلى فعل ملموس

وطنية - إحتفلت جامعة القديس يوسف في بيروت بعيد تأسيسها الـ150 في حرم التكنولوجيا والعلوم - مار روكز- الدكوانة، برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ممثلا بوزير الطاقة والمياه ورئيس المجلس الأعلى لجامعة القديس يوسف في بييروت جو صدي، وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بوزيرة البيئة تمارا الزين، رئيس الحكومة نواف سلام ممثلا بوزير الثقافة غسان سلامة، نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس العام للرهبانية اليسوعية في العالم قدس الأب ارتورو سوسا أباسكال الذي حضر إلى لبنان مع وفد مرافق للمشاركة في الاحتفالات اليوبيلية، الرئيس الإقليمي للرهبانية اليسوعية في الشرق الأدنى والمغرب العربي الأب مايكل زاميط مانجيون، السفير البابوي باولو بورجيا وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وسفراء ومطارنة ورسميين واسرة اليسوعية.

دكاش

بعد النشيدين الوطني والجامعة بأداء الطلاب وعزفهم وكلمة ترحيبية من الأمينة العامة للجامعة البروفسورة ندين رياشي حداد، تحدث رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش اليسوعي، فاستهل كلمته بالترحيب بالحضور، وقال: "يسرني ويشرفني أن أرحب بكم في هذه المناسبة الرائعة والمهيبة، لنحتفل معا بمرور 150 عاما على تأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت ورسالتها. ما كان لرئيس جامعة إلا أن يعبر عن هذه الأمنية ألا وهي أن يصل بالجامعة إلى هذا التاريخ ويهيأها ليوبيل آخر بعد عدة سنوات".

اضاف: "معالي الوزير، أنتم هذا المساء تمثلون رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون. لا يسعنا إلا أن نتمنى له القيام بإنجاز جيد من أجل الوطن، معالي الوزيرة، ممثلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، نرجو من نوابنا الإسراع في تحقيق رغبات الشعب الذي انتخبهم، معالي الوزير ممثلا رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، فلتكن هذه الحكومة حكومة إصلاح وإنقاذ حقا. لقد كان هذا نضالنا الذي لا ينتهي، نضال رؤساء الجامعة السابقين الآباء دوكروييه وعبو وشاموسي وأنا منذ العام 1975 الى يومنا هذا، أن نرى لبناننا قد تحرر من أشراره ومخاوفه، متغلبا على أزماته الأبدية التي وضعت - ولا تزال تضع - البلد في خطر تدمير هويته ومصيره كدولة تتمتع بالحرية والسيادة".

ثم توجه إلى قدس الأب أرتورو سوسا أباسكال قائلا: "الأب الأجل أرتورو سوسا،  إن وجودكم بيننا يجسد الأهمية التي توليها الرهبانية لجامعة القديس يوسف ورسالتها هنا في بيروت، في قلب المدينة، وفي قلب الشرق الأوسط. إنكم تذكروننا بأننا جزء من جماعة عالمية مكرسة للتعليم العالي اليسوعي، جماعة متحدة بالقيم الإغناطية والإنسانية".

وعن معنى اليوبيل المائة والخمسين قال دكاش: "إن الاحتفال بهذا اليوبيل لا يقتصر على إحياء ذكرى الماضي، بل هو أيضا تأكيد على التزامنا بالحفاظ على قيم جامعة القديس يوسف للأجيال القادمة. يشرفني أن أكون جزءا من هذا التاريخ وأتطلع بفارغ صبر إلى المساهمة فيه بكل فخر والتزام للمستقبل".

اضاف: "نتوجه بأعمق مشاعر الامتنان إلى القديس يوسف، شفيعنا، الذي يمثل نموذجا للصمود، والذي تعلمنا منه معنى الرجاء، تلك القوة الراسخة المنبثقة من الإيمان الذي لا يتزعزع، والمرتكزة على المسؤولية والحرية، والمقرونة بالعمل من أجل الخير وخلاص الجميع. لطالما علمتنا رهبانيتنا أن التعليم، ولا سيما التعليم العالي، ليسا مجرد نقل للمعرفة – برغم أهميتها – بل هي تربية على الرجاء والتحول الاجتماعي، وهو فعل تحرر وبناء لمجتمع قائم على قيم المصالحة، والتضامن، والعدالة. لقد أرسينا هذه المبادئ عبر الزمن، مع الطبقة الوسطى اللبنانية، التي كانت – ولا تزال – فخر بلادنا لعقود طويلة، لكنها تواجه اليوم خطر الاندثار بفعل الأزمات المتلاحقة. لقد دعمناها على الدوام، ونواصل دعمها اليوم في ظل الأزمة الراهنة من خلال سياستنا التضامنية، كي تظل حاملة للكفاءات المهنية، وقيم الديمقراطية والعدالة، ووحدة العيش المشترك! وستبقى حية ليبقى لبنان!" وأردف: "لقد علمتنا مسيرتنا، قديما وحديثا، أن من يعيش الرجاء هو من يعمل على أرض الواقع، ويحول الأمل إلى فعل ملموس".

وعن دور اليسوعيين، قال: "ممتنون إلى الآباء اليسوعيين والعلمانيين أصحاب الرؤية الثاقبة، الذين أسسوا جامعتنا في العام 1875، وأعادوا تأسيسها في العام 1975، ما يتيح لنا اليوم الاحتفال بثلاث مناسبات تاريخية: مرور 150 عاما على تأسيس الجامعة، ومرور 150 عاما على تأسيس المكتبة الشرقية على يد الأب لويس شيخو، وما زالت منارة للمعرفة برغم الدمار، ومرور 50 عاما على إرساء الميثاق الذي أسس الجامعة الجديدة في العام 1975".

وعن مؤسسي الجامعة، قال: "لم يسع هؤلاء المؤسسون يوما إلى الشكر، لكنني على يقين بأنهم ينظرون إلينا من حيث هم اليوم، راضين عما أنجزوه، وقد أصبحت رسالتهم أمانة بين أيدينا. علينا أن نحيي روحهم الريادية، وتفانيهم، وإيمانهم الراسخ بالتعليم، الذي أرسى دعائم مؤسسة قادرة على الصمود في وجه تحديات الزمن. أما نحن، فرق العمل الحالية في الجامعة – من كليات، ومعاهد، ومدارس، ومراكز بحثية، وأحرام جامعية إقليمية، إضافة إلى فرعي الجامعة في دبي وساحل العاج – نشكل ونعد نخبة الكفاءات في البلاد، فجدير بنا أن نفتخر بقيادتنا لسفينة "الجامعة الأم" -ألما ماتر- وسط أمواج مضطربة، وإيصالها إلى بر الأمان".

وتوقف عند محطات بارزة في تاريخ الجامعة ومؤسسيها وقال: "نكرم ذكرى الأب أمبرواز مونو، الذي جاب الولايات المتحدة الأميركية لجمع التبرعات اللازمة لبناء جامعة القديس يوسف، والذي كان التزامه الراسخ بالتعليم العالي الدافع وراء تأسيسها. كما نحيي كل من ناضل بلا هوادة، خلال أحلك لحظات الحرب الأهلية، للحفاظ على أبواب الجامعة مفتوحة، جاعلا منها ملاذا للعقل والمعرفة. ولنتذكر أيضا هؤلاء الأساتذة الذين، برغم القصف والدمار، واصلوا تدريس طلابهم في أصعب الظروف، حيث انتصر شغفهم بالتعليم على ظلام الحرب" على  حد تعبيره ، وأردف: "لقد نجت الجامعة من تقلبات حربين عالميتين، ومن قرارات الإغلاق المؤسفة التي اتخذتها الرهبانية العام 1972، وحتى أخيرا، من الدمار الهائل الذي أصابها، وكان آخره انفجار 4 آب 2020، الذي دمر مستشفى أوتيل ديو دو فرانس وجميع أحرام الجامعة في بيروت، لكنها دائما ما استمدت قوتها من فضيلة الرجاء، التي وجهت خطواتنا نحو إعادة البناء، واضعين نصب أعيننا الإنسان الذي كان علينا دوما حمايته وإنقاذه".

وفي المحور الثاني من خطابه - المبادئ والجذور- قال: "انطلاقا من شعار هذا اليوبيل: "جذورنا، مستقبلنا"، دعونا نتحدث سريعا عن جذورنا، أي عن المبادئ والقيم الأساسية التي أرست دعائم جامعتنا"، مشيرا إلى أنها "بتنوعها الطائفي والثقافي، حرصت جامعة القديس يوسف دائما على أن تكون مكانا للقاء والحوار".

واستذكر دكاش الرئيس العام الراحل للرهبانية بالقول: "في 19 آذار سنة 2000، وخلال الاحتفال بمرور 125 عاما على تأسيس جامعة القديس يوسف، هنا في مار روكز، وتحت النظرة الحانية للأب سليم عبو، قال الرئيس العام الراحل للرهبانية اليسوعية، الأب بيتر-هانس كولفنباخ: "من بين جميع الجامعات التي أسسها اليسوعيون حول العالم، تعد جامعة القديس يوسف في بيروت الأقرب إلى قلبي، ليس فقط لأنني كنت فيها طالبا ثم أستاذا، بل أيضا لأنها، في نظري، حظيت بشرف عظيم يتمثل في الإسهام في نشوء الوعي الجماعي لوطن بأسره، هو لبنان. فإذا كان صحيحا، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني، إن ’لبنان ليس مجرد بلد، بل رسالة‘، فلا بد من الاعتراف بأن جامعة القديس يوسف هي في صميم هذه الرسالة، التي لم تكف عن صياغتها والترويج لها ونشرها طوال 125 عاما".

وجدد تأكيده انه "منذ 150 عاما، ولأعوام طويلة آتية، سنظل نحمل هذه الرسالة، ونعمل، من خلال البحث العلمي والعمل الميداني، على استكشاف أفضل سبل التمثيل السياسي، وصياغة نظام اقتصادي قائم على العدالة التوزيعية، وتعزيز مشروع اللامركزية الموسعة، الذي يشكل مطلبا أساسيا لجميع اللبنانيين، وهو مكرس في نصوصنا الدستورية".

وعن رسالة الجامعة، قال: "مستلهمين الروحانية الإغناطية وتعاليم الكنيسة الاجتماعية، نؤكد على البعد الاجتماعي للتعليم. تحمل جامعة القديس يوسف على عاتقها رسالة إعداد مواطنين ملتزمين، يسعون ليكونوا أفرادا مدركين للحقوق والواجبات في ظل دولة القانون، حساسين تجاه اللامساواة، وعازمين على العمل من أجل عالم أشد عدالة"، وهي "إلى جانب تنمية الكفاءات الأكاديمية، تسعى جامعة القديس يوسف إلى تكوين أفراد يتمتعون بالنزاهة، ويرتكزون على أخلاقيات راسخة وعمق روحي متين".

وفي المحور الثالث، تحدث عن شعار "جذورنا، مستقبلنا"، معناه الكامل "عندما ندعمه بأمثلة ملموسة مستوحاة من تاريخ هذه المؤسسة وإنجازاتها" من خلال شهادات الطلاب وخبرتهم الشخصية في الجامعة".

وفي الإطار نفسه، قال: "أود أن أحيي جهود 50 طالبا من جامعتنا، الذين عملوا العام 2023 بحماسة وفعالية في مركز تسجيل المركبات، حيث قاموا بتطوير برنامج رقمي لإدارة أنشطته، ما ساهم في تحسين أداء هذا المرفق الحيوي المعروف بمشاكله وتحدياته. كما أود أن أكرم الذين عملوا العام 2024، بدعم من الوزير السابق للبيئة السيد ناصر ياسين ووزارة الدفاع، على تطوير خريطة رقمية للبنان وبرنامج معلوماتي لتصنيف جميع المقالع والكسارات، ويبلغ عددها 2000، بينما لا تتمتع بالشرعية القانونية سوى واحدة منها فقط، كاشفين بذلك حجم الدمار البيئي. وقد مكن عملهم هذا المحاكم من إلزام الكسارات بدفع الرسوم المترتبة عليها وإصدار قرارات بإغلاق البعض منها، مساهمين بذلك في إحقاق العدالة وحماية بيئتنا. أما في مجال حماية الطبيعة، فلا يسعني إلا أن أشيد بالمبادرة المتميزة التي أطلقتها مختبرات كلية العلوم منذ أكثر من عشر سنوات، والتي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي وزراعة آلاف الأشجار في الجبال اللبنانية".

وفي معرض كلامه على دور الجامعة في الحياة العامة، قال: "جامعة كان لها دور فاعل في ولادة هذا لبنان، لبنان الكبير، الذي لا تكمن عظمته في مساحته، بل في القيم التي يحملها، ألن تبذل المستحيل، من خلال هذا الكم من المبادرات، لكي تبقى، اليوم وغدا، في خدمة هذا الوطن، وفي خدمة شبابه ومستقبله، بكل تواضع وعزم".

وشكر أصدقاء الجامعة وداعميها، وقال: "لنشكر ونصفق لجميع المانحين وهم كثر، ولنصل من أجلهم، سائلين الله أن يجازيهم أضعافا مضاعفة على عطائهم، ريمون نجار، رالف عودة، شركة موريكس، فريال قصعة، ألبير كفوري، وجمعية مالطا – لبنان لدعمهم مستشفى أوتيل ديو دو فرانس (HDF)، وكثيرون غيرهم، ممن أسماؤهم منقوشة على جدران قاعة المانحين عند مدخل حرم العلوم الطبية (CSM)، وهم دائما حاضرون إلى جانبنا".

وعن الجامعة وخدمتها للمجتمع، أشار دكاش إلى "دور كل من المستوصف القانوني الذي يقدم خدمات مجانية للمحتاجين، ومراكزنا الصحية المجتمعية التي تعالج المرضى والأطفال، وبرامجنا لدعم اللاجئين التي تؤمن لهم مساعدة حيوية، نحن نطبق مبدأ التضامن بشكل عملي وملموس. تخيلوا طلابنا في كلية الطب وهم يقدمون الرعاية الصحية للمرضى في مخيمات اللاجئين، وطلابنا في كلية الحقوق وهم يدافعون عن حقوق الأشد ضعفا، وطلابنا في العلوم الاجتماعية وهم يجرون أبحاثا حول أسباب الفقر"، مشددا على أن "لطالما تميزت جامعة القديس يوسف في بيروت بهويتها اللبنانية، الإنسانية، المسيحية، والدولية".

وعن الجامعة والآباء اليسوعيين، قال: "كانوا جميعا – ولا يزالون – متحدين برغبة واحدة: تقديم الأفضل لشباب لبنان والمنطقة" وقال: "أنا على يقين بأن هذا الجانب من هوية جامعتنا سيزداد رسوخا يوما بعد يوم، بحيث تسخر التقدمات التكنولوجية الكبرى، مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوك تشين، والتعلم الآلي، وعلوم البيانات، والروبوتات، في خدمة تعليم أشد إنسانية وعدالة ومسؤولية بيئية".

وتابع: "يشرفني أن أذكر في هذا السياق مركز المحاكاة رالف عودة –  MEDSIM الذي افتتحناه في أواخر العام 2024، بالإضافة إلى المنصة الكبرى التي سيتم إطلاقها قريبا لكلية الهندسة والعمارة. كما لا يمكننا أن نغفل عن نقاشاتنا حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وعن مشاريعنا البحثية التي توظف التكنولوجيا في خدمة التنمية المستدامة، أو عن مبادراتنا لتعزيز الابتكار الاجتماعي، مثل برنامج التربية الشمولية الذي تنفذه جامعة للكل (UPT) بكل تميز وإبداع. وفي هذا السياق، كيف لنا ألا نحيي مستشفانا، أوتيل ديو دو فرانس، بطواقمه الطبية والتمريضية والإدارية، على التزامه الاستثنائي في تقديم الرعاية الطارئة والمتابعة الصحية خلال الأزمات المتعاقبة التي مررنا بها؟ كما نشيد بجهوده في إعادة التأهيل والتحديث، من خلال اقتناء أحدث التجهيزات الطبية، وتقديم الدعم لشبكة مستشفيات USJ/HDF، دون إغفال الأبعاد الأخلاقية والخدمات الاجتماعية، التي تمثل قيما أساسية لكل من فرنسا والرهبانية اليسوعية".

وأوضح أن "هذا اليوبيل هو أيضا محطة للتجدد، وفرصة لنوجه أنظارنا نحو المستقبل. لكن هذا المستقبل لن يبنى فقط على تمنيات عابرة، بل يتطلب مشاريع ومبادرات ملموسة تنتظرنا على الصعيدين الأكاديمي والمهني، بهدف تعزيز عملنا الأكاديمي وتطويره. من بين هذه المشاريع، تأتي عملية توحيد وتنسيق المساقات التعليمية، وهو أمر يواصل المقيمون الأكاديميون التأكيد على أهميته. كما نسعى إلى تعزيز العلاقة بين عالم الأعمال والتعليم الأكاديمي النظري، بما يضمن تكاملا أفضل بين التكوين الأكاديمي والاحتياجات الفعلية لسوق العمل".

وقال: "لننهض معا، مستمدين قوتنا من إرثنا العريق، متمسكين بقيمنا، ومستلهمين طاقتنا من شبابنا، لنواصل رسالتنا ونعززها. لنستمر في جعل جامعة القديس يوسف في بيروت ومستشفاها الجامعي أوتيل ديو دو فرانس (HDF)، وشبكتها الاستشفائية المكونة من ستة مستشفيات في لبنان والعراق، إلى جانب فرعي الجامعة في دبي وساحل العاج، مراكز للتميز، ونموذجا للالتزام ورمزا للأمل. وليكن هذا اليوبيل نقطة انطلاق لعصر جديد، تواصل فيه جامعة القديس يوسف إلهام العقول، والارتقاء بالمعرفة وإحداث التحول لـ150 عاما مقبلة وأكثر".

الراعي

وكانت كلمة من القلب للبطريرك الراعي، هنأ فيها الجامعة وأهلها على الاحتفال بالعيد ال150، وأشاد بـ"هذا الصرح التعليمي الكبير الذي نما وازدهر بعناية من القديس يوسف والجامعة اليسوعية والاباء المؤسسين"، متمنيا للجميع "دوام الازدهار والنجاح، لا سيما لرئيس الجامعة الذي قاد سفينة الجامعة برغم الظروف الصعبة".

وأشار إلى ما قاله رئيس العام للرهبانية اليسوعية في العالم عن ان الجامعة اليسوعية ليست مؤسسة للتعليم العالي في لبنان فقط بل هي نموذج لهذا البلد".

صدي ووسام من رئيس الجمهورية

وتحدث الوزير جو صدي عن أهمية المناسبة، وقال: "اليوم نجتمع في هذا المكان لنؤكد الدور الجوهري الذي تلعبه التربية، ليس فقط كوسيلة لاكتساب المعرفة، بل أيضا كأداة للتحول الشخصي والاجتماعي. إنها تربية تتجاوز حدود المعرفة الأكاديمية لتلامس القلب والعقل والضمير".

اضاف: "هذه الرؤية بالتحديد هي التي حملتها القيم اليسوعية على مدى قرون. وفي لبنان، ترك هذا التقليد التربوي بصمته العميقة في تاريخ وطننا، حيث أثر وساهم في تشكيل أجيال من الطلاب والمفكرين والقادة الذين حملوا على عاتقهم بناء مجتمع مستنير".

كما تحدث عن "تاريخ اليسوعيين في لبنان وتاريخ تأسيس الجامعة وما تركه ذلك من تأثير في المجتمع اللبناني"، فقال: "في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها لبنان، من الضروري أن نتذكر أهمية التعليم كركيزة أساسية للنهضة الوطنية. فالإرث اليسوعي في لبنان يشكل مصدر إلهام لإعادة بناء وطن يقوم على العدالة والحق والتضامن".

وختم مستذكرا قول مؤسس الرهبانية اليسوعية القديس إغناطيوس دو لويولا "المحبة والخدمة في كل شيء"، وهذا بالضبط ما يحتاجه وطننا وأبناء شعبنا اليوم".

وبصفته ممثلا لرئيس الجمهورية قرأ الوزير صدي رسالة من فخامته وفيها: "لمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ150 على تأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت، اليوم الأربعاء 19 آذار 2025 حضرة الأب سليم دكاش تقديرا لعاطاءات الجامعة اليسوعية في الحقل التربوي والأكاديمي والإنساني، قرر السيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون منح الجامعة بشخص رئيسها الأب سليم دكاش وسام الأرز الوطني برتبة كومندور، وشرفني أن أسلمها لكم اليوم بهذه المناسبة العريقة".

مانجيون

وتحدث الأب مايكل زاميط مانجيون، فتوقف عند حفل إطلاق احتفالات عيد التأسيس، وقال: "في 20 أيلول 2024، خلال حفل إطلاق عام الذكرى ال150 وافتتاح قاعة المتبرعين، تحدثت عن تأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت العام 1875 وعن تطورها. ركزت بشكل خاص على العام 1975 والتأسيس الجديد للجامعة، حيث أصبحت الجامعة التي نعرفها اليوم. حينها، استشهدت بالشرعة التأسيسية الصادرة في 20 أيار 1975، لا سيما الفصل الثالث الذي يحدد العلاقة بين الجامعة والرهبانية اليسوعية، وجاء فيه أن "الرهبانية مكلفة بالسهر على الإحياء الروحي والاجتماعي للحياة الجامعية وضمان وفاء الجامعة لمبادئها الأصلية"، أكرر اليوم تمسكي العميق بهذه الشرعة التي أؤمن بها إيمانا راسخا".

ثم تحدث عن الوثيقة الصادرة عن مجلس الجامعة في العام 2015، والتي تم تحديثها في شباط 2022، حيث "أكد المجلس فيها على رسالة الجامعة، ورؤيتها، والقيم التي توجهها اليوم"، مشيرا إلى أن "تقوم رسالة الجامعة على ثلاثة أبعاد أساسية: البحث العلمي من خلال تعزيز إنتاج المعرفة الجديدة، والتعليم عبر نقل هذه المعارف للأجيال القادمة، والخدمة عبر تسخير هذه المعرفة لصالح المجتمع".

وتناول تحقيق الجامعة لهذه الرسالة الحاملة لجميع القيم.

وختم مؤكدا "أنني أتوافق تماما مع هذه الرؤية والرسالة والقيم التي حددها مجلسكم الجامعي. أتمنى لكم سنوات طويلة من النجاح في تحقيقها. وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكركم جميعا... على كل ما قدمتموه وتقدمونه لهذه الجامعة ولطلابها في هذه الأوقات العصيبة".

أبسكال

وتحدث الأب أرتورو سوسا أباسكال، فاستهل كلمته بالإشارة إلى زيارته للبنان في هذه الظروف، وقال: "قبل بضعة أشهر فقط، عندما كانت القنابل تتساقط على البلاد وفي بيروت، لم يكن من الواضح إن كان بإمكاني أن أكون معكم في هذه المناسبة. ومع ذلك، كنت أرغب بشدة في أن يكون ذلك ممكنا. اليوم، أنا سعيد لأن الوضع، الذي تغير بشكل عميق منذ ذلك الحين، يسمح لي بأن أنضم إليكم".

وعن الاحتفال بعيد تأسيس الجامعة الـ 150 قال: "أفرح لأنني أستطيع أن أحتفل معكم، في هذا اليوم الذي يصادف عيدها السنوي، مرور 150 عاما على تأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت، وأن أعبر لكم بذلك عن تعلق واحترام الرهبانية اليسوعية لها".

وتوقف عند معاني العيد، فقال: "الاحتفال بذكرى التأسيس هو دائما فرصة لاستذكار المسيرة التي قطعت، وكل ما حدث من أفراح وأحزان، إخفاقات ونجاحات"، فاعتبر أن "الجامعة فرضت نفسها كمؤسسة مرجعية، حيث بقيت رمزا للتميز والصمود في مواجهة التحديات التي شهدتها البلاد"، وقال: "جامعة القديس يوسف في بيروت متجذرة في تاريخ هذا البلد. لقد كانت دائما مكانا ثابتا ومرجعا للجميع ومؤسسة دعمت الأمل، لا سيما في أحلك اللحظات".

وعن تموضع الجامعة، قال قدس الأب العام: "أود أن أؤكد لكم أن جامعة القديس يوسف في بيروت ليست معزولة، بل هي مندمجة بشكل وثيق في شبكات التضامن، لا سيما ضمن شبكة الجامعات اليسوعية حول العالم (الرابطة الدولية للجامعات اليسوعية - IAJU)، التي تشارك فيها بفاعلية، إضافة إلى شبكات مهمة أخرى مثل شبكة كيرشر للجامعات اليسوعية الأوروبية وشبكة كليات الهندسة، فضلا عن الروابط الأكاديمية العديدة الأخرى في أوروبا، وخاصة مع فرنسا"، وتوجه إلى مجتمع الجامعة وقال: "إن عملكم وخبرتكم هنا، في لبنان الذي يقع عند تقاطع العديد من العوالم، إلى جانب وجودكم في دبي، وأخيرا في أبيدجان، يساهمان في وضع رسالتكم ضمن رؤية أوسع، ويؤكدان أهمية الحفاظ على آفاق منفتحة. فهذه الروابط ضرورية لجميع الجامعات ومراكز التكوين المرتبطة بالرهبانية اليسوعية في مختلف أنحاء العالم".

 

وختم قائلا: "إن جامعة القديس يوسف في بيروت مرتبطة ارتباطا وثيقا بتاريخ لبنان. وعلى خطى البابا يوحنا بولس الثاني الذي أكد أن لبنان رسالة، يمكننا بدورنا أن نجازف بالقول، بشيء من الجرأة، إن جامعة القديس يوسف في بيروت ليست مجرد مؤسسة لبنانية للتعليم العالي، بل هي نموذج لهذا البلد".

وتخلل الاحتفال تقديم هدايا باسم الجامعة إلى رئيس الجمهورية والرئيسين بري وسلام، وإلى كل البطريرك الراعي وقدس الأب أرتورو سوسا أباسكال والرئيس الإقليمي الأب مايكل زاميط والسفير البابوي.

ووزع على الحضور كتاب يوثق تاريخ الجامعة وتراثها من إعداد الدكتور كريستيان توتل، واختتم الاحتفال بعشاء دعي إليه الحضور.

 

=====م.ع.ش.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب