"مركز التراث" LAU : مئوية منصور الرحباني

وطنية -  في سياق الأَنشطة المتعدِّدة التي تَشهدُها هذه السنة لإِحياء مئوية منصور الرحباني (1925-2025)، دعا "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU إِلى احتفالٍ في اليوم ذاته لولادة منصور في أنطلياس (17 آذار).

      افتتح اللقاءَ وأَداره مديرُ المركز الشاعر هنري زغيب، بدءًا من الوقوف دقيقة صمت لغياب الفنان أَنطوان كرباج، ثم أَدار الندوة بجلستَين.

   

في الجلسة  الأُولى كانت كلمة مصوَّرة من هيوستن (تكساس) للدكتور فيليب سالم بعنوان "صداقة عمْر في ٍسبيل الرسالة"، روى فيها علاقته الطويلة مع عاصي ومنصور وعلاقته الشخصية مع منصور، وقال:"كيف يمكنك أن تسلخ منصور عن عاصي؟ وكأنهما كانا غصنين من جذع شجرة واحدة. يوم دفن عاصي اتكأ منصور على كتفي صديقنا هنري زغيب، وهمس في أذنه، "الآن تدفنون مع عاصي نصف منصور". ويوم مات منصور طلبت من صديق لي أن يحمل إكليلا من الزهر إلى ضريحه، ويقول له إن قسما مني سيبقى إلى جانبه".

اضاف؛"‏لم أعد أذكر كيف وأين التقينا للمرة الأولى. كل ما أذكره أننا التقينا بعد المرة الأولى ألف مرة. ذكريات وحكايات تتمدد من أنطلياس إلى بيروت إلى أوتيل القادري في زحلة، إلى مدارج بعلبك. وأن نسيت، فلن أنسى أن في يوم من الأيام ونحن ذاهبون لحضور إحدى المسرحيات الرحبانية في بعلبك، تأخرنا على الطريق. وإذ بصوت منصور يهدر في هاتفي "وين صرتوا؟"، قلت، بعد بدنا عشر دقائق، "عجلوا صار وقت نبلش، بس مش لح بلش تتوصلوا".

 تابع سالم:" صداقة عمر. عمر من المحبة والأخوة والفرح. عمر من الكلام. عمر من الصمت الذي يتكلم أجمل الكلام.  وماذا يجمع بين فنان مبدع مثل منصور وطبيب مثلي يعيش مع آلام الناس؟ أشياء كثيرة جمعتنا. نعرف بعضها، ونجهل البعض الآخر. جمعنا حبنا للبنان. وجمعنا حبنا للضيعة في لبنان. أنا ومنصور "ولاد ضيعة"، ولدنا وربينا ببيوت عتيقة مبنية من حجر. نحن عندنا "صداقة مع القمر". كم سهرنا على "سطح الجيران" بضوئه، وكم عملنا مشاوير بالليل على "دربه". نحن نعرف "دقة" جرس الكنيسة ومعناها. نحن عشنا في طفولتنا مع القنديل، وكم سقيناه من زيته. نحن نعرف رائحة الأرض عند "الشتوة" الأولى. أنا فخور بأنني ولدت وعشت في ضيعة من لبنان؛ وكم رددت في كلامي إن من لم يعش في ضيعة لم يعرف حقيقة لبنان".

 

‏واردف البرفسور سالم:" حبنا، بل عشقنا للبنان. وظننا انه ليس هناك من وطن في الأرض يستحق العشق، كما يستحقه لبنان. لم يكن لبناننا لبنان الكيان السياسي المعترف به في نصوص الأمم المتحدة، بقدر ما كان لبناننا الكيان الحضاري المعترف به من شعوب العالم كله.  لبنان الحضارة المميزة في الشرق. لبنان الرسالة إلى العالم. هنا في هذه البقعة الصغيرة من الأرض تعانق المسيحية الإسلام. وهنا في هذه الأرض تعانق حضارة الشرق حضارة الغرب وحضارات العالم كله. وحده من كل بلدان هذا الشرق تعيش فيه وتحيا التعددية الحضارية. وحده في هذا الشرق يحمل الرسالة. الرسالة التي تقول: إن الله واحد؛ وإن الإنسان واحد".

‏واشار سالم الى انه "في حفل تكريمي لي في اليونيسكو في نيسان 2002 ، قال منصور: "لا البيارق ولا الجيوش ولا ترسانات الأسلحة التي تكدسها انظمة الشرق تضعنا في الانتصار. وحدها سبل العلم والاكتشافات والفنون تنقلنا من بلد صغير يستعطي على أبواب الأمم إلى وطن رؤيوي يساهم في صنع مصير الإنسان".

‏وختم قائلا؛"منصور الرحباني. هذا الصديق والحبيب. هذا الذي رفع كل واحد منا الى فوق. هذا الذي ملأ سماء هذا الشرق بالفرح، مات وفي قلبه حزن كبير. حزن على لبنان، وخوف على الرسالة".

     ثم كانت قصيدة الشاعر عبدالغني طليس: "لم ينَم في ظلّ تاريخه" جاء فيها: "منصور ما أَنت؟ بحرٌ كان مزدحمًا، وقد جهلْنا فساويناه بالديمِ... منصور ما أَنتَ؟ هل قدَّمتَ أَجوبةً عمَّا تراشق في الأَفكار من حممِ"؟

         بعده كانت مداخلة الدكتورة جيمي جان عازار: "محترِف الشعر والانتظار" دعت فيها إِلى "إدخال فكْر منصور الرحباني بشكلٍ وافر في المناهج المدرسيّة والجامعات، وحماية الإِرث الرحبانيّ من الزوال... فما أَحوجنا اليوم إِلى منصور الرحباني سنَدًا ومرشدًا وأُستاذًا. إِنه تاريخ في رجل، وهو في رياض الشعر والمسرح غَرسة لن تموت".

         في الجلسة الأُخرى، كانت مداخلة من الدكتور ناجي قزيلي عن الأُلوهة في قصائد منصور والبابا يوحنا بولس الثاني، اكتشف فيها جديدًا لافتًا في مواضيع مشتركة بينهما: الأَرض، الحرية، الإِنسان، الله. وأَعطى استشهادات شعرية مقارنة بين قصائد منصور وقصائد البابا يوحنا بولس الثاني في المواضيع ذاتها.

    ختام الجلسة كان مع الباحثة الأَكاديمية باميلا شربل التي قدَّمَت مداخلة بعنوان "أَين منصور منَّا، نحن الجيل الجديد"؟ عرضَت فيها موقع منصور وموقع الأخوين عاصي منصور في نفوس جيل التسعينات ومطلع الأَلفية الثالثة، وما يعني له التراث الرحباني في خضم الأَعمال الفنية الشابة التي تصدر في السنوات الأَخيرة، مشدِّدة على ضرورة أَن يطَّلع الجيل الجديد على الإِرث الرحباني الذي يعلِّم حب الوطن والقيَم الإِنسانية العالية.

   وتخلَّلت المداخلات قراءةُ الفنان النقيب جهاد الأَطرش قصائدَ من منصور الرحباني بإِلقاء عميق أَتاح للجمهور التعرُّف إِلى منصور شاعرًا خارج أَعماله الملحَّنة والمغنَّاة. 

    وختامًا أَعلن مدير المركز عن الندوة التالية في 7 نيسان المقبل وهي مخصَّصة للأَديبة اللبنانية مي زيادة، في حوار مع الباحثة الدكتورة كارمن البستاني لمتاسبة صدور كتابها "مي زيادة: شَغَفُ الكتابة".

 

 ============

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب