أمسية للأوركسترا الفلهارمونية احتفاء بالشهر الفرنكوفوني في كنيسة القديس يوسف- الأشرفية
القواس: لحن إنسانيّ واحد يجسّد الغنى الثقافي

وطنية - شهدت كنيسة القديس يوسف- الأشرفية أمسية موسيقية تحت عنوان “Harmonie de la Francophonie” أحيتها الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو غارو أفيسيان وعازفة البيانو الروسية البريطانية إيفلين بيريزوفسكي، وذلك  في سياق الاحتفالات بشهر الفرنكوفونية، وبدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس، والمنظمة العالمية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط ((OIF،  بالتعاون مع "الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية  UGAB – Liban ، وسفارات: أرمينيا، بلجيكا، كندا وسويسرا لدى لبنان.

شهدت الامسية حضورا ديبلوماسيا وسياسيا وثقافيا وموسيقيا وإعلاميا حاشد تقدمهم: ممثل المنظمة العالمية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط السفير ليفون أميرجانيان، وسفراء: أرمينيا، كندا، بلجيكا، سويسرا، أورغواي، رومانيا، الجمهورية التشيكية، رئيس منظمة UGAB – Liban جيرار توفنكجيان، والنواب: ميشال موسى، سعيد أسمر، مارك ضو، جان تولوزيان، وممثلة المكتب الإقليمي لليونيسكو كوستانزا فارينا، الملحق الثقافي للاتحاد الأوروبي في سوريا، وووزراء ونواب سابقون، وملحقون ثقافيون وسياسيون واقتصاديون لسفارات ووزارات ومديرون عامون وقناصل، ونائبة رئيسة الكونسرفتوار أمينة بري، وجمهور غفير من محبي الموسيقى الكلاسيكية.

حلّق الجمهور في الحفلة الاستثنائية إلى أماكن عالية من المتعة الموسيقية الخالصة. وذلك عبر الإنصات العميق والتفاعل الكبير مع المعزوفات المتنوعة بأنماطها الموسيقية الآتية من فضاءات فرنكوفونية مختلفة وبلدان عدة ومؤلفين متعددي المدارس والأمزجة الموسيقية المعاصرة. فكان الإبهار العنوان العريض للحفلة الساحرة والناجحة في كل المقاييس، من خلال الأداء الاحترافي الرفيع المستوى للأوركسترا وقائدها، وكذلك الأداء المتميز والمتقن لعازفة البيانو بيريزوفسكي.

"أيها القادمون من لغات شتّى إلى لغة واحدة هي الموسيقى"، بهذه الجملة التي تختصر قوة الموسيقى، افتتحت القواس الحفل المبهر بكلمة تضمنت اللغات الثلاث، محمّلةً بعبق الموسيقى ورسالة الفرنكوفونية، وقالت: "الفرنكوفونية ليست حدودًا مرسومة، بل مساحةٌ تمتدّ حيث يتلاقى الفكر والإبداع. هي نبضٌ ثقافي، يعبر القارات كما تعبر الألحانُ الأزمنة، يوحّد الأصوات لا بالتشابه، بل بالاختلاف المتناغم. هذا المساء، ليست الموسيقى أداءً، بل حوارٌ حيّ، حيث تتجاور أنغام ناجي حكيم، أرتور أونيجير، فيفيان فونغ، بوغوص جلاليان، سيزار فرانك، آرام خاتشاتوريان، وهبة القواس، في لقاءٍ يُعيد تشكيل المعنى.وهنا، تحتفي الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بهذا الامتداد الفني، في مشهدٍ حمله الكونسرفتوار الوطني العالي للموسيقى، تأكيدًا أنّ الثقافة مسؤوليةٌ لا تعرف التردد، وأن الموسيقى، كما الفرنكوفونية، ليست صدى الماضي، بل صُنع المستقبل. فلنكن هذا المساء جزءًا من الهارموني، حيث تتحد اللغات في صمت الإنصات، وحيث تكتب الموسيقى ما تعجز عنه الكلمات".

وأضافت: "على الرغم من أنني لست فرنكوفونيةً باللغة، إلا أنني فرنكوفونيةٌ بالثقافة بعمق. لقد وُلِدتُ وترعرعتُ في بلدٍ تتداخل فيه الفرنكوفونية مع تفاصيل الحياة اليومية، فاستوعبتُ جوهرها، ليس فقط في الموسيقى، ولكن أيضًا في الطريقة التي أرى بها العالم، وأشعر به، وأتخيله. وبالفرنسية تابعت القواس:"الفرنكوفونية ليست مجرد لغة، إنها نظرة إلى العالم، إنها أسلوب حياة، إنها حساسية تتجلى في الموسيقى، وتُشعرنا بعمق الصمت، وتكشف عن نفسها في كل نغمةٍ تُعزَفُ هذا المساء. إنها حوار، إنها حركة، إنها ذلك الدافع الذي يجعل الروح تهتز، ويوحد الاختلافات في لحنٍ إنسانيٍّ واحد." وأكملت القواس كلمتها بالإنكليزية، فقالت: "ومن دواعي سروري العميق وامتناني الكبير أن أرحب بكم الليلة في حفل "تناغم الفرنكوفونية"، هذا الحفل الذي يحتفي بالغنى الثقافي، والحوار الفني، وروح الموسيقى الموحدة ضمن شهر الفرنكوفونية لعام 2025. بصفتي رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان، يشرفني أن أرى هذا الجمع من الفنانين وسفراء الثقافة وعشاق الموسيقى الذين يؤمنون بقوة الفن في تجاوز الحدود. الليلة، تقدم الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية، بقيادة المايسترو غارو أفيسيان، وبمشاركة عازفة البيانو المتميزة إيفلين بيريزوفسكي، برنامجًا يعكس تنوع الموسيقى وتفوقها عبر المشهدين الفرنكوفوني والدولي".

وتابعت: "يمثل هذا الحفل تكريمًا للقيم الثقافية المشتركة التي نتمسك بها. كما يسعدنا أن نحظى بحضور ودعم المنظمة العالمية للفرنكوفونية (OIF) وسفارات أرمينيا، وبلجيكا، وكندا، وسويسرا، إذ يعزز انخراطها في هذا الحدث روح الفرنكوفونية ويسلط الضوء على إسهاماتها الفنية. إن اختيارنا للمؤلفين الموسيقيين ناجي حكيم، وآرثر هونغر، وفيفيان فونغ، وبوغوس جلاليان، وسيزار فرانك، وآرام خاتشاتوريان، وبالإضافة إليّ، هبة القواس، يعكس هذه الفلسفة وهذا الحوار الثقافي، مجسدًا ثراء التقاليد الموسيقية في هذه البلدان. لكن هذا الحفل ليس مجرد احتفال، بل هو أيضًا رسالة التزام وصمود. فالأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية، التي واجهت تحدياتٍ هائلة، تواصل التألق بفضل تفاني موسيقييها وشغفهم. وكمعهد موسيقي، أخذنا على عاتقنا مسؤولية تحقيق هذه الرؤية الفنية، إيمانًا منا بأن الموسيقى قوة أساسية تجمع، وترتقي، وتُلهم".

ثم كانت كلمة للسفير ليفون أميرجانيان، رئيس المنظمة العالمية للفرنكوفونية في الشرق الأوسط ومما جاء فيها: "هذا الحدث هو ثمرة تعاون رائع بين سفارات أرمينيا وبلجيكا وكندا وسويسرا في لبنان، رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى، الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية، وكذلك المنظمة الدولية للفرنكوفونية، التي أمثلها في منطقة الشرق الأوسط. أود أن أشكر بحرارة كل شريك من شركائنا على التزامهم ومساهماتهم في هذا الاحتفال الجميل. يسرنا هذا المساء أن نستمع إلى الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية، التي تكرمنا بتقديم برنامج فريد، يسلط الضوء على مؤلفين ومؤلفات تنبع من كل الفضاء الفرنكوفوني. إذا كانت الفرنكوفونية هي قبل كل شيء لغة التبادل، فإن الموسيقى هي لغة عالمية تتجاوز الحدود والأزمنة. فهي تربط بين الشعوب والثقافات، وتحتوي على العواطف والقصص التي توحدنا بما يتجاوز الكلمات. هذا الحفل يجسد هذا الروح بشكل مثالي: إنه يحتفل بالحوار بين الثقافات، نقل التراث، الاتحاد من خلال الفن، التنوع والاحترام والأخوة التي تشكل قلب القيم الفرنكوفونية".

تلاه سفير جمهورية أرمينيا لدى لبنان فاهاكن أتابيكيان في كلمة جاء فيها: "أود أن أعبر عن امتناني لزملائي وأصدقائي الأعزاء، سفراء كندا وسويسرا وبلجيكا، الذين منحوني شرف ومتعة الترحيب والتعبير عن الشكر نيابة عنهم لجميع الذين ساهموا في هذه الأمسية التي هي ثمرة تعاون استثنائي بين سفاراتنا المعنية، المنظمة الدولية للفرنكوفونية، المعهد الوطني العالي للموسيقى المرموق، وجمعية  .UGABهذا الحفل، الذي تؤديه الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية الرائعة، سيأخذنا في رحلة من بلد إلى آخر، حيث نكتشف الأصوات والتأثيرات التي تشكل غنى تراثنا الموسيقي المشترك، وهو في الواقع قصيدة للتنوع. التنوع الثقافي الذي يشكل جوهر الفرنكوفونية، والتنوع الذي يشكل أساس بنية المجتمع اللبناني. "عندما تتحدث الأسلحة، تصمت الملهمات". هذه العبارة تتردد بحزن عبر التاريخ. عندما تغزو أصوات البنادق والقنابل الفضاء، تبدو الموسيقى والشعر والفن وكأنها تختفي، كما لو أنها اختفت في صمت قسوة العالم. لكن هذا الحفل يأتي في الاتجاه المعاكس، حيث تتحدث الموسيقى وتلتزم المدافع بالصمت، لكي يسود الحق في العدالة في جميع أنحاء العالم ضد حق الأقوى، ولكي ينتصر الشعور البسيط بالتعاطف البشري ضد الاندفاعات الدموية لأعداء التسامح، ولكي لا يبقى أي طفل يتيم، ولكي يعود جميع أسرى الحرب إلى منازلهم".

واحتفاء بهذا التنوع الفرنكوفوني، قدمت الأوركسترا بقيادة المايسترو غارو أفيسيان برنامجًا موسيقيًا متميزاً ومعاصرًا ضمّ مؤلفين موسيقيين من شتى المساحات الموسيقية الفرنكوفونية ومختلف المدارس الموسيقية، حيث قدمت الأوركسترا أداءً استثنائياً تخللته مشاركة من العازفة إيفلين بريزوفسكي على البيانو، لتأخذنا في رحلة موسيقية متنوعة تنبض بالحياة. تضمن البرنامج المؤلفين: ناجي حكيم  (Ouverture Libanaise – Liban) وآرثر هونغر(Pastorale d'été -Suisse)، وهبة القواس (Pleusis 2ème et 3ème mouvements -Liban)، وفيفيان فونغ (Prière pour orchestra – Canada) ، وبوغوس جلاليان(Sept sequences - Liban) ، وسيزار فرانك(Variations pour piano et orchestra - Belgique) ، وآرام خاتشاتوريان (Mascarade – ،Valse – Armenie, Variation d’Aegina, Danse des filles en rose, Lezginka, Danse du sabre).

بنبض ناجي حكيم المتدفق حياة وإيقاعًا، افتتح أفيسيان الأمسية بـ "ميدلي" كلاسيكي جمع أنماطًا موسيقية مختلفة، تخللته هوية حكيم الخاصة في توزيع فاتن تلألأت على نغماته آلات النفخ والوتريات والإيقاع في الافتتاحية اللبنانية التي تضمنت أيضًا مقطعًا من النشيد الوطني اللبناني الذي وقف الجمهور عند أدائه.

وعكست المعزوفات المختارة تنوع الخلفيات الثقافية للمؤلفين، كما توّج الأمسية عنوان موسيقي عريض هو الحداثة والمعاصرة في ما قدّمته الأوركسترا من معزوفات، تفوفت فيها على نفسها في الجرأة بالطرح الموسيقي المعاصر. فمن مقطوعة "صوت الرياح" لآرثر هونيغر، الذي اشتهر بتجسيد مشاهد الطبيعة في موسيقاه، كانت الألحان تعكس الحركة الديناميكية للريح في تنقلاتها بين الهدوء والعواصف. إلى معزوفة "بليزوس" لهبة القواس المحملة بعمق التعبير العاطفي والتجاوز التعبيري، إلى فضاءات من التجلي ومساحات من الارتقاء بالذات الموسيقية المفعمة بنداء الروح والتدفق الهائل للقاء منتظر بالمطلق. إلى فيفيان فونغ، بلمستها المعاصرة في تداخل الأصوات ما أضفى تجربة سمعية جديدة ومثيرة. من جهة أخرى، كانت أعمال بوغوص جيلاليان تجسد الإرث الأرمني، حيث أظهر التناغم بين الآلات الأوبرالية والتقليدية قدرة فنية استثنائية في نقل التراث إلى آفاق جديدة.  

من خلال المقطوعة الرومانسية لسيزار فرانك، تألق الأداء الأوركسترالي في نقل المشاعر الصادقة والدافئة، وعبّر عن توازن دقيق بين العاطفة والقيادة الموسيقية المحترفة. بينما جسدت ألحان "الرقص الأرميني" لآرام خاتشاتوريان القوة والإثارة، معززة بتقنيات موسيقية مفعمة بالروح الشرق أوسطية التي لا تخلو من الأصالة والابتكار، حيث نقلت الأجواء الشرقية إلى منصة الأوركسترا بطريقة فنية متقنة.

تمكنت الأوركسترا بقيادة المايسترو غارو أفيسيان من إبراز التنوع الغني في المعزوفات بفضل توجيهاته الدقيقة وعصاه الساحرة وحركاته المفعمة بالحيوية، في حين قدمت إيفلين بيريزوفسكي أداءً بيانيًا رائعًا، حيث أظهرت مهاراتها الاستثنائية وقدرتها على استحضار مشاعر عميقة، مما أضاف للموسيقى جمالًا فائقًا وأثرًا عاطفيًا في نفوس الحضور.

 

=============

 

 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب