وطنية - أقام المعهد الوطني العالي للموسيقى – الكونسرفتوار، بدعوة من رئيسته المؤلفة الموسيقية هبة القواس حفلة موسيقية خاصة بعنوان "أمسية من الموسيقى الخالدة" مع أعضاء من الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو غارو أفيسيان في المتحف الوطني اللبناني في بيروت.
حضر الأمسية رسميون تقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة، وديبلوماسيون وإعلاميون وجمهور الموسيقى الكلاسيكية في لبنان الذي ضاقت به أروقة المتحف التاريخية والمساحات الجانبية، فتابع كثر الحفلة وقوفاً متفاعلين مع البرنامج الموسيقي الراقي الذي تضمن مجموعة مختارة من المعزوفات الشهيرة المخصصة للأمسية.
وفي بيان عن الحفلة:"بين أروقة التاريخ العريق للمتحف صدحت روائع التحف الفنية الموسيقية لـ (موزارت، سانت- سين، هاندل، برامز، بيزيه، جانكينز، هايدن، مارتن وشتراوس"، لتكون بداية حفلات مقبلة ينظمها الكونسرفتوار أيام الآحاد في المتحف الوطني أو في مكان آخر يُعلن عنه في حينه، وذلك إلى جانب الحفلات الدورية التي يقيمها المعهد في كنيسة القديس يوسف في مونو للأوركسترا الفلهارمونية. الأمسيات الجديدة تحت عنوان عريض: "موسيقى من المقطوعات الكلاسيكية المفضلة"، “Classical Favorites Concerts” وهي معزوفات مختارة معروفة ومشهورة لدى العامة تقدّم في سياق إحياء الموسيقى الخالدة وفي سلسلة موسيقية مساء أيام الآحاد، وذلك بهدف تقريب الموسيقى الكلاسيكية من الذائقة العامة، بناء على مختارات موسيقية عالمية لكبار المؤلفين شائعة ومعروفة ومحببة عند الناس. وأثمرت بداية هذه التجربة تجاوبًا كبيرًا الدى جمهور الحاضرين الذين غصت بهم الأمكنة المخصصة في المتحف، وطالبوا بحفلات أخرى ودورية لهذا النمط الموسيقي الذي يحبه الجميع ويعرفه ومعتاد على سماعه لانتشاره وشهرته.
هذا ما أعلنت عنه في كلمتها رئيسة الكونسرفتوار د. هبة القواس حين قالت: "ستكون لنا أمسيات موسيقية أيام الآحاد، بالإضافة إلى أيام أخرى، مع هذا النوع القريب من ذائقة الناس الموسيقية، كما وأننا سنجول مع الأوركسترا في مناطق عديدة في لبنان، في المدارس والجامعات وفي أماكن أخرى لم تدخلها الموسيقى الكلاسيكية، وهكذا نستطيع الوصول إلى كل الناس، وتقديم الموسيقى إلى الجميع حيثما كانوا ". وأضافت: "اليوم 9 آذار أريد أن أحيّي المعلم في عيده، وكل المعلمين في هذه المؤسسة الأكاديمية التي تضم أساتذة من التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي، والذين يقدمون للتعليم أقصى ما عندهم من عطاء. وفي هذه المناسبة أريد أن أعلن أننا سنبدأ تقديم برامج موسيقية تتضمن Music appreciation” “التي تهدف إلى التفاعل بين الأوركسترا والقائد والجمهور، حيث تكون هناك إمكانية للنقاش والأسئلة مع القائد والأوركسترا، وكذلك عبر الشرح عن التوزيع الموسيقي وكيفية تقسيمه، وكل آلة وطريقة التوزيع الأوركسترالي، وفن توزيع الألحان الموسيقية وترتيبها لتتناسب مع الآلات الموسيقية المختلفة في الأوركسترا. هذا ما أحببت أن أعلن عنه اليوم تحديداً، في هذا اليوم المميز الذي يتضمن عطاء العلم والمعرفة، لنضيف إليه عطاء المعرفة الموسيقية".
رحلة عبر الزمن مع معزوفات الكلاسيكيات المفضلة بقيادة مشهودة بالإتقان والاحتراف مع المايسترو أفيسيان، قدمت فيها الأوركسترا باقة من أشهر الأعمال الكلاسيكية التي تميزت بالتنوع والتقنيات الموسيقية العالية. افتتحت الأمسية بسمفونية موزارت رقم 40 في حركتها الأولى Mozart- Symphony no. 40 first movement)، وهي واحدة من أكثر الأعمال التي تلامس قلوب جمهور الموسيقى الكلاسيكية بتعبيرها العاطفي والحيوي. من ثم، انتقل الجمهور في رحلة موسيقية مع مقطوعة "البجعة" للمؤلف الفرنسي سانت- سينز ((Saint Saens – The Swan، حيث أبدعت الأوركسترا في تقديم هذا العمل الذي يدمج بين جمال الصوت وحنين السمفونيا.
أما مع "وصول ملكة سبأ" لهاندل (Handel – Arrival of the Queen of Sheba)، فقد شهدنا أداءً مثاليًا للأوركسترا في تقديم أجواء احتفالية تمجد النصر والقدوم المهيب. تلتها الرقصات الهنغارية الشهيرة لبرامز في "الرقصة الهنغارية رقم 5"، Dance no.5) (Brahms-Hungarianالتي أضافت فضاءً من الروح المحلّقة ومن الإيقاع المفعم بالحياة.
ومن الأعمال المؤثرة التي تخللت الحفل، تم عزف أشهر مقطوعات أوبرا "كارمن" لبيزيه، مثل "هابانيرا" و"أغنية الطوريدور"، ) (Bizet-Habanera, Chanson du Toreador) التي أضافت دفئًا حيويًا وأصواتًا عاطفية للأمسية، في حين قدمت "الرقصة البوهيمية" (Dance Boheme) جواً من الاحتفالية والرقص التقليدي.
قائد الأوركسترا الذي يتمتع برؤية موسيقية مبدعة وحضور جذاب، أظهر خبرته وحرفيته في قيادة الأوركسترا، وبفضل إيماءاته الرشيقة وتوجيهاته الخلاقة، تم تنسيق كل قطعة موسيقية بحرفية عالية، حيث استلهم من كل عمل موسيقي جوهره الخاص ليظهر بشكل رائع على خشبة المسرح، فاستمتع الجمهور بكل حركة، وكان واضحًا التناغم التام بين قائد الأوركسترا والعازفين، الذين تمكن كل منهم بإتقان أدائه من العزف الدقيق للآلات الوترية إلى الألحان الرقيقة للبيانو. فامتزجت الموسيقى مع التناغم العالي والروح العزفية الجماعية التي سادت الحفل.
مع "بالاديو" للمؤلف كارل جينكينز (Karl Jenkins-Palladio,first movement)، فتميزت الحركة الأولى من هذه المقطوعة بالإيقاعات المتناغمة والألحان المتطورة، مما أضاف لمسة من الحداثة والجمال على البرنامج. أما مقطوعة "ديتشي آل بريزو دي أونو" لمارتن ((Martin – Dieci Al Prezzo Di Uno، فأضفت بدورها شعورًا من التفرد والتجديد في الأداء الموسيقي، حيث استطاع العازفون تقديمها ببراعة مذهلة. ومع "سمفونية الوداع" لهايدن (Haydn-Faewel Symphony 4th movement) امتزجت أجواء الوداع مع الأمل بمستقبل موسيقي مشرق.
اختتمت الحفلة بمقطوعة "مارش راديتسكي" لجوهان شتراوس(Johann Strauss- Radetzky March)، التي عبقت بمشاعر الفرح والحياة، حيث ردد الجمهور الأنغام واندمجوا مع الأجواء الاحتفالية التي حملتها هذه التجربة الفنية الفريدة، محققًة نجاحًا باهرا".
===============