وطنية - المتن - واصلت الحركة الثقافية - انطلياس نشاطات المهرجان اللبناني للكتاب في دير مار الياس لليوم الرابع على التوالي والذي تضمن ندوة حول كتاب "صنوف الأدب في ملوك العرب" لأمين الريحاني الصادر عن منشورات دار النهار، أدارها الشاعر هنري زغيب، مفتتحًا بتحية إلى الحركة الثقافية على إدخال مئويتين في برامجها لدورة هذه السنة: مئوية "ملوك العرب" للريحاني، ومئوية منصور الرحباني، وتحية أُخرى إِلى "دار النهار" التي أصدرت "ملوك العرب" بأناقة لائقة.
وبعدما عرض لفيلم وثائقيّ قصير عن أمين الريحاني من إعداد كارولين زعرب، قرأ زغيب مقطعًا من مقال "ملوك العرب" في الفريكة" لفؤاد سليمان، وركز على كون لبنان الوطن يتمثل بالخالدين كالريحاني وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وسواهم ممن ينصّعون لبنان على أرضه وفي العالم.
جبور
وشاركت في الندوة الدكتورة زهيدة درويش جبور فأشارت الى ان "الاحتفال بمئوية كتاب ملوك العرب ليس طقساً فولكلورياً بل إسهام متجدد في إيقاظ الوعي ونشر أفكار التحرر التي كان الريحاني واحداً من أهم المبشرين بها والعاملين لأجلها".
وتناولت "الجانب النهضوي في أدب الريحاني، كما يتجلى في النصوص والوثائق والأبحاث والمقالات التي كُتبت عنه والتي يعود الفضل في جمعها للدكتور أمين ألبرت الريحاني بين دفتي كتاب يشكل مرجعاً لكل من يسعى إلى تعميق معرفته بأدب وفكر أمين الريحاني".
ورأت أن "أمين ألبرت الريحاني أصاب حين اعتبر في مقدمة كتابه الجامع أن "ملوك العرب" هو فاتحة لمشروع عربي جديد، أو لمشروع تحديث العروبة والعمل على بث اليقظة العربية في أرجاء العالم العربي". وقالت:"أدرك ذلك جيداً معاصرو أمين الريحاني، سواءً من كانوا في مواقع القرار، أو من المنشغلين بالشأن الثقافي والسياسي الذين احتفوا به وأثنوا على مشروعه في كتابات نثرية أو شعرية أو في خطب ألقيت في مناسبات، وثَّقها الكاتب بحنكة واستنطقها ليرصد فيها عبارات مفتاحية تعبر عن توجهات الريحاني وعن مشروعه الفكري والسياسي".
واشارت الى ان "الأفكار التي دعا إليها الريحاني منذ مطلع القرن الماضي لا تزال تتمتع براهنية كبيرة وتلقى الترحيب لدى معظم المفكرين الحداثويين، ربما يعود ذلك إلى أننا لم نخرج بعد من سؤال النهضة، وإلى أن محاولات العديد من المفكرين التنويريين لتجديد الفكر والمجتمع العربي عجزت أن تجد ترجمة لها على مستوى الواقع. الريحاني لا يزال معاصراً ليس فقط لأنه رؤيوي بل لأن الزمن العربي لا يزال عموماً يدور حول نفسه".
وتطرقت الى نواحي التجديد في فكر الريحاني متوقفة عند مفهومه للعروبة التي أسسها على مجموعة من القيم الأخلاقية والفكرية والاجتماعية.
الكمالي
كما شاركت في الندوة الدكتورة ايمان درنيقة الكمالي فسألت عن "هدف ألبرت الريحاني من وراء هذا الكتاب؟ وماذا أضاف كتاب "صنوف الأدب في ملوك العرب" الى كتاب "ملوك العرب" النفيس، والى رؤيتنا لكاتبه أمين الريحاني ؟ وكيف يمكن قراءة وتوصيف مقاربة ألبرت لكتاب " ملوك العرب".
وللإجابة على هذه الأسئلة، قسمت الكمالي دراستها الى ثلاثة أقسام: في القسم الأول، عالجت هيكلية الكتاب وابوابه ومحتوياته، وفي القسم الثاني، حللت ماذا أضاف كتاب ألبرت من معلومات وأفكار لم تكن موجودة في كتاب الملوك، أما القسم الأخير فخصصته لعرض الاستنتاجات التي تتعلق بمقاربة ألبرت لكتاب "ملوك العرب".
وقالت: "جاء كتاب "صنوف الأدب" لألبرت الريحاني بمثابة مصباحٍ كشف لنا عن كنوزٍ دفينة، وأسرارٍ مكنونة، لم تكن لتظهر لولا هذا الجهد العظيم. لذا وهو بذلك مرجع لا غنى عنه لكل من يسعى الى قراءة كتاب "ملوك العرب" والتعمق في استكشاف عالم امين الريحاني".
وشددت على أن فهم "ملوك العرب" لن يكتمل دون قراءة "صنوف الأدب"، فهما كتابان متلازمان، يكمل أحدهما الآخر، ويقدمان لنا صورةً شاملةً لأمين الريحاني ورحلته التاريخية". ورأت أن "ألبرت الريحاني نجح في تقديم عملٍ فريدٍ من نوعه، عملٍ يجمع بين الأدب والتاريخ، بين السيرة والتحليل، بين الماضي والحاضر. عملٍ يستحق أن يُقرأ ويُدرس، وأن يُحفظ في ذاكرة الأجيال القادمة".
أمين ألبرت الريحاني
بعد ذلك قدم الكاتب أمين البرت الريحاني سلسلة أجوبة من "ملوك العرب" على أسئلة القارئ في "محاولة لإزالة بعض الغموض طلبًا للحقيقة التي تبقى متجليةً واضحة مشرقة لمزيد من فهم المؤلف وفهم مقاصدِه وأهدافه".
واشار إلى أن "تصنيفِ كتاب "ملوك العرب" ضمن أدب الرحلة هو من باب الخطأ الشائع، والصحيح أنّه كتاب سياسي بامتياز، يحمِل مشروعًا عربيًّا مُستقبليًّا ناقشه المؤلف مع الحكام العرب الذين اجتمع بهم، خلال رحلته العربيّة وعددُهم سبعة حكّام"، وقال:"هذا لا يعني أنه لا يجوز أن ندرس ونناقش كتاب "ملوك العرب" على المستوى الأدبي، بل يعني أن أية دراسة لهذا الكتاب تُهمل الشق السياسي منه تكون دراسة ناقصة".
ولفت الى ان "من يراجع ملوك العرب، ومقدمات قلب العراق، وفيصل الأوّل، والمغرب الأقصى، ومقالته المطوّلة بعنوان "في روح العروبة"، يتضح له ان هذا الكاتب يعالجُ مشروعَهُ العربي من زاويةٍ نهضوية معاصرة، مستمدة من روح "المدينة العُظمَى" التي أطلقها خالد منذ العام 1911، ونفخ فيها روح الحريّة والعدالة، والمساواة، روح النهضة والعمران والثقافة الفلسفية والأدبيّة المعاصرة التي لامسها وعايشها في كلّ من نيويورك، وباريس، ولندن، ومدريد، وفيينا، وزوريخ وسواها من العواصم العواصي التي أخذت تنبت زهرة مدائنها اليوم، وبعد مئة عام من تاريخ رحلة الريحاني العربية، تنبت في كلّ من دبي والرياض والدوحة وأبي ظبي، والكويت والعُلا، مبَشِّرةً بفجرٍ جديد كما حلُم به الريحاني وسعى إلى تحقيقه".
تكريم الدكتور علي شمس الدين
وتضمن برنامج اليوم الرابع لمهرجان الكتاب تكريم الدكتور علي شمس الدين في احتفال اداره الأستاذ نعوم خليفة وقدمه المحامي الياس حنا.
============