وطنية - المتن - شهد اليوم الثالث من المهرجان اللبناني للكتاب الثاني والأربعين الذي تنظمه الحركة الثقافية - انطلياس في دير مار الياس ندوة حول كتاب "مندلى" للدكتور كمال ديب والصادر عن منشورات دار النهار، شاركت فيها الدكتورة الهام تابت وادارها الدكتور زياد شبيب الذي اعتبر ان "في كتاب "مندلى" اكتملت ثلاثية كمال ديب الروائية الرساليّة التي أراد التعبير فيها عن مخزون آخر من تجربته المعاشة وذاكرته الخاصة وخلاصات قراءاته وتأملاته الفكرية في إطار أدبي آخر لا يتسع له النوع الذي عُرف فيه في مؤلفاته البحثية في الاقتصاد والتاريخ والسياسة".
ورأى أن "تجربة كمال ديب الروائية "رساليّة"، لأنها وبالإضافة إلى كونها تعبيراً عن اكتمال معرفي عميق وعن نضج التجربة الإنسانية الخاصة به، فهي أتت من الدافع الداخلي أي من تلك القوة الكامنة فيه التي هي من جعلته يتفرّغ أصلًا للبحث والتأليف والتخلّي عن الوظيفة العامة الأكاديمية في الحكومة الكندية".
وقال:"في مندلى، أبدع كمال ديب في البناء الروائي الذي لم تَعُزْه الحبكة ولم يغب عنه التشويق"، متوقفاً عند بعض العناصر التي تميزت بها هذه الرواية وهي الأماكن، النفس البشرية والمشاعر والكثافة الفكرية والثقافية والخبرة الشخصية.
تابت
أما تابت فرأت أن "رحلة الإنسان لاكتشاف ذاته هي أطول الرحلات وأصعبها على الإطلاق"، وأشارت إلى أن "الدكتور كمال ديب يتابع في روايته الجديدة "مندلى"، عملًا جبارًا، إذ يخوض مجال الأدب الروائي الذي بدأت رحلته معه في روايته "أنغلا" وبعدها "مجدلى". فالمفكر والباحث في مجالات السياسة والاقتصاد والتاريخ، صاحب مسيرة زاخرة بالعطاء، لكنّه لا يكتفي بما حققه في مجالات اختصاصه. إنّه يتابع البحث والتنقيب مسكونًا بهاجس وطني وقومي وإنساني، مشدودًا إلى جذوره، محاولاً بكل ما أوتي من فكر ومعرفة أن يعطي وطنا منهكًا وأمة مشرذمة وإنسانية فقدت وجهها، شيئًا من الضوء".
ولفتت إلى أنه "ذاك هو الخيط الذي يُمسك مؤلفاته في مختلف المجالات، ويجعلنا نستشّف أمرين مترابطين: الأول ملامح رحلته مع ذاته من خلال بعض شخصيات رواياته. والثاني مدى انغراسه بأرضٍ غادرها صغيرًا إلى كندا حيث صنع مسيرة مجليّة وشغل مناصب رفيعة كباحث في الاقتصاد وكأستاذ جامعي، لكنّه ظل ملتصقًا بأماكن الطفولة ورائحة الصعتر، وظل يحلم بأنّ غداً أفضل سيكون لوطنه الأم".
وقالت:"يدهشنا المؤلف بقدرته على ولوج الماضي بنظرة شمولية ودقيقة في الآن نفسه. وهذا الأمر يسري في الرواية بمجملها: من الجبل وأهله في فترة الحرب، إلى بيروت مرة أخرى بعد أن مزقتها هذه الحرب. فإلى كندا وحياة جديدة تلتقي خلالها البطلة بجذورها وتكتشف عمق ارتباطها بهذه الجذور. لتعود من ثم إلى الجبل كخاتمة لترحالها الطويل وتعلن اتحادها بالكون من خلال عودتها إلى الأرض".
أضافت:"يُدهشنا المؤلف ايضا بعرضه للمذاهب والتيارات الفلسفية التي تلتقي على الروحانية، وكان لبعضها بعد الحرب العالمية الثانية تأثير على الشباب في أميركا وأجزاء من أوروبا، إذ أدت إلى ظهور نماذج تتبنى المثل العليا في مواجهة المجتمع الاستهلاكي المادي الغربي".
ديب
من جهته قال ديب:"روايتي الجديدة "مندلى" تستكمل ثلاثيتي عن العادات والتقاليد اللبنانية. فبعد روايتيّ "مجدلى" و"آنغيلا"، أقدّم الرواية الثالثة "مندلى" عن فتاة لبنانية في مسيرتها من المراهقة والثورة وإندفاعة الشباب إلى الحكمة واتزان العقل".
وأشار إلى أن "رواية "مندلى" فهي قصّة الفتاة "أميرة حلاوي" التي تعيش مع عائلتها في بيروت حتى فترة المراهقة، ثم تعود مع ذويها إلى قرية أجدادها في أعالي الشوف وذلك عام 1976 بعد انتهاء حرب السنتين في بيروت. ونعلم كيف أصبح اسمها "مندلى"، وهو اسم أطلقه عليها زعيم المنطقة الجبلية في مطلع عام 1977. وهذا الإسم يشير إلى دورة الحياة ومعاناة الانسان في مقاومة الإغراءات المادية وصولاً إلى التسامي الروحي والعودة إلى الجذور. حيث تسلك رواية مندلى مراحل البوذية الأربعة وتقارنها بعقيدة الموحدين الدروز".
وختم:"يتسنى لقراء الثلاثية "مجدلى وآنغيلا ومندلى"، التعرف إلى العادات في المناطق اللبنانية، سواء في التقاليد الريفية أو التي تتميّز بها الطوائف الدينية. فيرى قارىء رواياتي أنّ العادات اللبنانية هي كنوز ثمينة يجب الحفاظ عليها بعيداً عن منطق الميليشيات الطائفية والمناطقية المعسكَرة التي سيطرت على البلاد في منتصف القرن العشرين ولا تزال في أصل مصابه اليوم. فعندما أنادي بدولة مدنية إنّما أريد فصل الدين عن الدولة وليس التخلّص من المذاهب الدينية العريقة بتراثها وأدبياتها في المناطق الجميلة والساحلية والسهلية في ربوع بلادنا. فالمطلوب غسل الطفل الجميل لتطهيره من الأوساخ، وليس رميه مع الماء العكر".
يوم المعلم
وكذلك احيت الحركة الثقافية في اليوم الثالث من مهرجان الكتاب يوم المعلم فكرمت الرئيس السابق لرابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي عصام عزام وعضو مكتب فرع جبل لبنان للرابطة شربل شربل في احتفال اداره حنا ابي حبيب.
تكريم عزام
قدم الدكتور نبيل قسطنطين الاستاذ عصام عزام فرأى أنه "المربي القدوة والمدير الأب القدير"، وتحدث عن مسيرته المهنية الغنيَّة، واشار إلى انه "كرَّس ذاته لأجل تطوير رسالة التربية والتعليم من جهة، ورفع مستوى المعلم والأستاذ من جهة ثانية، وعلى المستويات التربوية والعلمية والمادية، بما يليق بالدور الكبير والأهم على الإطلاق، الذي يقوم به المربي بهدف بناءِ طالب، مواطن لبناني إنسان، واحد من دون تمييز ولا امتيازات طائفيَّة أو مذهبيَّة أو من أي نوعٍ كانت، مواطن ممتلئ بالعلم والمعرفة والثقافة، ومحصَّن بالقيم الدينية والمبادئ الأخلاقيَّة والإنسانيَّة والوطنيَّة".
وسأل قسطنطين:"إلى متى سوف يبقى النظام التربوي في لبنان، يغذِّي المجتمع اللبناني بعشرين نوع من المواطنين، المتعددي الأهداف والغايات، والانتماءات، ليس فقط على المستوى الطائفي، بل أيضًا على المستوى المذهبي؟"، وقال:"تبقى آمالنا معلَّقة على العهد الجديد العهد الواعد، فلا بدَّ لتساقط نقطة الماء على نفس المكان في الصخر، أن تفتح فجوة ولو بعد حين، وإلاَّ، لا سمح الله، علينا أن نعدَّ العدة لقيام ثورة تربوية شاملة ومتكاملة، يشترك فيها الأهل والطلاَّب والمديرون والإداريون والمعلمون والأساتذة الجامعيون، الذين في الخدمة والمتقاعدون منهم، لأنه لا خلاص للبنان إلا بالتربية".
حرفوش
ورأى الاستاذ عدنان حرفوش أن "عصام عزام يتحصن بإرث تربوي غني بالمحبة والكفاءة ، وبإرث فكري ذات بعد إنساني شامل. يتجلى ساطعا في محطات نضاله المتنوعة، وبخاصة نضاله المستمر في مجالات العمل الإجتماعي والتربوي، والنقابي".
كرم
واعتبر رئيس رابطة الاساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي عزيز كرم ان "التكريم هو لفتة وجدان وموقف وذاكرة وذكرى وعرفان بالجميل، لمن أضافوا في العقول والقلوب، ما ينفع الناس ويرتقي بهم"، مشددا عاى أن "الرابطة لا تزال تحتاج الى رجاحة رأي عصام عزام وسعة أفقه، كلما واجهتنا مشكلة أو صعوبة، وأنه كان وسيبقى السند ورفيق الدرب ".
عزام
وكانت كلمة شكر للمحتفى به شدد فيها عل أن "التربية هي من الدعائم الأساسيّة لبناء الوطن"، ورأى أن "على المعلّم المربّي أن يوظّف علمه في خدمة مجتمعه مستوحيًا القيم والمبادئ السامية"، مطالباً المسؤولين السياسييّن بـ"ضرورة تعزيز التعليم الرسمي بكلّ فئاته من أجل مستقبل أفضل للطلاب".
تكريم شربل
وكذلك خلال الاحتفال، قدم جورج مغامس الاستاذ شربل شربل فرأى أنه " طويل الباع رحبه، وافر الغلال وارف الظّلال، من التّدريس والتّدريب، إلى التّعريب، إلى التّأليف المدرسيّ والبحثيّ والإبداعيّ في مقالة وقصّة ورواية ونِثار من الشّعر".
وتوجه إليه قائلاً:"أنتَ عميد بينَ المعلّمينَ، وعماد بين الأدباء".
خاطر
وكانت كلمة للأستاذ عبدو خاطر فأشار إلى أن "عصام عزّام وشربل شربل علّما في الزمن الجميل، الزمن الذي كاد فيه المعلّم أن يكون رسولا. لكن بفعل الفاجرين الفاسدين وعهرهم أضحى فقيراً معدماً وعليلا".
وتوجه الى المحتفى بهما قائلا:"ستبقيان الشمعة التي تنير دروب الآخرين، وبتكريمكما نستعيد صفحات مشرقة ومشرّفة من كتاب المعلّم في لبنان".
شربل
بدوره شكر شربل للحركة الثقافية تكريمه وقال:"علّمني التعليم أن أرصد بفرح اتّساع مساحات الضوء في نفوس المتعلّمين، وعلّمني أن أرى بأمل ثمار النجاحات، المتوقّعة وغير المتوقّعة، وعلّمني أنّ التعليم ليس مجرّد وظيفة تمارس، وإنّما هو رسالة حياة عشتها بكلّ شغف وحبّ".
=================