الأربعاء 30 نيسان 2025

01:30 am

الزوار:
متصل:

المؤتمر العربي بدورته ال13 بعنوان:" نعمل لإحلال السلام وتعزيز الأمن وتطوير النمو في عالمنا العربي" برعاية سلام وكلمات ومداخلات ركزت دور الامن والاعلام وإعلاء مصلحة الوطن

وطنية - عقد المؤتمر العربي بدورته الثالثة عشر تحت شعار" نعمل لإحلال السلام، وتعزيز الأمن وتطوير النمو في عالمنا العربي"، برعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، في مقر إتحاد الغرف العربية - مبنى عدنان القصار - بيروت.
 
قاسم
بدأ المؤتمر بكلمة الاستشاري في هندسة الكهرباء المهندس محمد قاسم، تحدث فيها "عن السلامة المرورية ودور الذكاء الاصطناعي في تحسينها"، وعرض لإحصاءات تشير إلى اعداد ضحايا الحوادث في العالم، اذ يموت اكثر من مليون و300 شخص سنويا، اي ما يعادل شخص كل 25 ثانية، و50 ميلون شخص يصابون بجروح خطيرة"، مشيرا إلى "دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تقليل هذه الأرقام من خلال تحليل البيانات الضخمة لحركة المرور، وإشارات المرور الذكية والكاميرات الذكية والسيارات ذاتية القيادة". 
 
كما عرض قاسم لأهم المشكلات التي تؤدي إلى الحوادث ومنها: القيادة المتهورة والتشتت أثناء القيادة وضعف البنية التحتية وعدم الالتزام بالقوانين"، لافتا إلى "ان الحوادث لا تحدث فقط بسبب السائقين انما ايضا بسبب الأعطال الميكانيكية غير المكتشفة". 
 
وختم: ان "السلامة المرورية ليست مجرد مسؤولية الحكومات، بل مسؤولية الجميع، اذ ان مستقبل المرور يعتمد على التكنولوجيا والوعي البشري معا، وبتحسين الأنظمة المرورية وتطبيق الذكاء الاصطناعي، يمكننا إنقاذ الاف الأرواح سنويا".
 
حسب الله 
ثم كانت كلمة المقدم الدكتور طارق حسب الله ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء رائد عبدالله، تناول فيها موضوع " تأثير الأمن في إعطاء الثقة وتحفيز النمو والاستثمار"، اعتبر فيها ان "الأمن أحد الركائز الأساسية لبناء الدول والمجتمعات. فبدون أمن، لا يمكن الحديث عن ثقة مجتمعية، ولا عن استقرار اقتصادي، ولا عن جذب للاستثمارات الأمن ليس فقط غياب العنف، بل هو الإحساس بالحماية، العدالة، وفعالية مؤسسات الدولة". 
 
أضاف :"وفي السياق اللبناني، نرى بوضوح كيف ينعكس غياب أو وجود الأمن على الحياة اليومية للمواطن وعلى اقتصاد البلاد واستقرارها". 
 
وتحدث حسب الله عن دور الأمن كركيزة للثقة المجتمعية اي "أن يشعر المواطن أن حياته وحقوقه مصانة، وأنه يعيش في بيئة تحترم القانون وتطبقه بعدالة، وجود مؤسسات أمنية فاعلة وعادلة يخلق هذا الشعور، ويعزز العلاقة بين الفرد والدولة ودور الأمن في تحفيز النمو الاقتصادي الذي لا يمكن أن يتحقق في بيئة غير مستقرة أمنيا. فالتجارة، السياحة، النقل، والاستثمار تحتاج إلى إستقرار وضمانات الأمن يمكن من تخطيط المشاريع، ويقلل من التكاليف المرتبطة بالمخاطر".

وأشار الى "ان البيئة الآمنة تجذب الاستثمار، والمستثمر يبحث دائما عن بيئة مستقرة وآمنة. فغياب الأمن يعني زيادة المخاطر، وتعطيل المشاريع وهدر الموارد. كما أن تصنيفات الدول من حيث الأمن تؤثر على صورتها في عيون المستثمرين الدوليين".

وتطرق إلى الأمن النفسي والاجتماعي للفرد، اذ "لا يقتصر الأمن على حماية الممتلكات فحسب، بل يشمل شعور الفرد بالأمان في بيئته، في منزله في عمله، وفي الشارع هذا الإحساس يؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية والإنتاجية والاندماج الاجتماعي. في بعض المناطق الحدودية كعرسال أو جنوب لبنان يعيش المواطنون دائما في حالة ترقب بسبب القرب من مناطق توتر أمني أو سياسي. هذا الشعور بالقلق يؤثر على قراراتهم المتعلقة بالبقاء، أو حتى في نوعية أعمالهم، كذلك، في بعض المدارس الرسمية الواقعة في مناطق نزاع، يعاني الطلاب من الخوف وعدم التركيز، ما يؤثر على تحصيلهم الدراسي، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى التسرب المدرسي".
 
وعن الحلول الواجب اتخاذها، رأى المقدم حسب الله انه "من أجل تحقيق بيئة آمنة تنتج الثقة وتحفز النمو الاقتصادي والاستثماري، لا بد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات والسياسات ابرزها: تعزيز فعالية مؤسسات الأمن والعدل، إصلاح الأجهزة الأمنية لضمان استقلاليتها واحترافيتها، بعيدا عن الولاءات السياسية أو الطائفية، تعزيز الشفافية في عمل قوى الأمن الداخلي، ومحاسبة أي تجاوزات قد تسيء لصورة الدولة، تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف الفقر، تحسين الظروف المعيشية للفئات المهمشة يقلل من معدلات الجريمة، الاستثمار في التعليم والصحة والعمل يخفف من التوترات الأمنية على المدى البعيد، إشراك المجتمع المحلي في حفظ الأمن من خلال دعم مبادرات الشرطة المجتمعية التي تعزز الثقة بين الأمن والمواطن، وتعزيز الثقافة القانونية لدى المواطنين ونشر الوعي بأهمية الأمن الوقائي، خلق بيئة مشجعة للاستثمار من خلال تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين في المناطق المستقرة أمنيا، تطوير البنى التحتية وحمايتها، وتوفير تأمينات مناسبة للمشاريع الاقتصادية".
 
وتابع حسب الله:"يظهر الواقع اللبناني بوضوح، أن الأمن ليس ترفا بل هو شرط أساسي للتقدم ، فعندما يشعر المواطن بالأمان، يثق بالدولة، ينتج، يستثمر، ويتفاعل بشكل إيجابي مع محيطه. الأمن يبني المجتمعات ويمهد للنمو الاقتصادي ويعزز صورة الدولة داخليا وخارجيا. لذلك، فإن الاستثمار في الأمن العادل والفعال يجب أن يكون في صلب السياسات الوطنية، كونه الاستثمار الأهم في مستقبل لبنان".

وختم :"الأمن هو العمود الفقري للدولة. ومن دون أمن، لن تنجح أي خطط إنمائية أو إصلاحية. لكن الأمن لا يفرض بالقوة فقط بل يبنى بالثقة، بالعدالة، وبالرؤية الوطنية الحلول موجودة، وتطبيقها يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، وإلى مشاركة فعالة من المواطن اللبناني الذي طالما حلم بوطن أمن، مزدهر، ومستقر".
 
رزق 
ثم كانت كلمة نقيب المهندسين في بيروت النقيب فادي حنا، ألقاها المهندس إيلي رزق، تحدث فيها عن "التكامل بين ثلاثية الامن والسلام والتنمية، هو أمر مسلم به في كل النظريات والدراسات، والعلاقة التفاعلية في ما بينها بتواصل دائم"، مسلطا الضوء على "دور المهندس في تحقيق اهداف التنمية المستدامة وخاصة في العالم العربي في مرحلة اعادة الاعمار في بعض من اقطارنا ومواكبة للنمو المتواصل في بلدان اخرى مع تساؤل: الا يتوجب أن يترافق ذلك مع حكومات ابتكارية؟
 
وتطرق الى مبادئ السلام في مدارس الفكر السياسي، ومنها الى مفهوم الأمن المستدام. وقال:"ركزت بعض المنظمات الدولية، كبرنامج الأمم المتحدة للتنمية على أولوية تحقيق التنمية وخلق ثقافة تتيح مشاركة المجتمع المدني، للوصول إلى حلول سلمية للنزاعات وبات مبدأ تحويل الصراع" هو النهج المسير تقريبا لعمليات بناء السلام في عصرنا الراهن، ويجمع هذا النهج بين الحلول المعتمدة لحل النزاع على المدى القصير مع بناء علاقات طويلة الأجل، ومحاولة تحويل جذور الصراع لعدم تكراره مجددا".
 
ورأى "ان مشكلة تكمن في التوسع في مفهوم بناء السلام – برأينا أنه يتضمن آليات التخفيف من الفقر ومكافحته، وعمليات بناء الديموقراطية، ما يجعل مفهوم "بناء السلام" واسعا جدا ويتضمن كل ما يتعلق بالبنية السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية في البلد المعني بالتالي لا يمكن تحديد متى تتوقف عمليات بناء السلام تلك، كما قد يؤدي إلى خيبات أمل من الإنجازات الصغيرة التي قد يحققها".
 
أضاف:"أما في ما خص الأمن المستدام فهو ركيزة أساسية لوجود المجتمعات الإنسانية واستمرارها. إذ ينبع من إرادة الشعوب ويشكل حجر الزاوية في بناء الدولة، وتستند الأنظمة السياسية بدورها إلى هذه الغاية في سعيها الدؤوب نحو تحقيق التنمية المستدامة، التي تمثل بوصلة دقيقة لقياس استقرار الدول ونموها وتقدمها وازدهارها، كما تمثل مظلة، ودرعا حامية للأفراد والجماعات من مختلف الأخطار التي قد تطرأ، سواء كانت نابعة من داخل المجتمعات أو من خارجها، تقوم هذه العملية وتتجذر على أسس متينة من المؤسسات القوية و قيم العدالة والسلام، مما يسهل ويتيح للأفراد تنوع خياراتهم ويمكنهم من الانخراط في أنشطتهم وأعمالهم الاعتيادية اليومية برعاية وحماية كاملة دون عوائق أو تأثيرات سلبية قد تفضي إلى التردي والتراجع، وتعيق الإبداع وتخفض معدلات الإنتاج، فالتنمية والأمن صنوان متلازمان و وجهان لعملة واحدة لا يمكن تصور أحدهما بمعزل عن الآخر، كونهما يشكلان علاقة تبادلية تستند فيها التنمية إلى الحكم الرشيد كركيزة أساسية لبناء أمن وطني فعال ومستدام، إذ إن الحكم الرشيد، القائم على الشفافية، المساءلة والمشاركة)، يعزز من قدرة الدولة على توفير الأمن المستدام، ويرسخ الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. مما يسهم في بناء مجتمعات متماسكة وقادرة على مواجهة التحديات، كما ولا يغفل دور التكنولوجيا الحديثة في تعزيز الأمن المستدام من خلال تطوير أنظمة المراقبة والرصد وتحسين قدرات الاستجابة السريعة للأزمات والكوارث، مسهما في بناء بيئة آمنة ومستقرة تعزز من فرص التنمية والازدهار".

أضاف :"الأمن المستدام ليس مجرد حماية من التهديدات، بل هو منظومة متكاملة تسهم في بناء مجتمعات حرة عادلة ومزدهرة)، تحقق تطلعات شعوبها نحو مستقبل أفضل".

واشار رزق إلى "أن الأمن المستدام : هو إطار استراتيجي معاصر، تسعى من خلاله الدول إلى تحقيق الاستقرار الشامل والمتكامل والحماية من التهديدات الداخلي والخارجية، غير المقتصرة على الحماية العسكرية، ففي ظل عالم متشابك ومعقد، تتداخل فيه القضايا العالمية والمحلية بشكل غير مسبوق، بات الأمن الوطني منظومة شاملة ومتعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الاجتماعية الاقتصادية السياسية والبيئية).

واستطرد :"أما التنمية المستدامة  فهي نمط حديث وإطار عمل استراتيجي متكامل يجسد نموذجا حضاريا معاصرا، صمم لمواجهة تحديات العصر الراهن، وغايته بناء واقع مستدام يلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، ويرتكز هذا النموذج على التوازن الدقيق بين الأبعاد الاجتماعية الاقتصادية والبيئية، واضعاً جودة حياة الإنسان في صميم اهتماماته ويتم ذلك من خلال ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، مع الحفاظ على البيئة وصون التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى ضمان الاستخدام الأمثل للموارد، بعيداً عن الإسراف والتبذير إذ يترجم هذا المفهوم إلى نهج تكاملي يسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة، بحيث يحقق الازدهار للإنسان وللكوكب على حد سواء".
 
وأكد رزق ان " الأمن والتنمية هما في شراكة استراتيجية لتحقيق التقدم المستدام في ظل المتغيرات ونصل الى الحكم الرشيدي" وان المجتمعين المدني والمحلي يشكلان ركيزتين أساسيتين في بناء الاستراتيجيات الأمنية الفعالة، لدورهما المحوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تعزيز الحكم الرشيد. فهما حلقة وصل بين المواطن الدولة، والقطاع الخاص، مما يعزز المشاركة المجتمعية ويرسخ دعائم مجتمعات أكثر ازدهارا واستقرارا، إذ أن إشراكهم في صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات الأمنية يبني الثقة، ويعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الأمن والتنمية المستدامة". 
 
وتحدث رزق عن المجتمع المدني كشريك استراتيجي وعن الهندسة من أجل الإدماج الاجتماعي، والهندسة من أجل التعاون، اذ يتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة تعاونا وثيقا بين مختلف أصحاب المصلحة في المجتمع، ويلعب المهندسون دورا حاسما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. يمكنهم ابتكار حلول مبتكرة للمشاكل البيئية والاجتماعية، مع تعزيز الإدماج الاجتماعي والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة في المجتمع من الضروري أن يأخذ المهندسون أهداف التنمية المستدامة في الاعتبار في عملهم وأن يتعاونوا مع غيرهم من المهنيين والمجتمعات المحلية لضمان مستقبل أكثر استدامة للجميع".
 
وأشار رزق إلى انه "منذ أسابيع قليلة وقع اتحاد المهندسين العرب مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع منظمة المدن العربية وقد هدف هذا البرتوكول الى الحفاظ على هوية المدن العربية وتراثها وجعلها جاذبة للعيش والعمل من خلال شراكات شاملة في صنع القرارات التي تؤسس لقيام مدن مرنة وشاملة وامنة ومستدامة والعمل على تحقيق العيش الذي يسمح بالتواصل لتعزيز مؤشرات النمو".

ولفت الى انه "ومواكبة  للانتخابات البلدية، نظم اتحاد المهندسين اللبنانيين منذ أيام جلسة حوار ومناقشة نحت عنوان " نحو مشاركة فاعلة في الاستحقاق البلدي –المهندس في خدمة التنمية الشاملة"، كما تنظم رابطة المعماريين في نقابة المهندسين في بيروت ندوة هندسية متخصصة تسلط الضوء على أبرز تحديات اعادة الإعمار والحفاظ على الذاكرة والإستدامة العمرانية في مرحلة ما بعد الحرب".

حمادة
"الذكاء الاصطناعي والامن الوطني" عنوان المداخلة التي ألقاها الخبير في الأمن السيبراني  العميد الركن خالد حمادة، تحدث فيها عن ثلاثة اجيال من الذكاء الاصطناعي: النماذج التنبؤية، الذكاء الاصطناعي التوليدي والان الموجة الثالثة التي يضع محدداتها وكلاء اذكياء يمكنهم التعامل مع المهام المعقدة بشكل مستقل. 
 
وأشار حمادة إلى "الاستخدام المزدوج للذكاء الاصطناعي والبعد الأخلاقي في استخدامه والاستخدامات غير الأخلاقية اي الجانب المظلم له، وعن دوره في الامن والدفاع والاقتصاد، والتحول العميق الذي يحفزه في سوق العمل العالمي، وتأثيره على ديناميات القوة والسيطرة في المجتمع". 

كما عرض لخطوات بناء استراتيجية ناجحة للذكاء الاصطناعي والفوائد الناجحة". 

سلام 
وعن "دور الإعلام في تحقيق السلام والتنمية المستدامة "تمحورت كلمة رئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام، رأى فيها"إن الإعلام لم يعد مجرد ناقل للأحداث، بل أصبح صانعا للأحداث، لم يعد مجرد مرآة تعكس الواقع، بل أصبح فاعلا يغير هذا الواقع... نحو الخير أو نحو الشر".
 
وسأل:" كيف نحول الكلمة إلى جسور سلام، والمعلومة إلى بذور تنمية؟ كيف نستعيد ثقة الناس في رسالة الإعلام، وسط عالم يضج بالفوضى والأكاذيب؟ ان حديثنا اليوم عن الإعلام، هذه القوة الهائلة التي إن أحسن استخدامها، أصبحت جسرا نعبر به إلى عالم أكثر أمنا وعدلا وازدهارا. لقد أصبح الإعلام في عصرنا أكثر من مجرد أداة لنقل الأخبار، إنه أصبح جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، مؤثرا في قناعات الناس، وصانعا لاتجاهاتهم، ومؤطرا لسلوكياتهم". 

أضاف :"إن الإعلام اليوم إما أن يكون صوتا يبني أو معولا يهدم، وإما أن يحمل رسالة سلام أو بذور نزاع".
 
وعن الإعلام والسلام، قال سلام:"يقف الإعلام أمام مسؤولية عظيمة: هل نريد أن يكون الإعلام وقودا للصراعات والكراهية، أم منبرا للتسامح والتفاهم؟ حين يتبنى الإعلام ثقافة السلام، يصبح سفيرا بين الشعوب، ينشر قيم الحوار بدلا من التنازع، ويسلط الضوء على المشتركات الإنسانية بدلا من الفروقات.
 
لقد رأينا كيف استطاعت بعض الحملات الإعلامية أن توقف نزاعات طويلة الأمد، وتفتح أبواب المصالحة حيث كانت الأبواب موصدة. أليس هذا في حد ذاته أعظم شاهد على قوة الكلمة حين تصفو النيات؟
وفي مجال الإعلام والتنمية المستدامة، قال سلام : "يأتي دور الإعلام في معركة أخرى لا تقل أهمية: معركة التنمية المستدامة. تنمية لا تقتصر على اقتصاد مزدهر اليوم، بل اقتصاد يحفظ للأجيال القادمة حقها في الحياة الكريمة. هنا يتجلى الإعلام كقائد توعوي، يزرع الوعي البيئي، يحارب الفقر بالمعرفة، يحث على التعليم الجيد، ويشجع المجتمعات على أن تكون فاعلة ومنتجة. 

الإعلام حين يتبنى أجندة التنمية، يصبح لسان الفقراء والمهمشين، عينا تراقب الأداء الحكومي، ويدا تدفع نحو الإصلاح".
 
وبالنسبة للتحديات أوضح سلام :"أن الطريق أمام الإعلام ليس مفروشا بالورود. في زمن تتسارع فيه المعلومات حد الإرباك، وتتنافس فيه المنصات على جذب الانتباه بأي ثمن، حيث تواجهنا تحديات كبرى:أخبار زائفة تهدد الثقة، تحيزات تضعف مصداقية الرسالة، •  ضعف في المهنية قد يحول الإعلام من رسالة إلى بضاعة".
 
وسأل:" ما الذي نحتاجه لنصنع إعلاما يبني ولا يهدم؟ ما هي متطلبات إعلام داعم للسلام والتنمية؟  وقال:" نحتاج إلى إعلام يتحلى بالموضوعية، ينطلق من ضمير حي، ويراعي حق الناس في معرفة الحقيقة.نحتاج إلى إعلام يفتح أذرعه للتنوع الثقافي، ويحترم حقوق الإنسان، ويناضل من أجل الكرامة والعدالة".

وقال :"نحتاج إلى كوادر إعلامية مدربة، مثقفة، مؤمنة برسالتها، لا تبيع الكلمة ولا تتاجر بالمعلومة".
 
وأشار سلام إلى "إن السلام لا يتحقق فقط بالاتفاقيات والمعاهدات، والتنمية لا تبنى فقط بالاستراتيجيات والخطط، بل بالوعي، بالثقافة، بالكلمة الصادقة التي تشعل النور في العقول.
 
المقدسي
كما كانت كلمة لرئيس مجلس الإدارة والمدير العام في تلفزيون لبنان السابق الدكتور طلال المقدسي حول: العمل لإحلال السلام، تعزيز الأمن، وتطوير النمو في عالمنا العربي، الذي رأى "ان مفهوم الأمن اتسع ليشمل ابعادا غير عسكرية وتفوق العسكرية بأشواط. كالأمن الاقتصادي وامن الطاقة والأمن البيئي والأمن الزراعي والأمن الغذائي والأمن السيبراني والأمن الإعلامي، إضافة الى جميع قضايا الإرهاب العسكري والفكري والعقائدي، فما هي وسائل تطوير وتعزيز الأمن القومي والذي يؤول الى رفاهية المواطن.
 
هل هو ببناء الوعي الوطني وتعزيز الهوية؟ هل هو في تأمين الاستقرار السياسي؟ هل هو بدعم القرارات الوطنية الأمنية والاستراتيجية؟ هل هو في مكافحة الشائعات والتضليل الإعلامي؟.هل هو بوضع حد للمهاترات السياسية الاعلانية وتأجيج الخلافات بأنواعها كمادة لشد العصب الطائفي البغيض واستغلال الطوائف والمذاهب واستعمال المرئي والمسموع لهذا الهدف؟ وقال:" كل هذه مرتبطة بالإعلام، نعم الاعلام او ما كان يطلق عليه سمة السلطة الرابعة. فأضحى سلطة فوق السلطات يبرر من لا يبرر، ويطمس الحقائق. هذا الاعلام الذي من المفروض ان يكون توأما للاعلان. إذ ان الإعلان والاعلام شقيقان توأمان فإن ازدهر أحدهما، ازدهر الآخر، وان تعثر أحدهما يتعثر الاخر، هذا منطقيا وانا شخصيا اعلامي واعلاني في آن ومنذ اكثر من خمسين عاما، اما في وطننا المنهوب والمنكوب من بعض حكامه والمتحكمين به الذين تداولوا على السلطة منذ التسعينيات حتى نهاية 2024. فانتهى الإعلان بسبب التهريب المقونن وعبر المرافئ الشرعية، برا وبحرا وجوا وعلى "عينك يا تاجر وعلى عينك يا دولة" مماقضى على الطبقة الوسطى عصب الاقتصاد والمستثمر الأول في الاعلام، وللمفارقة ازدهر الاعلام ضاربا القوانين عرض الحائط مستفيدا من المال السياسي". 

وتابع المقدسي :"فعندما تتحرر الأحزاب ويتحرر كبار السياسيين من الارتهان للخارج، يتحرر الاعلام في لبنان من المال السياسي". 

واعتبر المقدسي انه "طالما هناك مال سياسي للإعلام، فلا صدقية له، لأنه يصبح مرتهنا لمن يدفع أكثر ولا من يحاسب. وهذا الواقع يصح في لبناننا فقط، لان العالم العربي المستقر والمزدهر تتكفل مداخيل الإعلانات التجارية بتأمين ديمومة الاعلام وصدقيته، واحترامه للقوانين". 

واعتبر ان" السيطرة الجديدة والمتجددة فهي للإعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي "فوضى عارمة"، اذ تحولت معظم المحطات التلفزيونية الى ملكية الأحزاب والتيارات وبعض المتمولين افراديا، ومعظم وسائل التواصل الاجتماعي الى منصات للشتم والابتزاز دون حسيب ولا رقيب".

وقال :"وتلفزيون الوطن، تلفزيون لبنان أصبح في موت سريري يصارع للبقاء على قيد الحياة، تجهيزات رائعة، تغطية فضائية وارضية، ومعظم ادارييه ودائع سياسية غير مؤهلين وعندما عملنا لإنقاذه انتفض الوزير دفاعا عن الفاسدين، ورحنا على البيت".

واشار إلى انه "ما علينا سوى تفعيل قانون الاثراء غير المشروع (من اين لك هذا) دون مواربة وتضليل ليتبين حجم الفساد في بعض اعلام بلادنا، وفي الطبقة السياسية التي هدرت وامعنت فسادا في مقدرات الوطن المالية، فالتهريب له غطاء سياسي، وتجار المخدرات لهم غطاء سياسي، وسارقو السيارات لهم غطاء سياسي، والخطف وطلب الفدية عندهم غطاء سياسي. وبأعجوبة اختفى الغطاء السياسي واستتب الأمن وأكيد ان معظم محطات التلفزة تنعم بغطاء سياسي ايضا ولا نحتاج الى قوانين جديدة وهندسات حكومية لا هدف لها سوى حماية الهادرين الفاسدين والمفسدين، وما الإصرار على تحديد مدة رفع السرية المصرفية عن الفاسدين الهادرين والذين هربوا أموالهم لمدة عشر سنوات، سوى الإعلان انه عفى الله عما مضى وعن اعمال الفاسدين والمفسدين التي جرت قبل عشر سنوات التي وبدأت طلائع المحاسبة مع العهد الجديد بإيقاف شقيق احد الوزراء، ومنع الوزير من السفر، كما فتح ملفات عائدة الى شبهات فساد وفضائح مالية وابتزاز لبعض الصناعيين. وصح القول:"لا تحسبن الخير لا شر بعده، ولا تحسبن الشر ضربة لازم". 

أضاف :"ولا عجب اننا لم نسمع منذ ثلاثة أشهر عن سرقة سيارة واحدة، او خطف أي مواطن او زائر او سائح، او عن الافراج عن أي سجين مروج للمخدرات. فالدولة أمن وقضاء، واعلام موثوق وفعال. تشكيلات عسكرية وامنية رائعة على أمل ان تتبعها تشكيلات قضائية على اخلاقيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. كما تعيين مدعي عام مالي جديد ونزيه، يبادر الى الاعلان عن ثروته طوعيا يوم تعيينه، ولا يمانع في رفع السرية المصرفية عن حساباته وحسابات افراد عائلته عند ورود أي شكوى او شبهة فساد لا سمح الله".

وتابع :"مصرف لبنان يملك جميع المعلومات والوثائق عن كل دولار تم تحويله الى الخارج من كبار الفاسدين الى أصغرهم. ومحاسبة الاعلام الداعي الى حرية الكلمة، وهي مقدسة ومحترمة قانونا، ولكن لها حدود يحددها القانون وطنيا وأخلاقيا وماليا".

وسأل :أين المجلس الوطني للاعلام؟ اين وضع حد لفساد معظم وسائل التواصل الاجتماعي".

واشار المقدسي إلى "ان الحلول تقوم على: 
- تعزيز ثقافة الصحافة الاستقصائية وشفافيتها كفى برامج عنوانها محاربة الفساد، وهدفها تجريح او ابتزاز... فلم نسمع عن توقيف أي فاسد. (برامج فساد وابتزاز و فتح ملفات واقفالها بثمن).
- مكافحة ومحاسبة مروجي الاخبار الكاذبة والتضليل الإعلامي.
- التعاون بين الاعلام والجهات الأمنية لحماية السلم الاهلي.
- تعزيز دور الاعلام في بناء الهوية الوطنية.
 
سميرحمود
عن الوضع السياسي من الناحية الاقتصادية، تحدث الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، فعرض الفترات الزمنية للعهود الرئاسية منذ العام 1943 حتى اليوم، مع الاحداث التي رافقت تلك العهود والنتائج. كما تطرق إلى معنى المخاطر السيادية او مخاطر الدولة، من مخاطر اقتصادية المالية العامة وحجم الناتج المحلي والكتلة النقدية وسعر الصرف وادراة القطاع العام، والمخاطر السياسية من تداول السلطة و الحريات العامة ،التمثيل المحلي والسياسي، الأمن الداخلي وأمن الحدود، العلاقات الدولية. وعن مخاطر اجتماعية: تورزيع الثروة الوطنية، التعليم، إشغال أجهزة المعلوماتية، دور المرأة حرية المعتقد والفكر والتعبير".

واشار حمود إلى "أن الترابط بين الاقتصاد والسياسة، يقوم على:
 
أولا: الاقتصاد هو استعمال الموارد المتاحة في أعلى قدر من الإدارة والمعرفة لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية والحياتية للمواطنين. 
الاقتصاد له أدوات وسياسات وبالأخص السياسة المالية والسياسة النقدية.وان استعمال هاتين الوسيلتين يهدف إلى تقوية الاقتصاد الذي يقاس بالنمو في الناتج المحلي الحقيقي وفي توفير فرص العمل ومحاربة البطالة".

واشار إلى "السياسة المالية نقصد بها الموازنة السنوية التي يجب إعدادها بهدف التوازن بين الإيرادات والنفقات والابتعاد قدر الإمكان عن العجز السنوي واللجوء إلى التمويل من خلال الاستدانة".
اما السياسة النقدية فأسمى أهدافها هي استقرار وليس ثبات سعر الصرف، حماية الاستقرار المالي وإدارة التضخم إلى جانب العمل السلامة النظام المصرفي. هذا النظام هو الذي يلعب دور الوسيط بين المدخر أو أصحاب الفائض في الدخل والمقترض لأجل الاستثمار في عناصر الإنتاج أو لأجل الاستهلاك بغرض تقوية قطاعات الإنتاج".
 
وراى انه "وفقا لمسار السياستين المالية والنقدية، يتعرض الاقتصاد الاهتزاز أو انتعاش وتبقى السلطة التنفيذية هي الناظم لحركة النقد والمال والساهرة على سلامة الاقتصاد ومحاربة البطالة. لا يصح الاقتصاد إذا لم يعبر الاهتمام للشروط المسبقة للنمو والتطوير، لن يكون هناك اقتصاد قوي ولن يكون هناك قطاع خاص قوي ما لم يكن هناك قطاع عام سليم. ولن يكون هناك قطاع عام سليم ما لم يكن هناك قطاع تعليم صحيح وعدالة في توزيع الرتب والرواتب على دوائر وأقسام لا تشكل منافسة للقطاع الإنتاجي بل ناظمة له بأرفع مستوى من الخبرة والمعرفة والأهم الشفافية والنظافة".
 
القصيفي 
بدروه رأى نقيب محرري الصحافة اللبنانية النقيب جوزيف القصيفي "إن الاعلام اللبناني يقوم على ركيزتين: المؤسسات والعاملون فيها ممن يمارسون الصحافة سواء كانت مكتوبة، مرئية،مسموعة، إلكترونية. تعددت وسائل المهنة، خصوصا في مرحلة ما بعد بعد الثورة الرقمية،حيث أصبحت الكرة الأرضية في قبضة اليد، ومدى طرفة العين والسمع.لكن الاعلام هو الاعلام: يختصر الحياة بايقاعها اليومي،ودقائقها، فيتحول من شاهد وناقل حدث إلى صانع له، وغالبا ما يفتح الآفاق المستغلقة رافدا المجتمع الانساني بكل اسباب الحداثة. ولكن دور الشاهد لا يسقط عنه مشروع الشهادة لأن هذا القطاع يقوم على المغامرة، وشغف الاستكشاف، وشرف الانتصار لحقوق الإنسان تحت كل سماء".

اضاف:"بصراحة ممزوجة بالاسف يمكن القول جهارا أن قطاع الإعلاميين في لبنان تأثّر إلى حد بعيد بالحروب التي توالت على وطننا، وبافرازات التجاذبات السياسية والاعتبارات الطائفية، والاهواء المناطقية، ما أبعد معظمه عن الموضوعية، الصدقية، الحياد، والاستقلالية،وحرفه عن الخط التاريخي الذي سار عليه الماهدون الذين نهضوا بالصحافة العربية، ورفعوا لواءها من بيروت أم المدائن إلى أرض الكنانة، فازهروا حدائقها أخبارا، وشيدوا اهراماتها وجابوا عالمها، ونشروا بيارقها، وسقوا ارزها بقاني دمهم، واضاؤوا نهارها بمصابيح الحرية".

ولفت القصيفي إلى ان "قطاع الإعلاميين اليوم يصارع تنين الرأسمال الذي يحاول أن يملي، وغالبا ما يفلح، سياساته عليهم، والمصالح المتداخلة والمتشابكة داخلا وخارجا، فيجد نفسه أمام حرية مفصلة على مقاس مموليه، وذلك في غياب تشريعات تحصن الصحافي والاعلامي وتحميه من سيف الصرف الكيفي والاستنسابي والابعاد لسبب لا علاقة له بنوعية أدائه المهني، بل لقناعة سياسية لا تنسجم مع قناعة الجهة الممولّة للوسيلة التي فيها يعمل".

وسأل، "كيف لقطاع الاعلاميين أن ينمو ويتطور وفي لبنان قانون للمطبوعات يرقى إلى العام 1962، أدخل عليه تعديل واحد جوهري نجح تضامن نقابتي الصحافة والمحررين في فرضه العام 1994 على اثر صدور قرار قضائي بوقف جريدة " السفير" عن الصدور في العام 1993، وقضى هذا التعديل لاحكام المرسوم الاشتراعي الرقم 114الذي عدل موادا في قانون المطبوعات،إلى إلغاء العقوبات السالبة للحرية مثل إلغاء عقوبة الحبس وابدالها بغرامة مالية، والتوقيف الاحتياطي، ومنع إصدار المطبوعة.لكن ذلك لا يكفي، لأن ميدان الاعلام اتسع وأصبح عالما قائما في ذاته،وباتت معالجته تتطلب مقاربته بصورة مختلفة".

وقال:"هناك إقتراح قانون يتم درسه في لجنة الإدارة والعدل النيابة،ومناقشته تسير بوتيرة مقبولة، بيد ان هناك الكثير من الملاحظات التي اوردتها نقابة محرري الصحافة اللبنانية لتثبيت دور النقابة كي تأخذَ دورها الطبيعي والطليعي في صوغ رؤية متكاملة حداثوية، استشرافية لدور الاعلاميين في بناء عمارة إعلامية وطنية قادرة على تشكيل هوية لبنان الصحافية والثقافية، وتربط القطاع بدورة الإنتاج الاقتصادي، لكي نستطيع القول أن قطاع الاعلام والاعلاميين ليس قطاعا عالة،بل قطاعا يعول عليه.لكن وللاسف، فإن ثمة من يحاول الالتفاف على سعي نقابتي الصحافة والمحررين، وسلبهما الحق في تسمية مرشحين ينتميان اليهما، رغم أنهما انشئتا بقانون،إلى الهيئة الوطنية للاعلام المزمع إنشاؤها. وإعطاء هذا الحق لمن لا صفة مباشرة لهم بواقع العمل الاعلامي . وما كان ذلك ليحصل لولا ايد غير بريئة تعمل تحت جنح الظلام لابعاد كل المؤسسات النقابية التاريخية ذات الصفة القانونية والتمثيلية، لمصلحة تجمعات هجينة ترتفع من حولها علامات استفهام، ويشوب ادوارها التباسات مريبة".

ورأى "ان  هناك من يقدم نفسه بصفة مستشار خبير مدعيا المساعدة على بلورة مشروع قانون متقدم للاعلام، فيما هو يسعى فعلا لحرف القانون المنتظر عن هدفيته، استجابة لاملاءات غايتها ضرب، النقابات الوطنية المعنية وسيأتي يوم نجد فيه انفسنا مضطرين لقول كل شيء يتصل بهذا الموضوع. إن النقابات ليست كإمرأة القيصر، وهي تشكو قصورا في عملها سببه الرئيس وجود خلل في قوانين انشائها، وهذا الخلل يقتضي إصلاحه بالقوانين والتغيير الديموقراطي، وليس في اعدامها ومحاصرتها انفاذا لاجندات المنظومة" الانجيئوزية" العالمية التي تدمر المجتمعات الانسانية وتدك سلم القيم".

أضاف :"وما يحزننا هو صمت وزارة الاعلام وتخبطها وتحييد نفسها عن النقاش الدائر حول القانون الجديد الذي وردت فيه بنود تتعلق بمصيرها كوزارة بما تضم من مديريات ووحدات إعلامية وادارية ومصير العاملين فيها وحقوقهم. فهل وقعت تحت رهاب وجوب صدور القانون كيفمكان لئلا تنسب اي عرقلة إليها؟. 

إننا نثمن الجهود التي تبذلها لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب جورج عدوان واللجنة الفرعية المنبثقة منها برئاسة النائب جورج عقيص لابصار القانون الجديد للاعلام النور سريعا ولكن من دون تسرع، فغالبا ما تكون العجلة مدرجة للندامة، فلا ندركها ساعة لا تجدي".

وشدد القصيفي على "إن نقابة المحررين هي مع قانون عصري جديد للاعلام. مع جسم إعلامي موحد يتمكن من فرض ايقاعه من خلال انخراطه في النقابة، فتقوى به ويقوى بها. ومع أن تقوم الدولة بمسؤولياتها تجاه هذا القطاع لأنه وجهها وقلبها وعينها، وهو مستودع أحداثها التاريخية وذاكرتها الثقافية والاجتماعية وسجل وقوعاتها. وعليها الا تهمله وألا تنأى عن مشكلاته، وتتجاهل التزاماتها تجاهه خشية أن ينقلب ذلك عليها لأن الحرية هي من مسوغات وجود الدولة اللبنانية كيانا وطنيا مستقلا، وهي حرية منقوصة اذا لم يكن الصحافيون والاعلاميون بخير. والمجد للبنان- الوطن، ولبنان- الحرية".

منيرعقيقي
عن"دور الإعلام في تعزيز الأمن" تمحورت كلمة مدير تحرير مجلة الامن العام العميد منير عقيقي، الذي قال:"في ظل الأزمات المتلاحقة التي نعيشها في لبنان، يتبين لنا يوما بعد يوم أن الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح لاعبا رئيسيا في تشكيل الوعي الجماعي وبناء السلم الأهلي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والحراك السياسي والاضاءة على كل جوانب حركة المجتمع ومؤسسات الدولة الدستورية وقطاعاتها العامة والخاصة، ومن بينها قطاع الامن".
 
أضاف:" خلال تجربتي المتواضعة في الاعلام الامني منذ العام 1985، في الجيش او في الامن العام وحتى اليوم، كنت اواجه اشكالية رئيسية وهي كيف نؤمن متطلبات "نَهَم" الاعلام وتوقه الى الحصول على الخبر، وهذا الامر يصب في اساسيات مهمات الاعلام ودوره ورسالته. في مقابل المحافظة بعض الاحيان على المعلومات وعدم البوح بها لأن في ذلك احتمالا لكشف امور قد تؤثر على الامن والسلم والاستقرار. وبالفعل كان يقع الاعلام والامن في معضلة "من يساعد من"؟ هل الاعلام في خدمة الامن، ام الامن في خدمة الاعلام؟ ولا يزال هذا السؤال مطروحا الى يومنا هذا، واكبر دليل على ذلك عنوان الندوة التي نحن في صدد مناقشتها حول "دور الاعلام في تعزيز الامن". 

وسأل: هل للاعلام دور في تعزيز الامن؟ والى هذا السؤال، نطرح الاشكالية من تصورات أخرى: هل للاعلام دور في تقويض الامن والسلم الاهلي للبلاد؟ هل الامن في حاجة الى الاعلام لتعزيز الاستقرار؟ وأجاب:" امام العولمة المطلقة، التي انتجت جيشا اعلاميا متنقلا في ارجاء العالم، لا ضوابط مهنية له ولا اخلاقية حتى، كيف يمكن الحد من آثاره على الاعلام المهني والتقني الذي لا يمكنه الوقوف جامدا امام غزارة المعلومات، صحيحة او غير صحيحة، التي تتطاير وتتناقل في ارجاء الكرة الارضية واجوائها، وكل شخص قادر على ترجمتها الى اللغة التي يفهمها، ثم ينقلها افقيا وعاموديا، على اعتبار ان كل شخص بات من خلال مواقع التواصل، يصنع الجمهور الذي يريده بمواصفاته هو من خلال التركيز على المعطيات التي يبثها ويحاول جذب المؤيدين لها اليه".

ولفت إلى أن "كثرا ممن خدمت معهم من اصحاب القرار، وفي مناصب ومواقع متقدمة، واثناء المناقشات التي كانت تجري بشأن التنسيق بين المؤسسات العسكرية والامنية وبين الاعلام، وكيفية ايجاد الاطار الانسب والافضل للتعاون معه وتأمين جانبه واستمالته. كان موقفي دائما ولا يزال: "ان الاعلام هو المرآة التي تعكس الواقع، اذا كان الواقع جيدا كانت الصورة التي ينقلها الاعلام مماثلة. وفي حال العكس، فمهما حاول البعض اخفاء اي خطأ في الممارسة، او هفوة في التنفيذ او تقاعس في تحمل المسؤولية، من الطبيعي ان يظهر هذا الامر عاجلا ام اجلا، وينتقل طبيعيا الى العلن بواسطة الاعلام المحترف والمهني والاستقصائي". 

وقال :"لهذا كانت التوجيهات تركز على أهمية الالتزام بالقوانين وما تفرضه الصلاحيات، تأكيد الجدارة في تطبيق قواعد ومراقبة العمل الاداري والمالي ومكافحة الفساد والرشوة، المهارة في تنفيذ المهمات العسكرية والامنية، عندها تستقيم العلاقة بين الامن والاعلام". 
ورأى عقيقي انه " على الاجهزة الامنية والعسكرية ان تحرص على أن تكون بياناتها ومعلوماتها واضحة ومحددة، وان يعي الاعلام ان التحرك الامني والمهمات الامنية الاستباقية والتحرك العملاني، التي تقوم بها القوى العسكرية ليست دائما قابلة للنشر او للكشف، وذلك لأسباب تتعلق بالمهمات السرية والتحرك الميداني. وبالتالي يوجب الامر التنسيق والتعاون بين المستويين الامني والاعلامي لضمان المصلحة العليا للدولة وادواتها العسكرية الشرعية، وهذا أمر بالغ الاهمية والحساسية والدقة، شرط ألا يؤثر على الحقيقة. فحرية النشر تكفلها القوانين، ولكن في الوقت نفسه حماية الامن والسلم المجتمعي يفرض في بعض الظروف، الاحجام طوعا وقانونا، عن النشر عندما تشكل هذه المعلومات او الاخبار تهديدا مباشرا للدولة والاستقرار العام، وليس للاشخاص او المسؤولين، طبعا من ناحية التقصير". 

واشار عقيقي الى "ان المسؤولية يتحملها احيانا الامن عن سوء تقدير بتسريب معلومات بغرض الدعاية والظهور تنعكس سلبا.المسؤولية اذا، يتحملها الامن بألا يسرب، ويتحملها الاعلام بادراك العواقب وعدم التهور".

وعن النظرة الى الاعلام والامن، أوضح عقيقي ان "الاعلام في عالمنا الحاضر، هو القوة الشاملة التي تؤثر سلبا او ايجابا، حسب التوجهات والتوجيهات، في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والمالية والفنية والدينية والثقافية، وغيرها من الامور التي تشغل الشعوب والانظمة والدول والجماعات في العالم. هو اداة للإستقرار والسلام، وفي الوقت نفسه هو الموجّه المباشر وغير المباشر للحروب والثورات، والمحرض عليها ويحاول استغلالها. هو الوسيلة التي تعبّد الجسور بين الاطراف، والالة التي تهدمها وتوسع الهوة بينها".

اضاف:"ان النظرة الى الاعلام منوطة بالجهة التي تنظر اليه، ومدى استفادتها منه في خياراتها وخططها المختلفة. بكلمة مختصرة، الاعلام كالأمن ليس مهنة فحسب بل مسؤولية. هو المحرك الايجابي والسلبي، هو الصفة والظرف والنعت والنقد، هو في النهاية عقل وعيون ولسان كل الناس والدول والجماعات. يفكر بعقولهم، يرصد ما يراه، يصنع الخبر وينشره".

وأشار عقيقي إلى ان " الامن في عالمنا الحاضر، لم يعد محصورا فقط بالمفهوم الامني والعسكري الضيق، ولم يعد عملا يتحرك خلف الابواب الموصدة والمقفلة، بل اصبح جزءا لا يتجزأ من هيكلية مؤسسات الدولة في معناها المتعدد والواسع، لأن كل الركائز التي تقوم عليها الدول اصبحت مترابطة كالسلسلة، ويمكن اختصار هذه الركائز بـ"بالسياسات" الامنية والدفاعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية والصناعية والغذائية والنفطية والمائية، واي اختلال بأي منها ستؤثر على مجمل الهيكل، واذا اختل العدد الاكبر منها سقطت بكاملها. وهنا يأتي دور القيادات الامنية التي تعمل بعيدا من البروباغندا الاعلامية من اجل تسهيل اتخاذ القرارات على السلطات والسهر على حماية النظام والمؤسسات والديموقراطية وامن المجتمع".
وأردف عقيقي:" امام هذه الصورة، يبقى الاعلام الداخلي اللبناني "السلطة" التي تنظر الى مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية من الخارج، يتحرك انطلاقا من القانون، لكن هذا الامر لا يزال غير مكتمل وغير مُحدّث، فالاعلام بشكل عام، سبق التشريع وتخطاّه بأشواط. وهو يتحرك ايضا من خارج اي ميثاق شرف او اعتماد كل المعايير المهنية، بالرغم من موافقة اكثر من 36 وسيلة اعلامية عليهما في العام 2013 برعاية رئيسة مكتب الاتحاد الاوروبي في لبنان. ايضا وايضا يتحرك من خلفية توجهات الداعمين والممولين له في الداخل والخارج، ويوجه الاعلام سياسة المالكين له الظاهرين وغير الظاهرين. لكن في الحقيقة، وبالرغم من الفوضى النسبية التي تعتري هيكله، يتمتع الاعلام في لبنان بقدر كبير من مساحة الحرية مقارنة بالخارج. فهو يشكل في لبنان السلطة الرابعة، وافراده محصنون بقانون المطبوعات". 

وتابع :"واثبتت التجارب ان اكثر من 90 في المئة من الدعاوى التي رفعت ضد الاعلام كانت خاسرة، حتى المعارك التي خاضها الامن ضده لم يفز فيها، وان كان محقا. في الواقع، المعادلة تختصر بأن "الأعلام يتحرك مع نبض الشارع ويتماوج مع شعور الناس، بينما الأمن هو الشعور الذي يطمئن المجتمع اليه"، وعلى أساس هذه المعادلة، تبقى "الجدلية" بين الأمن والإعلام، و"الاشكالية" حول دور الاعلام في تعزيز الامن قائمتين.
في النتيجة، يشكل الإعلام عامل تهدئة، واداة توتير وتحريض، ووسيلة كشف الاخطاء والمحاسبة، وجسر عبور لخطين: الاول ينقل وجهة نظر الدولة الى الرأي العام، والثاني يحمل هموم الناس ومطالبهم الى الدولة. عدا عن دوره الطليعي في الاعلام التخصصي والاستقصائي. فيتحول هذا الدور تلقائيا الى شريك في بناء المجتمع والدولة معا، وفي تعزيز نسق الديموقراطية والحوار والمساعدة على المحاسبة والمساءلة والقيام بدور الموجه، واحيانا المغالاة في دور سلبي.

في المقابل، طور الأمن في لبنان ادواته الاعلامية والمتكلمين بإسمه، فأضحت عملية التواصل سهلة وحاضرة في كل الاوقات والظروف والمناسبات من خلال الاتصال المباشر، او اصدار البيانات التي غالبا ما تكون واضحة ومحددة وغير مبهمة. وقد التزمت الجدية في التعامل مع كافة وسائل الإعلام ومندوبيها.والأهم أنها نأت بنفسها في كثير من الاحيان عن قول "لا تعليق".
 
وراى عقيقي "ان الإعلام لعب دورا رئيسيا في تسليط الضوء على المبادرات المحلية التي تهدف إلى تحريك عجلة الاقتصاد، وخصوصا في مجالات التكنولوجيا والطاقة البديلة.كما أن تغطية الإعلام للأزمات التي ضربت لبنان ساعدت في كشف مكامن الخلل، ما مكن من تشكيل خطوة أولى في مسيرة الالف ميل نحو المساءلة والإصلاح، وهذه الخطوة كبرت واتسعت بعدما وجدت الإرادة السياسية لإعادة بناء الدولة وتفعيل الأجهزة الرقابية ورذل الإستزلام والمحسوبيات". 
وقال:" على صعيد دور الإعلام  في تعزيز الامن، فإن لبنان بلد التعدد والتنوع. والإعلام فيه يجب أن يكون أداة لبناء الجسور، لا لزرع الحواجز. وقد لاحظنا مؤخرا كيف أن بعض البرامج الحوارية والمنصات الرقمية، باتت تعطي مساحة لصوت المجتمع المدني، والأصوات تدعو إلى الحوار بدل الانقسام والتناحر، على الرغم من استمرار حدة التحريض الطائفي وبث الكراهية والحقد. في المقابل على الامن ان يساعد في ايجاد دولة موثوق بها يطمئن اليها المواطن ولا يكون عصا في يدها. في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، وخاصة على الحدود الجنوبية، يصبح من المهم أن يتحلى الإعلام بالمسؤولية الوطنية، فلا يكون منبرا للتصعيد، بل أداة لتهدئة النفوس، وتغليب لغة العقل على لغة السلاح. كما لا يجوز ان يكون الاعلام على صورة الدولة المنقسمة على نفسها كما هو حاله اليوم، فيفقد ثقة الناس على غرار فقدانهم ثقتهم بالدولة".

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب