وطنية - أقامت مكتبات جامعة سيدة اللويزة في "قاعة عصام فارس" في الجامعة في زوق مصبح، احتفالا تكريميا للشاعر الكبير الراحل سعيد عقل، بعنوان "الوفاء إن حكى: سعيد عقل في قلب، وجدان وعقل"، قدم له مدير مكتب الشؤون العامة والبروتوكول والعلاقات الإعلامية في الجامعة ماجد بوهدير، في حضور نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميل ممثلا برئيس إقليم كسروان ميشال حكيم، قائد الجيش العماد رودولف هيكل ممثلا بالعميد الركن بسام ساسين، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله ممثلا بالعميد الركن شربل افرام، المديرة العامة لمجلس النواب كريستين زعتر معلوف، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى، رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم روجيه هاني ممثلا بكريستيان نصر، الأب بطرس عازار ممثلا الرئيس العام للرهبانية الأنطونية المارونية الأباتي جوزف بو رعد، رئيس الجامعة الأب بشارة الخوري ونوابه والهيئة الادارية والتعليمية في الجامعة، مديرة مكتبات جامعة الدكتورة مارغريت عيد، الى شخصيات روحية وقضائية وحقوقية ونقابية ومصرفية واكاديمية وثقافية وأدبية وفكرية وفنية وبلدية وإختيارية وإجتماعية.
إستهل الاحتفال بالنشيد الوطني أدته جوقة الجامعة، وعرض لأغنية "عم بحلمك يا حلم يا لبنان" لماجدة الرومي من كلمات سعيد عقل. ثم رحب بوهدير بالحضور، وقال: "نتحلق جميعا حول رفيقة رحلة الوفاء لسنوات نبض سعيد عقل على الأرض السيدة ماري روز أميدي التي كانت من المفترض أن تكون حاضرة فيما بيننا، ولكن ظروفها الصحية حالت دون ذلك، مع الدعاء القلبي بالشفاء العاجل وهي تتمثل من خلال عائلتها الكريمة".
أضاف: "لماذا نلتقي اليوم حول سعيد عقل؟ ليس لأن جامعة سيدة اللويزة هي المؤتمنة على إرثه الثقافي، الفكري، ومكتبته. وليس لأن ذكرى العشر سنوات لرحيله صادفت الخريف الماضي في غمرة ظروف أمنية غير مؤاتية، لكن السبب الأساس هو الوفاء، والأمانة، لرسالة جامعة سيدة اللويزة التعليمية التي تخوض غمارها إمتدادا لتوصيات مجمع اللويزة منذ قرون ثلاثة، أن الأجيال الشبابية يجب أن تعلم أن وطن الأرز لبنان، ومن خلال مئويته، عمره من عمر سعيد عقل، ومن عمر شخصيات فذة طبعت مسيرته، وساهمت بتعليق الأوسمة على صدره، وهي مخلدة من خلال أنصاب تذكارية، في الباحة الرئيسية لهذه الجامعة، تقول لشبابنا، وزائرينا، هذا هو لبنان، غناه، عمقه، مداده وتاريخه المشرف".
ولفت الى أن "سهر جامعة سيدة اللويزة على الأمانة، ينبع من رؤساء متعاقبين حملوا مشعل الفكر والثقافة، أخص بالذكر الرئيس السابق للجامعة الأب وليد موسى الذي ومع عزيزنا الأستاذ سهيل مطر أوقدوا هذا المشعل في العام 2013، خلال سنة مئوية سعيد عقل الذي عاصرها محفزا إيانا على خوض مشوارها في المحافل الأدبية، الثقافية، والأصرح الأكاديمية. واليوم أبى رئيس الجامعة الأب الدكتور بشارة الخوري إلا أن يكون هذا اللقاء، في غمرة فتح الصفحات الجديدة من تاريخ هذا الوطن الذي ينشحن برجاء العودة إلى سعادة مرجوة، محكما عقلا، قرارا وأكثر".
الاب الخوري
بدوره، قال رئيس الجامعة: "الوفاء إن حكى، قال الكثير، فكيف إذا حكى في جامعة سيدة اللويزة، وما عساه يقول في رجل كان هنا مضيئا منذ عشر سنوات؟. في الحقيقة، ما قيل في سعيد عقل حيا وبعد الرحيل، لم يقل إلا في قلة من العمالقة، فهو مادة غنية ودسمة للكتاب والنقاد والمفكرين والطلبة، فشموليته تفتح شهية الأقلام وتلهب وتلهم في آن. واستثنائيته تثير غيرة عشاق الكلمة المختلفة النابعة من فكر فريد. سعيد عقل يدعونا إلى ثورة فكر، وعودة إلى الحلم، واسترجاع "لبنان الرسالة"، لا "لبنان السوق والمزرعة".
اضاف: "بعد 50 عاما على رؤيتك تلك، ها هو لبنان الذي غرق في النار، يستعد ليتكلل بالغار. كم كنت رؤيويا استباقيا، استحضرت المستقبل إليك وكشفت أسراره وحذرت ونبهت واستنهضت الهمم لكن لسوء حظ لبنان أن من خاطبتهم في ذاك الزمان، كانوا إلى أشباه الرجال أقرب، وما اعتادوا مثلك سكنى القمم، بل أرادوك مثلهم من الزواحف. فالوطن اليوم بحاجة إليك وإلى أمثالك ونحن أيضا بحاجة إليك. ثقافتنا ولغتنا وقوميتنا اللبنانية بحاجة إليك، لاسيما تلك اللغة التي رفضت حينها وأصبحت اليوم لغة التواصل الاجتماعي التي يعتمدها شبابنا".
وختم: "أنت يا حارس اللغة، يا من شكلت جزءا مهما من هويتنا اللبنانية، وارتفعت في فخرك ومجدك وعزتك عامودا سابعا في هياكل بعلبك. إجتمعنا في هذا اليوم لنلقي التحية والسلام على روح سعيد عقل الساكنة في كل مكان من هذه الجامعة، ولنخبركم ونخبره أن إرثه الأدبي والفكري الذي إئتمنا عليه حي هنا، وسيخرج من عتمة الخزائن ليكون شرارة المنحى الثقافي بل النهضة الثقافية التي تخطط جامعتنا لإطلاقها على مساحة الوطن. فجامعتنا، ومنذ اليوم، تتبنى مشروعا يهدف إلى خلق توازن فيما بين العلم والثقافة، وإذا كانت الشهادات التي تصدرها الجامعة هي التي تحدد المستوى العلمي لحاملها، فإننا لن نتأخر في تصميم ما يشبه الشهادة التي تؤشر إلى نوعية وحجم وعمق وبعد المستوى الثقافي لحاملها. نعم، جامعتنا ستذهب بعيدا في العلم والمعرفة والثقافة منطلقة من كل إرث ثمين كإرث سعيد عقل".
أميدي
ثم كانت كلمة لماري روز أميدي ألقاها بإسمها شقيقها غارابيت أميدي، قال فيها: "أحمل إليكم، رسالة محبة صادقة من شقيقتي ماري روز، التي حالت ظروفها الصحية دون الحضور، فحضرت معنا قلبا وروحا، تنقل إليكم تقديرها الكبير وامتنانها لهذه الجامعة العريقة، جامعة سيدة اللويزة، التي تكن لها كل الاحترام".
اضاف: "جامعة العقل والعراقة، هذا الصرح الذي أحبه الشاعر الكبير سعيد عقل، فأخلص له، وأحبته الجامعة بدورها، فاحتضنت فكره وأدبه، وبادلته التكريم بالتكريم، والعرفان بالإبداع. وما أجمل أن تبقى العلاقة بين المفكر والمؤسسة الأكاديمية علاقة تكامل وتقدير، كما شهدناها بين سعيد عقل وهذه الجامعة التي كانت له منبرا، ولبنانا مصغرا يحتضن الحرف والهوية".
وختم قائلا: "لشرف كبير لي أن أكون اليوم بينكم، ناقلا هذا الشعور العميق بالعرفان والاحترام، ومجددا التقدير لجامعة ساهمت ولا تزال في صوغ الوعي الثقافي والفكري في لبنان".
الفرزلي
وكانت مداخلة للفرزلي، قال فيها: "السيد المسيح كان هو الباب الذي دخلت منه إلى معرفة الله، والنور الذي أضاء لي دروب الإيمان. أما الانسان الذي عرفني إلى يسوع، وأيقظ في هذا الوعي الروحي، كان سعيد عقل، الذي لم يكن شاعرا فحسب، بل كان نبيا بالكلمة، ورسولا للفكر والجمال. ذاك هو لبنان الذي تحدث عنه سعيد عقل: لبنان الحر، المستقل، المنغرس في الروح، والمتصل بالسماوات. لبنان الذي لا ترسم حدوده بخطوط سياسية، بل ترسم بعبق الأرز، وبركة الأرض المقدسة. وهل من دليل أعمق من أن لبنان ورد في الكتاب المقدس 72 مرة؟ ذكر باسمه، بحضوره، برمزيته الروحية، وبدوره كأرض نادرة نضرة تجمع بين الجمال والقداسة".
وختم مشددا على أن "هذا الوطن لا بد أن يزدهر، لأن رسالته تتجاوز الجغرافيا لتلامس جوهر الإيمان. فإذا كان السيد المسيح قد زار هذا الوطن، فعلينا أن نحفظه، لا فقط بحدوده، بل برسالته، وهويته، وعمقه الروحي والحضاري. ذلك هو الإيمان الذي علمني إياه سعيد عقل، إيمان بوطن يليق بأن يكون وطنا للنور، للحق وللحياة".
وخلال التكريم، عرض وثائقي عن الشاعر سعيد عقل تخلله شهادة لرفيقة دربه ماري روز أميدي، وأدت كارلا رميا ترنيمة "أعطنا ربي" من كلمات سعيد عقل. وفي السياق نفسه قدم الراقص التعبيري المحترف بيار جعجع رقصة تعبيرية مستوحاة من قصيدة للشاعر سعيد عقل قرأها الشاعر نزار فرنسيس.
وفي الختام، أنشدت جوقة جامعة سيدة اللويزة نشيد الجامعة من كلمات الشاعر سعيد عقل. ثم قدم الأب الخوري الهدايا التذكارية، بركة بابوية لماري روز أميدي، ومجموعة كتب سعيد عقل للشاعر نزار فرنسيس، وكتاب "مريم في لبنان" لكارلا رميا، وكتاب "اليوم اليوم" لسعيد عقل للفنان بيار جعجع.
======م.ع.ش.