وطنية - شيعت بلدة القاع كاهن رعية مار جرجس الأب بولس الرياشي، فأقيم جناز ترأسه النائب البطريكي لأبرشية بعلبك الهرمل للروم الملكيين الكاتوليك المطران إدوار جاورجيوس ضاهر، وحضره عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب أنطوان حبشي، رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر، المطارنة كيريلوس سليم بسترس، الياس رحال وحنا رحمة وفاعليات.
وألقى ضاهر كلمة قال فيها: "في هذا الزمنِ المقدس، ونحن نعيشُ بركاتِ الصوم الأربعيني الكبير، تتجلى أمامنا صورُ الأيقونات المقدسة التي لا تزين كنائسَنا وحسب، بل تملأ قلوبَنا نوراً وإيمانا. إنّها ليست مجردَ رسومٍ، بل نوافذُ إلى الملكوت، تحكي قصةَ الإيمان وتجسّدُ حضورَ القديسين الذين ساروا في درب الرب، وتركوا لنا مثالا حيًا في الجهاد الروحي والثباتِ في المحبة. إن الكنيسةَ، منذ أجيالها الأولى، حافظت على الأيقوناتِ كعلامةٍ للإيمان الحي، لأن الأيقونةَ ليست خشباَ أو ألونًا، بل شهادةً حيّةً على النعمة الإلهية، المتجليةِ في حياة الأبرار. واليومَ، إذ نودّعُ أحدَ أيقوناتِ كنيستِنا الحيّة، نجدُ في هذا الحدث، دعوةً للتأملِ في حياةِ الذين جعلوا من أجسادهم وأرواحِهم أيقوناتٍ حيّةً تشعّ بنور المسيح. في هذا الأحد الأول من الصوم، حيث تحتفلُ كنيستُنا بأحدِ الأيقونات المقدسة، نجتمعُ اليومَ بقلوبِ يملؤها الحزن، لكنّها متّشحةٌ برجاءِ القيامة، لنودّع كاهنًا خدم مذبحَ الرب بأمانةٍ ومحبة، وأضاء بشهادةِ حياتِه طريقَ الإيمان لمن عرفوه. لقد كان أبونا بولس الراحل أيقونةً حيّةً للمسيح، عاكسًا بهاءَ خدمتِه الكهنوتية من خلال التقوى والوداعةِ والعطاءِ بلا مقابل".
أضاف: "لقد كان الأب بولس صورةً للكاهن المتفاني، رجلِ الصلاةِ والتأمل، خادمًا أمينًا للمذبحِ الإلهي، لا يعرفُ التعبَ أو الكللْ، بل كان ينبوعًا من الحنان الروحي لكلِّ من قَصَدَه طالباً كلمةَ عزاءٍ أو نصيحةً أو بركة. حتى في مرضِه، بقي الأب بولس ثابتًا في إيمانه، متقبّلًا آلامَه بروح المسيح، رافعاً عينيه نحو السماء كما كان يرفع يديه في كلِّ قداسٍ يقدّمُه عن شعبِ الله. ونحن نؤمنُ أنّه قد عبَرَ من هذا العالمِ إلى حيث الراحةُ الحقيقية، ليسمع الصوتَ السماوي يقول له: "نعمّا أيها العبدُ الصالحُ والأمين... أدخل إلى فرح سيدك" (مت 25:21). وعلى مدى أكثِرِ من ثلاثين عاماً، كان هذا الكاهنُ مثالًا للراعي الصالح، يحملُ صليبَ الخدمةِ بمحبةٍ وسخاء، وكان الأب والأخ والمرشد، يُصغي إلى أبناءِ رعيتِه بقلبٍ مفعمٍ بالمحبة، يعزّي الحزانى، يشدّدُ الضعفاء، ويرشدُ الضالين إلى طريق الحقّ. لم تكن خدمتُه مجرّدَ مسؤوليةٍ، بل دعوةٌ عاشَها بفرح، متقدّمًا قطيعَه بالصلاة والصبرِ والتضحية. ولئنْ غاب أبونا بولس عنّا بالجسد، فإنَّ ذكراه تبقى حيّةً في قلوبنا، وأعمالَه الصالحة ستظلُّ منارةً تهدينا إلى طريق الرب. نؤمنُ أنّه قد انتقل من التعب إلى الراحة، ومن الجهاد إلى المجد، ومن الموت إلى الحياة، حيث يسمع الصوتَ الإلهي يقول له: "نعمًا أيها العبد الصالحُ والأمين، كنت أميناً في القليل، فأقيمك على الكثير، أدخل إلى فرح سيدك".
وختم ضاهر: "نرفع صلواتنا من أجل أبونا بولس، ونسأل الله أن يمنحَ العزاءَ لعائلتِه، ولرعيتِه، ولكلِّ الذين أحبّوه وعاشوا تحت كنفِ خدمتِه الرعوية. وليكن مثالُ حياتِه حافزاً لنا جميعًا للسير على خطى المسيح، حاملين صليبَنا بفرحٍ ورجاءِ القيامة. وليكن ذكره مؤبدًا".
===============ن.أ.م