وطنية - كتبت صحيفة الديار تقول: طغى الحدث الخارجي امس على المشهد الداخلي، حيث ودع العالم في مأتم مهيب وكبير قداسة البابا فرنسيس بابا الفقراء بمشاركة خمسين رئيس دولة بينهم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والسيدة عقيلته، وحوالي 350 وفدا حكوميا ودينيا، واكثر من مئتي الف شخص احتشدوا في ساحة الفاتيكان والشوراع المؤدية لها.
اما الحدث الثاني فكان في سلطنة عمان حيث عقد الوفدان الاميركي والايراني الجولة الثالثة من المفاوضات حول الملف النووي الايراني والجوانب الفنية والتقنية المعقدة له.
وجاء الحدث الثالث في جنوب ايران حيث وقع انفجار ضخم في مستوعبات وقود ومواد مشتعلة في مرفأ رجائي في بندر عباس، ما ادى الى سقوط عدد من الضحايا ومئات المصابين.وسارع الرئيس الايراني الى التوجيه للسلطات الايرانية المختصة لاجراء تحقيق واسع حول الحادث الذي ترك علامات استفهام حول اسبابه وظروفه.
وفي الساحة الداخلية اللبنانية لم يسجل امس تطور يذكر، لكن ملف الاصلاحات الاقتصادية والمالية يبدو انه يتقدم على باقي الملفات، لا سيما ان الوضع في الجنوب يبقى محاصرا بين استمرار الاحتلال والاعتداءات الاسرائيلية وغياب الضغوط الدولية خصوصا الاميركية على العدو لوقف هذه الاعتداءات والانسحاب من باقي الاراضي المحتلة.
والى جانب الملف الاصلاحي، تدخل البلاد اكثر فاكثر في اجواء الانتخابات البلدية والاختيارية مع اقتراب جولتها الاولى في جبل لبنان في ٤ ايار، وسط تساؤلات حول اجواء الانتخابات في بيروت ومشكلة الشراكة في المجلس البلدي.
قوانين الاصلاح قبل الصيف ومؤتمر باريس في تموز؟
وعلى صعيد ملف الاصلاحات علمت «الديار» من مصدر مطلع انه بعد اقرار واصدار قانون رفع السرية المصرفية تنصرف الحكومة في الاسابيع القليلة المقبلة لمناقشة واقرار مشروع قانون الانتظام المالي او ما يسمى بقانون الفجوة المالية الذي يحدد الخسائر المالية وكيفية توزيع المسؤولية عنها وتحملها، وبالتالي يرسم مسار ومصير الودائع واموال المودعين، بعد ان احالت مؤخرا مشروع قانون تنظيم القطاع المصرفي او اعادة هيكلة المصارف الى مجلس النواب.
وكشف المصدر «للديار» عن ان فرنسا ابلغت المسؤولين اللبنانيين مؤخرا انها مستعدة للدعوة الى عقد مؤتمر مساعدة ودعم لبنان في باريس في تموز المقبل، وان تأكيد هذا الموعد مرتبط بانجاز الاصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة من لبنان.
واضاف انه في ضوء المعطيات المتوافرة حتى الان، فان الحكومة مهتمة وماضية في العمل من اجل الاصلاحات املا في ان تقر قوانينها قبل او مطلع الصيف، وان اقرار مشروع قانون الفجوة المالية حاجة مهمة لاقرار فانون اعادة هيكلة المصارف في مجلس النواب بعد درسه من قبل اللجان المختصة لا سيما لجنة المال التي يتوقع ان تباشر في درسه قريبا.
وفي السياق نفسه اوضح مصدر نيابي لـ«الديار» ان هناك ارتباطا موضوعيا بين قانوني اعادة هيكلة المصارف والفجوة المالية، لان تحديد وتوزيع الخسائر يتيحان المجال امام تقويم وضع المصارف واعادة هيكلتها، كما يفترض ان يؤمن الودائع من خلال تحديد الخسائر وتوزيع المسؤوليات.
واضاف «ان هناك رأيا نيابيا واسعا سجل في النقاشات السابقة حول توزيع الخسائر على: المصارف، مصرف لبنان، والدولة».
وامل المصدر في ان تنجز الحكومة درس واقرار مشروع قانون الفجوة المالية وتحيله الى المجلس خلال الاسابيع القليلة المقبلة، مؤكدا ان البرلمان مستعد لمناقشة هذين القانونين الاساسيين في الاصلاحات وفد برهن التزامه باقرار القوانين الاصلاحية من خلال ما قام به حتى الان في هذا المجال واخرها اقرار قانون رفع السرية المصرفية.
وامل المصدر في ان يستكمل لبنان انجاز القوانين الاصلاحية الاساسية خلال الشهرين المقبلين، وبالتالي تامين العناصر المطلوبة للحصول على المساعدات والدعم المالي من الصندوق والبنك الدوليين والهيئات والدول المانحة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بلبنان وتوفير فرص الاستثمار فيه.
الرئيس عون يطلب مساعدة اللجنة الخماسية
من جهة اخرى علمت «الديار» من مصادر مطلعة إن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يتابع شخصيا الوضع الجنوبي بكل دقة، ويكثف اتصالاته مع الدول الاعضاء في اللجنة الخماسية لممارسة الجهود والضغوط اللازمة من اجل وقف الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية والانسحاب من باقي الاراضي المحتلة.
تواصل امني مفتوح مع حزب الله
وكشفت المصادر ان الرئيس عون على تواصل يومي مع قيادة الجيش لمتابعة تفاصيل دوره ومهامه في المنطقة جنوبي الليطاني بشكل خاص. وهناك تواصل امني دائم ومفتوح مع حزب الله عبر قيادة الجيش واحد كبار الضباط المكلفين بالمهمة ايضا لوضع رئيس الجمهورية في تفاصيل كل الامور المتعلقة بتنفيذ الجيش مهامه في المنطقة وفقا لاتفاق وقف النار.
واضافت ان ما اعلنه الرئيس عون امام المجلس الاقتصادي الاجتماعي اول امس يعكس هذه الجهود، مشيرة الى انه جرى مؤخرا بتوجيهات من رئيس الجمهورية تزويد الجانب الاميركي الذي يرأس لجنة متابعة تنفيذ اتفاق وقف النار بمعلومات اضافية وموثقة حول نجاح الجيش اللبناني في القيام بمهامه ودوره وفقا لنص الاتفاق ومنها ما يتعلق بازالة سلاح حزب الله جنوبي الليطاني. وحث الرئيس عون شخصيا اللجنة على تكثيف جهودها لوقف الاعتداءات الاسرائيلية والعمل من اجل الانسحاب من باقي المناطق التي تحتلها تحت عنوان الاحتفاظ بالوقت الراهن بنقاط استراتيجية خمس.
تنسيق دائم بين عون وبري
واشارت المصادر الى ان تصريح الرئيس نبيه مؤخرا وتاكيده على اولوية انسحاب العدو الاسرائيلي من باقي الاراضي المحتلة ووقف اعتداءاته وتنفيذه لاتفاق وقف النار وبنوده، وضع النقاط على الحروف، لافتة الى التواصل والتنسبق الدائمين في هذا الخصوص بين الرئيسين عون وبري ومتانة الموقف اللبناني.
وفي هذا الاطار قال مصدر سياسي مطلع لـ»الديار» ان الموقف اللبناني يحظى بتفهم معظم اعضاء اللجنة الخماسية حيث يذهب بعضهم الى تبني هذا الموقف بأستثناء الجانب الاميركي الذي يتجاهل الاعتداءات الاسرائيلية ولا يمارس اي ضغط على اسرائيل لوقفها.
فرنسا: لا تحملوا لبنان اكثر من طاقته
وكشف المصدر لـ«لديار» عن ان فرنسا ابدت موقفا ايجابيا تجاه ما يعتمده لبنان من موقف والتزامات، وابلغت الادارة الاميركية وجهات اخرى انه لا يجب تحميل لبنان اكثر من طاقته ولا ان تمارس عليه مزيدا من الضغوط وتطلب منه بخطوات عاجز عن القيام بها في الوقت الحاضر، لا سيما ان بقاء احتلال اسرائيل لبعض المناطق الحدودية داخل الجنوب اللبناني واستمرار خروقاتها لاتفاق وقف النار يخلق مبررات تصعب الوضع على الدولة اللبنانية التي برهنت حسن ادائها من خلال ما قام ويقوم به الجيش اللبناني في المنطقة جنوبي الليطاني بالتعاون مع قوات اليونيفيل.
ولفت المصدر الى انه بعد زيارة الموفدة الاميركي اورتاغوس للبنان بدا من خلال الاتصالات التي جرت مع الجانب الاميركي ان واشنطن لا تعطي حتى الان الاولوية لاستكمال الانسحاب الاسرائيلي او وقف الاعتداءات الاسرائيلية في انحياز واضح لوجهة النظر الاسرائيلية.
وحسب الاجواء التي تجمعت مؤخرا ان هناك جهدا يبذل للفصل بين الوضع في الجنوب وموضوع سلاح حزب الله شمالي الليطاني في المرحلة الراهنة، وهناك ايضا تعليق لموضوع اعادة اعمار الجنوب الى مرحلة لاحقة وحتى اشعار اخر.
مصدر وزاري لـ«الديار»: الانتخابات البلدية رسالة جيدة للداخل والخارج
على صعيد اخر، وقبل اسبوع من المحطة الاولى للانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان في4 ايار المقبل، اطلق وزير الداخلية احمد الحجار خلال تفقده غرفة العمليات الخاصة للانتخابات امس صافرة الجهوزية الكاملة لهذا الاستحقاق.
وقال مصدر وزاري لـ«الديار» : «ان الحكومة تعتبر هذه الانتخابات انجازا مهما في رصيدها على صعيد اعادة عجلة التنمية في مختلف المناطق، وان نجاحها في هذا الاستحقاق يعطي رسالة جيدة للداخل وللخارج في اعادة انتظام عمل مؤسسات ومرافق الدولة، وتعزيز مسيرة النهج الديموقراطي في البلد».
اضاف : « ان نجاح الحكومة في اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية سيكون نموذجا جيدا لاستعداد وقدرة الحكومة على التعامل مع الاستحقاقات المقبلة لا سيما الانتخابات النيابية في ايار العام المقبل».
بلدية بيروت: اسبوع حاسم اما التوافق او التنافس المفتوح
وفي شأن هذا الاستحقاق تبرز مشكلة انتخابات بلدية بيروت، حيث تكثفت الاتصالات والمساعي للتوافق على تشكيل لائحة ائتلافية قوية تضم معظم القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية في محاولة لتأمين وضمان الشراكة والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي باعتماد النموذج الحريري تجاه هذا الاستحقاق في العاصمة.
وعلمت «الديار» ان فشل اعتماد حل تشريعي واقرار قانون لضمان المناصفة في جلسة مجلس النواب يوم الخميس الماضي دفع القوى السياسية الى تنشيط التحرك والمساعي لخيار الوفاق السياسي مجددا بهدف تشكيل لائحة تضم معظم القوى والفعاليات، لكن هذه المحاولات لم تتوصل حتى الامس الى الاتفاق المنشود كما اكد مصدر نيابي بيروتي بارز لـ«الديار»، بعد ان كانت تعقدت هذه المساعي اثر قرار تيار المستقبل العزوف عن المشاركة في الانتخابات.
معركة بين 3 لوائح والمناصفة غير مضمونة؟
ووصف المصدر الاجواء المتعلقة بانتخابات بلدية بيروت بانها تشبه الطقس الربيعي المتقلب، قائلا « في بداية المشوار سادت اجواء طيبة قبل قرار تيار المستقبل عدم المشاركة بالانتخابات وتوصلنا الى اطار تشكيلة حكومية وفاقية قوية تمهيدا لاختيار الاسماء. لكن الوضع تبدل بعد ذلك وعدنا الى نقطة الصفر، ونحن الان نحاول الانطلاق من الاطار العام السابق هناك نقاش مفتوح، والابواب لم توصد بوجه التوافق لكن هناك تعقيدات غير سهلة».
واشار الى خلافات حول اشراك بعض القوى، عدا عن محاولة بعض القوى تجاوز تمثيل بعض العائلات او فعاليات مناطق اساسية في العاصمة والمستقلين».
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ«الديار» فان عامل الوقت يلعب دورا ضاغطا، حيث النائب نبيل بدر من انه اذا لم يتم التوافق فان هناك اتجاها لاعلان اللائحة التي يدعمها في اول ايار، والتي تحظى بدعم ومشاركة الجماعة الاسلامية وجمعيات دينية واجتماعية بيروتية.
ووفقا للمعلومات فان هناك سعيا لتتشكل اللائحة المذكورة من ائتلاف اوسع مدعوم من قوى التغيير والتيار الوطني الحر.
وحسب المعلومات المتوافرة لـ«الديار» ايضا فان هناك مساع تتركز على تاليف لائحة توافق بين قوى مسيحية واسلامية قوية تحظى بدعم القوات اللبنانية والكتائب والثنائي الشيعي والطاشناك والنائب فؤاد مخزومي وجمعية المشاريع (الاحباش) وفعاليات بيروتية، لكن هذه المساعي تجري في اجواء ضبابية غير واضحة حتى الان.
وتضيف المعلومات ان هناك توجها ناشطا لكي تؤلف القوى التغييرية لائحة خاصة بها، وعدم الارتباط بتحالف مع النائب بدر او المشاركة بلائحة ائتلافية مع التيار الوطني الحر الذي رفضت مصادره التعليق على كل هذه المعلومات التفصيلية، مكتفية بالتاكيد على الشراكة والمناصفة في بلدية بيروت.
وعلمت «الديار» من مصادر مطلعة ان فكرة تشكيل لائحة مدعومة من رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة تلاشت مؤخرا لاسباب عديدة منها عدم القدرة على تاليف لائحة تملك مقومات النجاح، عدا عن ان سلام سحب تاييده وتدخله المباشر لمشروع اللائحة المذكورة، مفضلا النأي بالنفس عن هذا الاستحقاق بشكل مباشر باعتبار انه لا يريد ان يحسب عليه هذا التدخل خلال ترؤسه الحكومة، كما انه يفضل ايضا ان يكون حاضرا في هذا الاستحقاق بشكل غير مباشر من خلال علاقته المتينة بالتغييريين.
وفي حال الذهاب الى التنافس بين 3 لوائح على الاقل، من المرجح ان لا تتأمن المناصفة بشكل كامل.
ولخص احد نواب بيروت المشهد في بيروت بالقول «بدأ بعد جلسة مجلس النواب يوم الخميس العمل الناشط والجدي على تشكيل اللوائح وفقا للقانون الحالي ،وباشرت الماكينات الانتخابية نشاطها. واعتقد ان هناك اتجاها للذهاب الى تشكيل لائحتين او ثلاث للتنافس اذا ما فشلت محاولات التوافق. واعتقد ان امامنا اسبوع لتظهير مشهد الذهاب الى معركة انتخابات بلدية بيروت».
====