الجمهورية: عون: الحل بالديبلوماسية وما عاد فينا نحمل الحـرب

بعد "السريّة" خطوات إصلاحية والحدود تهريب وتوتير

 

وطنية - كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:

الوضع اللبناني مُثقَل بمجموعة من الأولويات الملحّة والتحدّيات الصعبة، وجميعها تتسمّ بصفة الاستعجال، وتوجب تضافر جهود كل السلطات في البلاد لبتّها وضبط البلد بصورة أكيدة على سكة التعافي والانفراج على كل المستويات. وإذا كانت مجموعة الخطوات الإصلاحية المَوعودة متمَوضعة على رأس قمّة الأولويات بوصفها جاذبة للمساعدات الخارجية للبنان، والرهان هنا على قدرة الحكومة على الإيفاء بتعهّداتها والتزاماتها في هذا المجال، إلّا أنّه في موازاة ذلك، تتبدّى تحدّيات تنطوي جميعها على صعوبات ومخاطر، سواء ما يتصل بالجبهة السورية التي بدأ التوتّر يلوح في أجوائها من جديد مغلّفاً بخلاف مهرّبين، أو الجبهة الجنوبية في ظل التفلّت الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار والتمادي في الاعتداءات على المناطق اللبنانية، أو ما يتصل بسلاح «حزب الله» وكيفية مقاربة هذا الملف الذي يُشكّل عنواناً خلافياً وانقسامياً حاداً بين فريق يدعو إلى نزعه فوراً لانتفاء جدواه وصلاحيّته، وفريق يرفض ذلك بصورة قاطعة. وبين هذَين الفريقَين تتموضع المقاربة الرئاسية لهذا الملف، التي ترى الديبلوماسية والحوار مع الحزب سبيلاً وحيداً لبلوغ حلّ لهذا الأمر.

 

عون: ما عاد فينا

وأكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال زيارته المجلس الاقتصادي الاجتماعي، أمس، رداً على سؤال حول الحل في الجنوب: «لا حل إلّا بالديبلوماسية وقد قلتُ في بكركي: بدّكن الحرب ما عاد فينا نحمل لغة الحرب».

وتوجّه عون إلى أعضاء المجلس قائلاً: «جئتُ إليكم اليوم، طالباً مساعدتي، ومساعدة كل مسؤول في لبنان، على الانتقال فوراً إلى المرحلة الثالثة. جئتُ إليكم اليوم، لأكشف لكم سراً مكشوفاً، تعرفونه مثلي وأكثر. إنّ المسؤول، يحتاج ربما إلى مقوّماتٍ كثيرة. وغالباً إلى أشخاص كُثر. لكنّه يحتاج أولاً إلى من يقول له «لا». ولو بصيغة مهذبة مخفّفة، من نوع: «نعم، ولكن». شرط ألا تكونَ «لا» كيدية أو ثأرية أو أنانية أو عدمية. ولا تكون حتماً، «لا» من نوع قوم حتى إقعد محلّك. المسؤول الحكيم يحتاج كل لحظة، إلى «لا» مبنية على العلم، البحث، الخُبراتِ المتراكمة، النزاهة الفكرية، وخصوصاً خصوصاً، على هاجس السعي إلى المصلحة العامة».

ولفت إلى أنّه «في الشأن العام، ثمة مدرستان، مدرسة تعتقد بأنّ السياسة هي نشاط سلطوي، محوره الحاكم، وهدفه خير الحاكم، أو خير حزب الحاكم، أو خير «الحزب الحاكم»، وهناك مدرسة ثانية، تؤمنُ بأنّ السياسة هي نشاط إنساني، محوره الإنسان، وهدفه خيرُ الإنسان، كل إنسان، أولاً وأخيراً، وأنا من المدرسة الثانية».

وأضاف رئيس الجمهورية: «أنا إبن هذه الأرض، الطالع من جذورها وترابها وعرق الجباه الكادحة، بلا عِقد من أي نوع، ولا ادّعاءات من أي صنف. لذلك، أنا أحتاجُ إليكم، كما إلى كل لبناني حر، أحتاجُ إلى رأيكم، إلى مشوَرتكم. وأنا هنا اليوم، أتعهّد لكم بأن أكون معكم، أحمي واجبَكم وحقكم، وأحتمي برأيكم وفكركم، لنحقق جميعاً خير أهلنا وشعبنا، خير الإنسان، في وطن الإنسان لبنان».

وغادر الرئيس عون ترافقه السيدة الأولى نعمة عون إلى الفاتيكان للمشاركة في مراسم تشييع البابا فرنسيس. وقبل مغادرته تلقّى رسالة خطية من الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد تضمّنت دعوة رسمية لحضور أعمال مؤتمر القمة العربية بدورته العادية الـ34، ومؤتمر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورته الخامسة اللذَين تستضيفهما بغداد يوم السبت 17 أيار.

 

الخطوات الإصلاحية

من جهة ثانية، وبعد إقرار قانون السريّة المصرفية (وبات نافذاً بعد نشره في الجريدة)، كواحد من الخطوات والإجراءات المطلوبة التي يعوِّل عليها لبنان لفتح باب المؤسسات المالية الدولية أمام مدّه بالمساعدات المالية التي من شأنها أن تُعيد بث الحياة في شرايينه الاقتصادية والمالية، وتُمكّنه من تجاوز أزمته المزمنة، يُنتظر أن تكرّ سبحة الإجراءات المتبقية، التي توازي أهمية قانون السريّة المصرفية وربما تفوقها، بدءاً بوضع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي حيّز التنفيذ السريع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سائر القوانين الإصلاحية المنجزة، التي تنتظر تطبيقها.

وأوضح مصدر وزاري رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «إنّ الخطوات والإجراءات التالية ستتوالى تباعاً خلال الأيام القليلة المقبلة، ولاسيما في ملف التعيينات، والخطوات الاصلاحية التي تستعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان».

وإذ أشار المصدر الوزاري إلى «تصميم رئيس الجمهورية على الإنجاز، ووضع البلد على سكة الانقاذ والاصلاح. رئيس الجمهورية ماضٍ في مسيرة إعادة تعافي البلد، على رغم من صعوباتها وتحدّياتها الكثيرة، والقوانين الإصلاحية المنجَزة تُشكّل عاملاً مساعداً في هذه المسيرة، وهي بالتالي مندرجة في رأس قائمة الأولويات الرئاسية، إذ سيصار إلى مقاربتها بما يُحقق مصلحة البلد منها، سواء لناحية إصدار المراسيم التطبيقية لهذه القوانين، أو تعديل بعضها وتحديثها ومواءمتها مع متطلبات المرحلة الراهنة، إن كانت هذه القوانين تتطلّب التعديل أو التحديث».

 

إشادة دولية

إلى ذلك، تلاحقت الإشادات الدولية بإقرار قانون السريّة المصرفية، وفي هذا الإطار أكّد السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو: «إنّ إقرار قانون السريّة المصرفية يُشكّل خطوة واعدة على طريق الإصلاحات الإقتصادية والمالية. إعادة الثقة في القطاع المصرفي تمرّ أيضاً عبر إقرار مشروع القانون حول إصلاح القطاع المصرفي في المرحلة التالية».

بدوره، كتب السفير البريطاني في لبنان هاميش كاول عبر منصة «إكس»: «يسعدني أن أرى مجلس النواب اللبناني يقّر قانون رفع السريّة المصرفية الجديد. إنّ الشفافية حيوية للثقة والاستثمار والمساعدة والمساءلة. هذه إشارة قوية للالتزام بالإصلاحات الضرورية لمستقبل لبنان. من الرائع رؤية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والنواب يُمهّدون الطريق لها».

ونقلت وزارة الخارجية الأميركية عن نائبة الموفد الرئاسي الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس، إشادتها بإقرار لبنان لقانون السريّة المصرفية، ودعمها للإصلاحات الاقتصادية الملحّة في قطاعه المصرفي والمالي.

 

ملف السلاح

من جهة ثانية، لا توقيت رئاسياً لبدء الحوار الثنائي مع «حزب الله» حول ملف السلاح، والموعد وفق ما يجري التداول حوله في أوساط رسمية مؤجّل إلى حين اكتمال ظروفه، علماً أنّ ترجيحات بعض المسؤولين تُقلّل من احتمال حصوله قبل انسحاب إسرائيل من المناطق اللبنانية التي تحتلها، ولاسيما من النقاط الخمس على الحدود الجنوبية.

واللافت في هذا السياق، ما أكّد عليه مسؤول كبير، بقوله لـ«الجمهورية»: «إنّ ملف سلاح «حزب الله» أبعد من لبنان، والضغط الأميركي قديم جديد حوله، وفي الداخل هناك مستعجلون للخلاص من سلاح الحزب، لكن لننتظر ما ستفضي إليه المفاوضات الأميركية- الإيرانية، التي على ضَوء نتائجها ستتحدّد بوصلة التعاطي مع سلاح «حزب الله».

ويبرز في هذا السياق أيضاً، ردّ سفير غربي على سؤال لـ«الجمهورية»، مرجّحاً احتمال وصول واشنطن وطهران إلى اتفاق، لأنّ كلا الطرفَين في حاجة إلى هذا الاتفاق. وأضاف: «بديهي القول إنّ الاتفاق النووي المرتقب، إن تمّ التوصّل إليه كما هو متوقع، فإنّه سيطوي حقبة طويلة من الخلافات والتوترات بين البلدَين، وستكون له ارتدادات إيجابية شاملة سواء بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بصورة مباشرة، أو على مستوى مناطق نفوذهما، ولبنان بالتأكيد ستشمله هذه الارتدادات، وآمل أن يحصل ذلك على وجه السرعة». وعمّا إذا كانت إسرائيل قادرة على إفشال الاتفاق، فردّ: «أستبعد ذلك».

 

الحدود الشرقية

من جهة ثانية، يُخيِّم هدوء مشوب بالحذر الشديد في أجواء الحدود الشرقية مع سوريا، بعد الاشتباكات التي شهدتها خلال الساعات الأخيرة بين مسلحين على جانبَي الحدود، وتخلّلها استهداف قرى لبنان بمسيّرات وصواريخ.

وأبلغ مرجع أمني إلى «الجمهورية» قوله إنّ «الوضع على الحدود مع سوريا لا يبعث على الاطمئنان»، لافتاً إلى «رصد تحرّكات مُريبة في الجانب الآخر من الحدود، ولوحظ تزايدها في الآونة الأخيرة».

ورداً على سؤال عمّا يتردّد في أنّ سبب التوتر المتجدّد، لا طابع سياسياً له، بل هو محصور بين مهرّبين، أوضح المرجع: «كل الأمور متداخلة ببعضها البعض، وخلاف المهرّبين وصراعهم أمر وارد، خصوصاً أنّه قائم منذ سنوات طويلة».

على أنّ المرجع عينه استدرك قائلاً: «في موازاة صراع المهرّبين، ينبغي ألّا نُخرِج من حسباننا وجود أمور أخرى ومعطيات أمنية مرتبطة بالتطوّرات الأخيرة التي شهدتها سوريا، التي أعقبتها جولات متعدّدة من الاشتباكات على الحدود، وصولاً إلى الاشتباكات السابقة قبل بضعة أسابيع، تبعث على الحذر، والخشية من نوايا مبيتة لتحريك الجبهة السورية في اتجاه القرى اللبنانية الحدودية، خصوصاً أنّ البيانات السورية بالأمس، عادت إلى التركيز مجدّداً على «حزب الله» واتهامه بقصف مناطق سورية».

 

بيان الجيش

وحول هذا الأمر، صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه بيان جاء فيه أنّه «بتاريخ 24/4/2025، حصل تبادل لإطلاق النار في منطقة الهرمل

عند الحدود اللبنانية- السورية بعد إطلاق نيران من الجانب اللبناني باتجاه الأراضي السورية نتيجة خلافات حول أعمال تهريب، وردّ الجانب السوري على مصدر النيران، ما أدّى إلى وقوع جرحى من الجانبَين. وعلى إثر ذلك، اتخذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة تدابير أمنية استثنائية على طول الحدود بهدف تحديد مصدر إطلاق النار داخل الأراضي اللبنانية، ونفّذت عمليات دهم بالتزامن مع عمليات رصد وتتبّع من قِبل مديرية المخابرات، فأوقِف بنتيجتها المواطن (أ.أ.) المشتبه بتورطه في إطلاق النار، بالإضافة إلى انتمائه إلى مجموعة مسلّحة تنشط في أعمال التهريب».

وأضاف البيان: «في موازاة ما سبق، أجرت قيادة الجيش اتصالات مكثفة مع السلطات السورية ما أفضى إلى احتواء التصعيد، فيما تستمر الوحدات العسكرية في اتخاذ التدابير اللازمة لضبط الوضع، ويجري العمل على ملاحقة بقية المتورّطين في عملية إطلاق النار».

 

استعدادات واسعة في الفاتيكان لتأبين البابا فرنسيس

يشهد الفاتيكان اليوم مراسم تأبين رسمية للبابا فرنسيس بمشاركة دينية وسياسية وشعبية واسعة، حيث امتزجت مظاهر الحزن والتكريم في أجواء مهيبة تجسد أثر الراحل على العالم الكاثوليكي وخارجه.

بدأت الاستعدادات بوصول القناصل والديبلوماسيِّين ومسؤولي الدولة إلى ساحة القديس بطرس، حيث جرى نصب منصة خاصة لاحتضان مراسم التأبين. ونُشِرت حواجز أمنية وتنظيم دخول المئات من المؤمنين الذين اصطفوا منذ الصباح الباكر، وسط تواجد لافت لعناصر الحرس السويسري ومختلف الأجهزة الأمنية الفاتيكانية، حرصاً على سير الاحتفالية بسلاسة وكرامة.

يحضر القداس التأبيني عشرات الأساقفة والكهنة والكاردينالات من مختلف أنحاء العالم، على رأسهم رئيس الأساقفة دييغو رافيلي، ماستر المراسم الرسولية، الذي يتولى الإشراف على تفاصيل الطقس الليتورجي. وتأتي مشاركة كبار رجال الدين تأكيداً على البُعد الروحي لاحتفال الوداع، إذ ستُرتل الترانيم الغريغورية وتتلى صلوات باللاتينية، وفق ما أوصاه البابا فرنسيس نفسه بتبسيط الطقوس وتوجيهها صوب البعد الراعوي والإنساني.

لم يقتصر الحضور على رجال الدين، بل يشارك رؤساء دول وملوك ونخب سياسية من أوروبا وأميركا وإفريقيا وآسيا، وعدد من السفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي. وقد عُقدت لقاءات ثنائية على هامش المراسم بين قادة دول وحكومات، تعبيراً عن الاحترام للدور الذي قام به البابا فرنسيس في تعزيز الحوار بين الأديان والسلام العالمي. كما سيتواجد آلاف المؤمنين أمام أبواب البازيليك وخارج الأسوار.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب