وطنية – كتبت صحيفة "الأنباء" الالكترونية: بات جلياً أن عجلة الحكم سلكت طريقها، في ظلّ سلسلة تحديات تفرض نفسها على الداخل اللبناني، إذ إنَّ المسؤولين اليوم أمام معضلتين، الأولى تتعلّق بتطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش في الجنوب، بالإضافة إلى ضرورة انسحاب اسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها، كما تحديد مصير سلاح حزب الله، أمّا الثانية وهي المتعلقة بمصير المفاوضات التي يجريها وزير المال ياسين جابر والوفد المرافق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة.
تزامناً، يواجه لبنان صعوبات وتعقيدات لا تقلّ أهميّة عن تلك التي ظهرت في الملف الأمني. وفي السياق، رأت مصادر مواكبة أنَّ الأمور بدأت تأخذ أبعاداً لجهة المواقف التي تصدر بين الحين والآخر عن قيادات حزب الله الرافضة لتسليم السلاح أو من القوى التي تطالب بعدم التأخير في حل هذا الأمر، موجهة الدعوة إلى الفريق المتمسك بالسلاح والفريق الذي يصرّ على تسليمه للجيش اللبناني التخلي عن مواقفهم وترك الموضوع بعهدة رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام المعنيين بهذا الشأن، الى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري المكلّف بالتفاوض نيابة عن حزب الله بغض النظر عن التصريحات النارية التي يطلقها بين وقت وآخر الامين العام للحزب نعيم قاسم وبعض المسؤولين فيه.
المصادر اعتبرت في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية أن مقاربة الرئيس عون لملف السلاح بمثابة أفضل الطرق لمعالجة هذه المسألة، لما تحمل من خطوات ايجابية ومسؤولية واعية ومدروسة لجهة ما قد يتأتى عنها من قبل رئيس الدولة الذي يملك تصوراً واضحاً لحل معضلة السلاح ووضعه في عهدة الدولة اللبنانية، لا سيما وانه تبلّغ من أكثر من مسؤول دولي عدم مساعدة لبنان في ملف الإعمار قبل معالجة موضوع السلاح وهذا الموقف يعرفه حزب الله جيداً.
وإذ لفتت المصادر الى أن موضوع السلاح وفكفكة أذرع ايران في المنطقة في صلب المفاوضات الأميركية- الإيرانية التي ترعاها سلطنة عمان، أشارت إلى أن المحادثات تتجه نحو التوصل الى تسوية جديدة بين الطرفين بعد إلغاء تسوية العام 2015 لأنها لم تعد صالحة، بعد مرور عشر سنوات على إبرامها.
إلى ذلك، أكدت المصادر أن ما من مانع أمام الاتفاق بين واشنطن وطهران على وضع صيغة جديدة لمعالجة موضوع سلاح حزب الله، متوقعةً صدور أمر بتسليم سلاح المخيمات عقب الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان، عبر لجان مشتركة بين الجيش والفصائل الفلسطينية، وقد يشكل ذلك مقدمة لتسليم سلاح حزب الله.
توازياً، سلكت الإصلاحات مسارها على خط التعافي الاقتصادي، إذ أكّد حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من واشنطن أنَّ لبنان ملتزم بالإصلاح، وهو مستعد لاتخاذ الخيارات الصعبة، لتحمّل الكلفة السياسية للإصلاح، ولمحاسبة نفسه بنفسه، مشدداً على أن الأزمة ليست أزمة مالية فحسب، بل هي فشل مؤسسي عميق هزّ ركائز القطاعين العام والخاص على حد سواء.
في الإطار، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنطوان فرح أن هناك نقطتين أساسيتين تعيقان مهمة الوفد اللبناني الذي يفاوض في واشنطن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الأولى أن لبنان يفاوض وهو لم ينفذ بعد القرار 1701 أي الشق الأمني والسياسي، ورغم عدم الربط العلني بين تقديم المساعدات الاقتصادية من قبل صندوق النقد تحديداً وموضوع القرار 1701، إلاّ أنه من الواضح ان هناك خيط رفيع يربط بين الأمرين، وبالتالي يصعب تصور أن يصل لبنان الى اتفاق تمويل مع صندوق النقد، وان يبدأ تمويل هذا البرنامج وتدفق المساعدات الاخرى المرتبطة به قبل انجاز خطوات عملية تثبت أن لبنان سينفذ فعلاً القرار 1701 خصوصاً لجهة حصرية السلاح بيد الدولة.
أمّا الثانية وهي الأكثر صعوبة، وفق ما يشير فرح في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية، ترتبط بموضوع الفجوة المالية ومساهمة الدولة، أو كم ستدفع الدولة من ديونها لسد هذه الفجوة، إذ إنه من ضمن الأسئلة التي وجهها صندوق النقد الدولي ويطلب إجابة واضحة عليها من قبل الدولة، وهي الآن غير موجودة، بينما تتمثل برسم خطة خمسية لخمس سنوات تحدد فيها الدولة وجهات أنفاق من ضمنهم اساساً كم سيُنفق لسد هذه الفجوة المالية، لافتاً إلى أنه إذا كان رد الدولة بمبلغ زهيد، فهذا يعني أن اموال المودعين لن تعود وهنا تكمن المشكلة، أمّا إذا دفعت مبلغاً مقبولاً أو كبيراً للمساهمة باعادة الودائع فهذا يعني أن صندوق النقد لن يعطي لبنان القرض على اعتبار ان الاقتصاد لن يسمح للدولة بان تعيد الأموال التي اقترضتها من صندوق النقد.
====