وطنية - أكد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي في كلمته خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في دورته ال163 المنعقد في القاهرة، أن "الحكومة اللبنانية الجديدة تنتهج سياسة واضحة ترتكز على فرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، حصر السلاح بيدها، إمتلاكها وحدها قرار السلم والحرب، الالتزام بالميثاق الوطني ووثيقة الوفاق الوطني والمناصفة الحقيقية بين مكونات المجتمع اللبناني والتي تعزز الوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة".
وتطرق إلى العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، فشدد على أن "العالم شهد على التزام لبنان الكامل ببنود اعلان وقف الاعمال العدائية إلا أن إسرائيل تصر على تقويض هذا الاتفاق ومواصلة انتهاكاتها، وبشكل يومي، لسيادة لبنان وحرمة أراضيه".
وأكد "الالتزام بالحلول السلمية والدبلوماسية وبتطبيق القرار 1701، بكافة بنوده ومندرجاته، تنفيذا كاملا وشاملا"، مشددا على أن "المؤسسات الأمنية اللبنانية الشرعية، لا سيما الجيش اللبناني، مصممة على تحقيق هذه المهام الوطنية"، داعيا "المجتمع الدولي الى الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وإلزامها بالانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط من جميع الأراضي اللبنانية، والعودة إلى اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949".
وجدد "دعم لبنان الثابت للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة في إقامة دولته المستقلة، ورفض تهجيرهم وتوطينهم في بلد آخر.
كما أكد رجي "رفض لبنان لأي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية"، مشددا على "اعتماد سياسة الحياد الايجابي والاحترام المتبادل للسيادة والمصالح العربية المشتركة، وعلى بناء الشراكات الاستراتيجية معها ومنع أي تآمر على أنظمتها وسيادتها"، مبديا "استعداد الدولة اللبنانية للتعاون مع الجمهورية العربية السورية لإعادة النازحين وضبط الحدود ومعالجة كل الملفات الأخرى العالقة بين البلدين وعلى رأسها ملف المفقودين".
وهنا نص كلمة وزير الخارجية والمغتربين:
"معالي الأخ الصديق أيمن الصفدي، رئيس الدورة ١63 لمجلس الجامعة،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط،
أصحاب المعالي وزراء الخارجية العرب الأشقاء،
اصحاب السعادة رؤساء الوفود،
الحضور الكريم،
اسمحوا لي بداية ان أعرب عن سعادتي بالمشاركة معكم اليوم في هذا الاجتماع الهام، في هذا الصرح العربي العريق، جامعة الدول العربية التي احتفلت منذ شهر بعيد تأسيسها الثمانين، وشرف لي أن أحتفل معكم من موقع مسؤوليتي هذا، ممثلا الجمهورية اللبنانية، العضو المؤسس والفعال.
كما وأتقدم بالشكر الى الجمهورية اليمنية على جهودها المقدرة خلال الدورة المنصرمة للمجلس، واهنئ المملكة الاردنية الهاشمية على رئاسة الدورة الحالية متمنيا لها كل التوفيق بمهامها في ظل ما تشهده منطقتنا من تحديات كبيرة، والشكر ايضا لمعالي الامين العام السيد أحمد أبو الغيط، ولجهاز الأمانة العامة، على جهودهم في تنظيم أعمال هذا الاجتماع.
اصحاب المعالي والسعادة،
نجتمع اليوم، وقد استجدت متغيرات عديدة في لبنان، فقد تم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكلت حكومة جديدة، ووضعت الاسس في انتهاج سياسة واضحة تؤكد على فرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، وتؤكد على أنه بيدها وحدها قرار السلم والحرب، والالتزام بالميثاق الوطني ووثيقة الوفاق الوطني، والمناصفة الحقيقية بين مكونات المجتمع اللبناني والتي تعزز الوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة. وقد انطلقت ورشة الاصلاحات في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، وهي اصلاحات ضرورية من شأنها اخراج لبنان من الأزمات التي يمر بها منذ سنوات، وتضعه من جديد على طريق الازدهار والرخاء.
الا اننا لا نزال نشهد استمرار العدوان الاسرائيلي على لبنان وتصعيدا خطيرا في الخروقات الإسرائيلية لإعلان وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيز التنفيذ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ولقرار مجلس الامن رقم 1701.
لقد شهد العالم على التزام لبنان الكامل ببنود اعلان وقف الاعمال العدائية. إلا أن إسرائيل تصر على تقويض هذا الاتفاق. فهي لا تزال تواصل انتهاكاتها، وبشكل يومي، لسيادة لبنان وحرمة أراضيه، وتقصف المدن والقرى، وتعيق عودة المواطنين الى قراهم وتحتل مناطق حدودية وترفض إطلاق الأسرى اللبنانيين المحتجزين لديها.
ان الدولة اللبنانية تبذل كل الجهود في سبيل تطبيق القرار 1701، بكافة بنوده ومندرجاته، تنفيذا كاملا وشاملا، انطلاقا من التزامها بالشرعية الدولية وحرصها على استعادة كامل سيادتها وتعزيز أمنها واستقرارها، وهي المهام الوطنية المصممة على تحقيقها المؤسسات الأمنية اللبنانية الشرعية، لا سيما الجيش اللبناني.
نؤكد مجددا على التزامنا بالحلول السلمية والدبلوماسية، ونشدد على رفض أي محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد عبر البقاء في النقاط الحدودية اللبنانية التي احتلتها خلال عدوان العام 2024 أو إقامة شريط حدودي جديد داخل الأراضي اللبنانية. وندعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وإلزامها بالانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط من جميع الأراضي اللبنانية، والعودة إلى الالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل بإشراف الامم المتحدة في 23 مارس/آذار 1949.
اصحاب المعالي والسعادة،
ما عسانا القول في ما يحدث في غزة؟ الكارثة الانسانية والجرح النازف منذ أكثر من سنة ونصف: قتل ممنهج وتدمير شامل. آن الاوان لوضع حدا لهذه المأساة. ولكن صمت المجتمع الدولي ازاء جرائم اسرائيل يشجعها على التمادي في عدوانها وتقويض أسس الاستقرار في منطقتنا.
وقف لبنان دائما الى جانب القضية الفلسطينية دافعا الكثير من الأثمان. فنحن نؤكد على دعمنا الثابت للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة في إقامة دولته المستقلة، واستعادة حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، التزاما بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي اطلقت في قمة بيروت عام 2002.
ونشدد على رفض أية محاولات للنقل الجبري الفردي أو الجماعي أو تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في بلد آخر رفضا قاطعا. وندعم المواقف العربية التي تصب كلها في هذا الاتجاه.
اصحاب المعالي والسعادة،
يحرص جميع اللبنانيين على أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، ويشدد لبنان على اعتماد سياسة خارجية تقوم على الدفاع عن استقلاله وعن مصالحه حصرا وصون سيادته ومنع أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، وعلى سياسة الحياد الايجابي والاحترام المتبادل للسيادة والمصالح العربية المشتركة، وعلى بناء الشراكات الاستراتيجية معها ومنع أي تآمر على أنظمتها وسيادتها.
ونؤكد استعداد الدولة اللبنانية للتعاون مع الجمهورية العربية السورية لإعادة النازحين السوريين، الذين استضافهم لبنان منذ عام 2011، إلى بلادهم بعد أن باتت الظروف في سوريا ملاءمة للعودة وانتفت اسباب نزوحهم. وكذلك، نسعى الى ترسيم الحدود بين بلدينا، وقد تم الاتفاق على تشكيل لجان قانونية وفنية لبنانية – سورية تعمل على انجاز الموضوع، الامر الذي من شأنه ضبط الدولة اللبنانية لحدودها وبسط سيادتها عليها، ومنع التهريب بكافة أشكاله. وكذلك، العمل سويا من أجل معالجة كل الملفات الأخرى العالقة منذ عقود، وأبرزها مسألة المفقودين في سجون النظام السابق، وهي قضية إنسانية لم تعد تحتمل الانتظار.
اصحاب المعالي والسعادة،
إننا نواجه تحديات جسيمة في الداخل وتجاه الخارج، ولكننا مصممون على تجاوزها برؤية وطنية شاملة وارادة سياسية عازمة على نقل البلد من الضفة التي رزح تحتها لسنوات الى ضفة السيادة والتعافي والنمو والازدهار. فنحن نقدر عاليا تضامن الأشقاء العرب مع لبنان في هذه الظروف وتقديم المساعدات للتخفيف من وطأة الأزمات المتتالية عليه، ودعم مختلف قطاعاته واجهزته ومؤسساته الحكومية. وإننا نعمل جديا على استتباب الاوضاع السياسية والامنية وعلى اتخاذ الخطوات الاصلاحية الاقتصادية، الامر الذي من شأنه تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية الشقيقة وتشجيع الاستثمار.
أصحاب المعالي،
إن لبنان يؤمن إيمانا راسخا بأهمية العمل العربي المشترك، ويعتبر جامعة الدول العربية الإطار الأمثل لبلورة مواقف عربية موحدة تجاه القضايا المصيرية التي تواجهنا. فالظروف الإقليمية والدولية معقدة ومقلقة، وتتطلب منا جميعا أعلى درجات التنسيق والتعاون والتضامن، إنطلاقا من مسؤوليتنا المشتركة تجاه شعوبنا ودولنا.
أصحاب المعالي،
ثمانون عاما على تأسيس الجامعة، مر خلالها الكثير من الفرص لتحقيق آمال شعوبنا وللنهوض بها، التقطنا العديد منها ولكن فاتنا الكثير. ونحن اليوم نشهد أكثر من اي وقت مضى، ان هناك ثمة رؤية مستقبلية تتسم بالعبور بمنطقتنا إلى بر الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، وإن هناك ثمة تصميما على تحقيق هذه الرؤية. وهذه اهداف نتلاقى عليها جميعا، واجبنا التمسك بها وتسخير كل الجهود لنشهد عليها تتحقق امام أعيننا".
=========