وطنية - حاضر العلامة السيد علي فضل الله، بدعوة من مكتبة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله العامة، ولمناسبة أسبوع المطالعة الوطني، تحت عنوان" أوقات الفراغ بين التفكر والتجدد"، وذلك في قاعة المكتبة في حارة حريك وفي حضور حشد من المهتمين من مختلف الاعمار.
في البداية، ألقى مدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي كلمة ترحيبية لفت خلالها إلى "أهمية هذه الأعمال والأنشطة في هذه المرحلة، لاسيما تلك التي تشجع على بناء علاقة قوية ودائمة بالكتاب، وتحث على القراءة والمعرفة والتي هي من الشروط الأساسية لبناء شخصية إسلامية قوية متكاملة وفاعلة، في عصر باتت فيه المعرفة والعلم من مداميك نهضة الأمم والمجتمعات وتأمين وسائل الحضور والحماية لها في هذا العالم".
ثم ألقى العلامة فضل الله محاضرته عبر فيها عن "سعادته بهذا اللقاء الجامع الذي ينم عن وعي ونضوج لدى هذه الفئات العمرية المتنوعة وسعيها للاستفادة من الوقت وعدم هدره"، مشيرا إلى "ضرورة تعزيز ثقافة إستثمار الوقت في القراءة والعلم والتفكر والعمل من أجل النهوض بواقعنا نحو الأفضل والأحسن".
وأشار إلى "ان هناك مشاكل كثيرة تحدق بواقعنا على مختلف الصعد ما يتطلب تحصين مجتمعنا بالعلم والفكر والعمل على سد كل النوافذ امام مخاطر الجهل والانقسامات والانحرافات"، داعيا إلى "تعزيز نقاط القوة في صفوفنا ومعالجة كل نقاط الضعف بما يحمي مجتمعنا ووطننا من كل عدوان".
وأكد السيد فضل الله "ألا نكون صدى للآخرين أو أمعة او دمية يحركها الآخرون لمصالحهم ولحساباتهم الخاصة والفئوية، بل ان نملك الشخصية المتوازنة المستقلة وان ندرس خياراتنا بكل دقة وان تنبع مواقفنا عن دراسة موضوعية للأمور قبل ان نطلقها في الهواء الطلق"، مشيرا إلى "أننا نريد للانتخابات البلدية والاختيارية أن تكون محطة من محطات الإصلاح والتغيير نحو الأفضل وان يكون اختيارنا للأشخاص المرشحين فيها نابع من إيمانهم بالبرامج الإصلاحية والانمائية التي يحملونها ومدى التزامهم بها وبالكفاءة والصدق والشفافية التي يتحلون بها وليس مبنيا على تعصب عائلي او حزبي أو طائفي او حسابات سياسية ضيقة".
وقال :" من الطبيعي أن يكون للإنسان وقت فراغ، فهو ضروري للتخفيف من أعباء العمل ومتطلبات وقت الدراسة، وليجدد الإنسان نشاطه وحيويته، حيث لا يمكن للانسان أن يكون في عمل دائم، أو في تعلم لا توقف فيه. وهذا ما دعا إليه الحديث:"للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يروم فيها معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها...
ولكن يبقى التساؤل حول كيفية التعامل مع أوقات الفراغ هذه، التي إن لم يحسن الإنسان استغلالها، فقد تذهب هدرا وتضيع ولا يستفاد منها، وقد تكون بابا للانحراف. ولذلك اعتبر الفراغ من أوثق فرص الشيطان لذلك دعت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة إلى حسن الاستفادة من أوقات الفراغ من خلال وضع برنامج يومي لما يريد المرء أن يفعله فالمبدأ أن لا يكون هناك أوقات فراغ ليس فيها أيّ عم"ل.
أضاف :" نعم، قد ينتقل الإنسان من أجواء التعلم أو الوظيفة، إلى أجواء أخرى ليس فيها تبعات العمل أو التعلم والوظيفة، ولكنها ليست خالية من الهدف. فالفراغ ينشأ مع غياب هدف عند الإنسان في تمضية هذا الوقت، وهذا ما لا يريده الله لأي مسلم، ولا يريده للحياة.إن أكبر خسارة يخسرها الإنسان هي خسارة الوقت، فهو بذلك يخسر نفسه".\
فقد ورد في الحديث، أنَّه يوم القيامة، يُفتح للعبد خزائن عددها أربع وعشرون، هي بعدد ساعات اليوم الواحد.. وكلّ خزانةٍ من هذه الخزائن تُظهر نتائج ما حصل فيها من أعمال في الحياة الدّنيا.. خزانة من هذه الخزائن يجدها مملوءةً نوراً، وهي السّاعة الّتي أطاع فيها ربّه، وخزانة أخرى يراها مظلمةً موحشةً كئيبة، وهي الساعة التي عصى فيها ربّه.. ويتوقّف طويلاً عندما تُفْتح له خزانةٌ فارغةٌ ليس فيها شيء، لا نور ولا ظلمة، يسأل، فإذا بها الساعة التي لم يعمل فيها شيئاً.. ساعة الفراغ الّتي ذهبت هدرا، وكان في وسعه أن يملأها نورا وهدى وعلما وعملا".
وأردف :"لقد أصبحت كلمة قتل الوقت جزءا من قاموسنا، وصرنا نريد تقطيع الوقت كيفما كان، بحيث بتنا نملؤه لغوا ولهوا وعبثا وبفضول الكلام، ووصولا إلى تناول النَّاس بالقيل والقال في السَّهرات والجلسات أو عبر مواقع التَّواصل، أو بأن نتسمَّر خلف الشاشات والفضائيات وما تتفنَّ به، للاستحواذ على وقتنا وسلب اهتمامنا، ليصبح حديثنا ومادة تواصلنا، في الوقت الذي يمكننا أن نملأ أوقاتنا بما يمكن أن يغنينا فكرا وأدبا وعلما نافعا، ومايؤديِّ إلى رضا الله وبلوغ جنَّته.
إننا بحاجة إلى متابعة دائمة ودقيقة لحركة هذا العمر، فلا نغفل عن كيفية صرفه والاستفادة منه، ولا تحت أي حجة، ولا نجعل من حولنا يملون علينا كيفيَّة ملء أوقاتنا، ويأخذون بنا إلى حيث يريدون، بأن يملأوا هم أوقاتنا بما يريدون مما لا فائدة لنا منه".
وختم فضل الله:" فلنعمل على أن تكون ساعات الفراغ ساعات التجدد وإعادة النظر، ساعات التفكر والتأمل.... والسؤال: كيف أستثمر وقتي أفضل استثمار؟ كيف أستثمر عمري أفضل استثمار؟ فلنسأل أنفسنا هذا السؤال، ولنتصرف على أساسه، وبذلك ننهض بالمجتمع والوطن ونكون على قدر التحديات التي تواجهنا".
===============