وزير الخارجية يستدعي السفير الإيراني لإبلاغه رفض لبنان موقفه من السلاح ورفض تدخله في الشان الداخلي
وطنية - كتبت صحيفة "النهار": إذا كان ملف الواقع الميداني في الجنوب وحصرية السلاح بيد الدولة وحدها، يشكّلان الأولوية الطاغية على مجمل الوضع الداخلي، فإن اقتراب موعد انطلاق الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الأولى في الرابع من أيار المقبل، بدأ يلفح الأجواء والمناخات الداخلية تدريجاً، خصوصا أن هذا الاستحقاق الديموقراطي يعتبر الامتحان الأول للعهد والحكومة الجديدين في اختبار توفير العناصر الأساسية للأمن والشفافية والتغيير كبروفة للانتخابات النيابية بعد سنة. وستتّجه الأنظار تباعاً إلى الاستحقاق الانتخابي البلدي اعتباراً من الجلسة التشريعية التي سيعقدها مجلس النواب الخميس التي سيتوقف عليها مصير الاطار الانتخابي الذي ستجري عبره انتخابات العاصمة بيروت تحديداً، والتي تشغل مجمل القوى السياسية والكتل النيابية نظراً إلى حساسية الوضع المهدّد فيها بعدم توفير عامل المناصفة في مجلسها البلدي ربما للمرة الأولى. وهو الأمر الذي يبدو أنه أملى استنفاراً سياسياً و"طوائفيا" تجاوز بيروت إلى معظم المراجع لئلا تتشكل سابقة تدفع بالقوى المسيحية لاحقاً إلى الضغط بمطلب تقسيم بيروت انتخابياً مع ما يحمله ذلك من تداعيات ومحاذير، ولو أن كثيرين يرون أن تقسيماً كهذا لا يوجب تصوير الأمر كأنه تهويل تقسيمي. وفي ظل تقدّم هذا الاستحقاق تتزاحم أولويات المرحلة، علماً أن معلومات تردّدت في الأيام الأخيرة عن بدء استعدادات جدية لانطلاق الحوار المحكى عنه بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون و"حزب الله" حول ملف حصرية السلاح بيد الدولة. ولكن تبين أن هذه الاستعدادات لا تزال في طور التوافق على الإطار الذي سينطلق عبره الحوار المفترض أن يكون "بلا شروط مسبقة"، بما يعني أن اندفاع مسؤولي "حزب الله" ونوابه في الأسبوع الأخير إلى إعلان مجموعة شروط وتكرارها للبدء في الحوار حول "الاستراتيجية الوطنية"، بدءاً بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس في الجنوب وصولاً إلى إنجاز عملية إعادة إعمار المناطق المهدمة بفعل الحرب، شكل فرملة واضحة للاستعدادات المبدئية للحوار الرئاسي مع الحزب بعدما قُرئت شروط الحزب بأنها تضمر قراراً بعدم تسهيل أي إجراء أو خطوة يفهم منها قبوله راهناً بفتح ملف سلاحه. وتشير المعطيات المتوافرة في هذا السياق إلى أن الأيام القليلة المقبلة قد تحمل معالم بت موعد وإطار هذا الحوار ما لم تحصل تطورات تؤخر الانطلاقة المنتظرة له.
وفي انتظار أي جديد على ضفة الحوار حول السلاح بين بعبدا والضاحية، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمس أن "أي مسألة خلافية تُحلّ بالحوار، ولا أحد في لبنان يريد العودة إلى الحرب". وقال: "أنا متفائل بوجود التصميم والإرادة".
أما في موضوع الجنوب، فأكد الرئيس عون أن "استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمس تلال لا يساعد على استكمال تطبيق القرار 1701 وانتشار الجيش حتى الحدود، ونحن نسعى لمعالجة الأمور بالطرق الدبلوماسية"، مشيراً إلى "أن أي موضوع خلافي يجب أن يحل بالتواصل والحوار مع الآخر". وقال: "مهما كانت المواضيع أكانت تتعلق بسلاح حزب الله أو التحديات الداخلية أو هيكلة المصارف أو الوضع المالي والاقتصادي يجب أن تعالج بالحوار الداخلي".
وجاء كلامه أمام رئيس المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات، صقر غباش الذي أكد لعون "حرص رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، على وحدة لبنان وبناء الدولة الوطنية الجامعة لكل أطياف الشعب اللبناني، وعلى تعزيز العلاقات بين البلدين". وأكد الرئيس عون أنه يتطلع إلى زيارته لأبو ظبي للقاء الشيخ محمد بن زايد "وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. أمامنا تحدّيات كبيرة، من أبرزها إعادة الإعمار بدعم من الدول الشقيقة".
وفي السياق الديبلوماسي أيضاً، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي التوافق لدفع العلاقات مع لبنان واقتراب عقد اللجنة العليا المشتركة مع لبنان. وأوضح خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني يوسف رجي، "أننا نعمل لتحديد موعد زيارة الرئيس اللبناني لمصر قريبا". وقال "إننا ندعم بشكل كامل جهود الرئيس اللبناني لاستعادة الاستقرار لبلاده، ونطالب بالانسحاب الكامل لإسرائيل من جنوب لبنان ونشدّد على التنفيذ الكامل للقرار 1701".
وأعلن الوزير رجي "أن خطاب قسم رئيس الجمهورية والبيان الوزاري للحكومة واضحان لجهة حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها"، مضيفا، "حصر السلاح بيد الدولة مطلب وطني وشعبي وسنعيد تعزيز علاقاتنا مع كل البلدان الشقيقة".
وأفادت معلومات أن الوزير رجي سيستدعي السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني خلال اليومين المقبلين على خلفية ما دوّنه على صفحته حول موضوع حصرية السلاح، اذ عُلم أن رجي سيبلغ السفير أن حديثه عن رفض نزع سلاح حزب الله هو تدخل مرفوض في الشان اللبناني الداخلي.
الجلسة التشريعية وبيروت
أما في ما يتعلق بالجلسة التشريعية لمجلس النواب الخميس المقبل، فاجتمعت أمس هيئة مكتب مجلس النواب في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري حيث ناقشت جدول الأعمال الذي سيُوزع في الجلسة. وأشار نائب رئيس المجلس الياس بو صعب إلى أن "مشروع قانون السرية المصرفية هو البند الأوّل، وهناك إصرار على ألا يحصل أي تأجيل في الانتخابات البلدية وأي اقتراح قانون قد يُعرقلها بات من الصعب أن يمرّ". ولفت إلى أن الرئيس برّي أكّد أنّ لبيروت رمزيّتها وهذا أمر سيُناقش والمطلوب تعديل قانون الانتخابات في ما يتعلّق بالعاصمة وليس تعديلات تخصّ الصلاحيات كي لا تُعرقَل الانتخابات فيها".
وتتفاعل انتخابات بيروت في كل الاتجاهات، إذ أوضح النائب وضاح الصادق "أنّ أبناء بيروت حرموا لفترة طويلة من التعبير عن قرارهم وبيروت وصلت في النهاية لأن تكون مدينة حزينة ومحرومة وتوزيع المجلس البلدي بشكل حزبي أدى إلى فساد كبير". وقال: "تقدّمت باقتراح قانون معجّل مكرّر يحفظ تنوّع العاصمة ويضمن المناصفة المطلوبة ويُعيد حقّ المدينة المسلوب منذ سنوات، ونأمل من رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة المجلس أن يُضاف إلى الجلسة المتوقعة يوم الخميس المقبل احتراماً لأهل بيروت".
من جهته، إعتبر النائب فؤاد مخزومي بعد زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن "المطلوب من كلّ القوى إبعاد السياسة عن الانتخابات البلدية والمطلوب من أهل بيروت التوافق على لائحة على أن تُحافظ على المناصفة".
اغتيالان
على صعيد الوضع الميداني في الجنوب لم تنحسر أجواء التصعيد الإسرائيلي منذ أيام، وكان لافتاً تجاوز عمليات الاغتيال بالغارات الإسرائيلية عمقاً كبيراً أمس وصل إلى مشارف بيروت الكبرى، إذ استهدفت غارة إسرائيلية سيارة في بعورتا قرب الدامور، وأدّت الى مقتل حسين عزت عطوي من بلدة حاصبيا مرجعيون - الهبارية، وهو من "الجماعة الإسلامية". وتحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن "هجوم غير اعتيادي في لبنان، على بُعد نحو 70 كيلومترًا من الأراضي الإسرائيلية، جنوب بيروت قليلًا"، وقالت إن سلاح الجو الإسرائيلي اغتال قياديًا بارزًا في تنظيم "الجماعة الإسلامية" الذي "عمل خلال الحرب إلى جانب حزب الله ونفّذ عمليات إطلاق نار باتجاه الأراضي الإسرائيلية".
كما استهدفت مسيرة اسرائيلية سيارة بيك اب ودراجة نارية عند طريق بلدة الحنية في قضاء صور واوقعت قتيلا.
وكان لافتا اصدار مسؤول "العلاقات الإسلامية" في "حزب الله" الشيخ عبد المجيد عمّار بياناً، اعتبر فيه "أن هذا العدوان المتواصل يُحتّم على الدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية الكاملة، وأن تخرج من موقع المتفرّج العاجز، وألّا تكتفي ببيانات الإدانة التي لم تُجدِ نفعًا، ولم تردع العدو، وأن تقوم بخطوات فاعلة وجادة وعاجلة على كل المستويات، وبجميع الوسائل المتاحة".
====