سويف في قداس منتصف الليل: على الدولة أن تنهج الحَوكمة السليمة والشفافية لأجل الخير العام

وطنية - ترأس رئيس أساقفة ابرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف قداس منتصف الليل في كاتدرائية مار مخائيل بطرابلس، عاونه المونسيور جوزاف غبش، والشماس جورج صباغ، في حضور مسؤول العلاقات السياسية في "الكتلة الوطنية" كميل موراني، مدير الدائرة المالية في عكار كارلوس عريضة الى حشد من المؤمنين، وسط اجراءات امنية اتخذتها عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي.

بعد الانجيل المقدس، القى سويف عظة قال فيها: " أيها الأحباء أبناء الأبرشية. نتأمل اليوم في سر القيامة والحياة طالبين من الرب يسوع أن يأتي هذا لعيد بثمار روحية وإنسانية ينعم بها جميع الناس. أولاً: بطل الموت وباد الظلام. إنها القيامة التي نحتفل بها لنعلن أن الله الآب أقام ابنه الوحيد من بين الأموات ففرغ القبر وشع نور الحياة الجديدة ببزوغ فجر الأحد الذي محى ليل الخطيئة المظلم. المسيح القائم كان وما زال عزاء المحزونين ومحوّل الخوف في قلب الإنسان الى رجاءٍ جديدٍ. فبالقيامة عُدنا الى عالم الله بعد أن كنا نتخبط في عالمنا الزائل. بالقيامة اكتملت حريتنا لأن ابن الله داس الموت بموته وأعاد الينا حرية البنين. ثانياً: القيامة كوّنت أرضاً جديدةً وسماءً جديدةً. بشخص يسوع المسيح وهو الإله والإنسان معاً، وهو "رأس الخليقة وبكر الراقدين"(1كو 15: 20)، بطلَ القديم ووُلد الجديد، وبدأت كتابة سفر التكوين الذي ربط الخليقة المتجدّدة بالحياة التي لا تنتهي والتي منحنا إياها الله الآب بإبنه يسوع وهو يحققها فينا بروحه القدوس. إنها الحياة الأبدية التي تقودنا الى معرفة الله والى محبته، والى عيش هذه المحبة فيما بيننا فنشير بذلك الى حقيقة السماء وواقع الملكوت الذي رسم ميزاته الرب يسوع في إنجيله الطاهر. أرضٌ جديدةٌ وسماءٌ جديدةٌ هي أنك أيها الإنسان تحرّرت من قيود شريعة الحرف ونهجت شريعة النعمة التي هي بكل بساطة عيش التطويبات  في الحياة الإنسانية اليومية، مما يتطلب موتاً دائماً عن الذات لبلوغ الحرية الحقة. لقد انتهت قاعدة "العين بالعين والسن بالسن" وأزهر نهج: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم" (يو 13: 34) حتى يصل الى "أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم" (متى 5: 44). إنه المنطق الجديد الذي يظهّر الحالة الجديدة في عظة الجبل: "طوبى للفقراء بالروح، فإن لهم ملكوت السماوات"، "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الارض"، "طوبى لأنقياء القلوب، لأنهم يعاينونَ الله"، "طوبى للرحماء لانهم يرحمون"، "طوبى لصانعي السلام لإنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5 ). لقد دعانا الرب القائم أن نحافظ على هذه الأرض الجديدة فينعم العالم بالعدالة والسلام ويحيا بالإخوة الصادقة فنحمي معاً "بيتنا المشترك" الذي ينعم فيه الإنسان بالفرح والرجاء. ثالثاً: ثمار قيامة المسيح هي الفرح والرجاء. إنه فرح المؤمن بلقاء المسيح القائم يشعر به في القلب ويشع على محيّاه. فلا يمكن لنا مع القيامة أن نكبّل مشاعرنا باليأس والإحباط والموت رغم وجودهم في اختبارنا الشخصي. فعندما ندعُ يسوع القائم الى بيتنا الداخلي ونمكث معه حول مائدة الكلمة والإفخارستيا، يتحوّل كل موت فينا الى فرح القيامة ومنها الى فرح الشهادة حتى الاستشهاد، من أجل مملكة المسيح التي ليست من هذا العالم" .

اضاف: "المسيح القائم هو رجاؤنا، هو "الرجاء الذي لا يخيّب" (رو 5: 5) ونحن في يوبيلٍ نحج فيه لنجدد في قلوبنا الرجاء بحياة أبدية نعيشها "هنا والآن" وتكتمل بمجئ الرب الثاني. فما أجمل أن نحجّ معاً نحو الباب المقدس أي نحو المسيح وهو الباب وهو الطريق وهو الحق والقيامة والحياة. في هذا الحج المقدس لنبعد عنا "تجربة السباق" أي الهمّ في أن يصل الواحد قبل الآخر. فالسير معاً هو جمالية حجّ الكنيسة حيث يهتم الواحد بالآخر ويسهر الواحد على الآخر، وينحني الواحد ليغسل أرجل الاصدقاء والفقراء والمتعبين في سَفَر الحياة. وجمال الكنيسة-الشّركة هي بأن نكون واحداً فننطلق معاً ونصل معاً الى قلب الآب وننعم بسلام القائم. رابعاً: القيامة هي الحدث الذي يبني الحب وينشر السلام. إنها ثمرة محبة الآب لنا التي تُوّجت بتضحية الإبن الوحيد الذي انتصر على الحقد والبغض والكراهية وبنى الحب بقيامته وحيّا البشرية الجديدة باالسلام: "سلامي أعطيكم" (يو 14: 27)".

وتابع : " أيها الأحباء، عالمنا اليوم يحتاج الى من يزرع فيه الحب وينشر السلام، بكرم وسخاء ونضج روحي وإنساني يجعل من الإنسانية بأسرها عائلة الله الواحدة. لبنان اليوم يحتاج الى الحب الحقيقي بعيداً عن الكراهية والبغضاء التي تدمّر الوطن. بالحّب يُبنى لبنان على قاعدة الأخلاق والحقوق والواجبات وصون الكرامة الإنسانية. على الدولة أن تنهج الحَوكمة السليمة والشفافية لأجل الخير العام. هناك أكثرية ساحقة من مواطنات ومواطنين ما زالوا يعانون من نقص في أدنى حاجاتهم الاجتماعية والطبية والتربوية وفي عيش لائق و كريم وفي تأمين فرص عمل لا سيما لشبيبة  تريد الصمود في الأرض قبل أن تنضم الى قوافل الذين هجروا وهي الخسارة الكبرى للوطن".

وختم سويف: "صلاتنا هي أن يَعمّ السلام هذا الشرق الذي ما زال يفتش عن أنوار القيامة. يا أحبائي، لنشكرَنَّ الربّ على نعمة القيامة رافعين إليه تسابيح المجد والإكرام من الآن والى الأبد. آمين".

بعد القداس تقبل سويف وغبش التهاني بالعيد من المشاركين بالقداس.

 

========== ل.خ

 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب