تركز الرئاسة الفرنسية خلال زيارة عون إلى العاصمة الفرنسية في 28 الحالي على تناول موضوع السيادة الذي تنوي مناقشته مع الرئيس اللبناني ووضعه في صورة المحادثات التي تجريها الرئاسة الفرنسية مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي من أجل الانسحاب من الأراضي اللبنانية.
وطنية – كتبت صحيفة "النهار": مع أن المشهدية الحاشدة في المختارة ويوم كمال جنبلاط فيها استحوذ على الحدث الداخلي أمس، فإن ذلك لم يحجب تفاقم الوضع الخطير القائم في الجنوب تحت وطأة تصعيد إسرائيلي كثيف تجلى في الساعات الأخيرة برفع وتيرة الاختراقات والاغتيالات والغارات بما يثير مزيداً من المخاوف حيال السيناريوات المطروحة للوضع. وما لا يفصح عنه معظم المسؤولين اللبنانيين بعد هو أن القلق يغدو أكبر من الموقف الأميركي الضمني والعلني حيال التصعيد الإسرائيلي في ظل تسريبات بدأت تاخذ طابع التحذيرات للبنان الرسمي من أن واشنطن لن تكون بعيدة عن تغطية ممارسات إسرائيلية أقسى ما لم تتطابق إجراءات السلطة اللبنانية بسرعة مع المطالب المتصلة بتنفيذ القرارات الدولية لجهة نزع سلاح “حزب الله”. وهذا الاتجاه بدأ يتخذ طابعاً شديد الجدية في ظل ربط الدعم الخارجي لاعادة الإعمار في لبنان بالأجندة المنتظرة للسلطة اللبنانية حيال تنفيذ القرار 1701 تنفيذاً صارماً.
في أي حال ستكون تعقيدات الوضع القائم في جنوب لبنان مطروحة بكل تفاصيلها أمام مجلس الأمن الدولي الذي سيعقد اليوم الاثنين جلسة مشاورات مغلقة حول أحدث تقرير للأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش في شأن تنفيذ القرار 1701 بعدما عُمم على أعضاء المجلس في 11 آذار الجاري، حيث يُتوقع أن يُقدم الإحاطة كلٌ من المنسقة الخاصة للبنان جانين هينيس-بلاسخارت ووكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا. وهذه الجلسة التقويمية للمجلس تأتي بعد دخول وقف النار حيّز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل في وقت يشهد تطبيق الاتفاق تحدياً كبيراً على نطاقات متعددة ليس واضحاً تماماً إذا كان بإمكان المجلس معالجتها في ظل اعتبارات كثيرة.
وليس بعيداً من هذه الأجواء تولي باريس، بحسب مراسلة “النهار” في العاصمة الفرنسية، أهمية كبرى لزيارة العمل التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى فرنسا في 28 آذار الحالي للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بذل جهوداً كبرى بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة للتوصل إلى انتخاب الرئيس عون في لبنان. وأدت فرنسا دوراً أساسياً عبر مبعوثها الرئاسي جان إيف لودريان الذي بالتنسيق مع مجموعة الدول الخمس جرى الدفع لانتخاب الرئيس. وتركز الرئاسة الفرنسية خلال زيارة عون إلى العاصمة الفرنسية على تناول موضوع السيادة الذي تنوي مناقشته مع الرئيس اللبناني ووضعه في صورة المحادثات التي تجريها الرئاسة الفرنسية بعيداً عن الاضواء مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي من أجل الحصول على انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية. وينبغي التذكير أن الجنرال الفرنسي بونشان الذي يعمل في لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار كان في باريس في زيارة سريعة بعد زيارة إلى إسرائيل من ضمن الجهود الفرنسية لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.
جنبلاط ويوم المختارة
أما إحياء الذكرى الـ48 لاغتيال كمال جنبلاط، فشكّل أمس محطة فاصلة حقيقية في ظل الحشود الشعبية الكبيرة التي ضاقت بها المختارة وقصر آل جنبلاط في المختارة وضريح كمال جنبلاط وسط إعلان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط “أعلن باسمي وباسم عائلتي واسم الحزب التقدمي الاشتراكي ختم هذا التقليد كون عدالة التاريخ أخذت مجراها في مكان ما ولو بعد حين”. ولم تقتصر كلمة جنبلاط أمام الحضور السياسي والديني والديبلوماسي الكثيف إلى جانب الحشود الشعبية الكثيفة على هذا الإعلان فقط، بل أعلن عناوين أساسية لما وصف بـ”المرحلة الجديدة من النضال والتحدي” ومن أبرزها: “التمسك بالاشتراكية الأكثر إنسانية كما نادى بها الشهيد الكبير، التأكيد على يوم المصالحة التاريخي برعاية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في 3 آب 2001، واعتبار هذا الحدث منطلقاً للعلاقات اللبنانية – اللبنانية فوق الانقسامات السياسية، أهمية تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، ومتابعة ترسيم الحدود حفاظاً على السيادة اللبنانية وتطبيقاً للقرارات الدولية،
إعادة إعمار الجنوب وباقي المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي من خلال وضع آلية موثوقة عربياً ودولياً”.
وتوجّه جنبلاط إلى “بني معروف في مئوية سلطان الأطرش ومئوية الثورة الوطنيّة السورية”، قائلاً: “حافظوا على هويتكم العربية. حافظوا على تاريخكم النضالي المشترك مع الوطنيين العرب والسوريين في مواجهة الاستعمار والانتداب، حافظوا على موقفكم في مواجهة احتلال الأرض العربية في الجولان السوري. حافظوا على تراثكم الإسلامي واحذروا من الاختراق الفكري الصهيوني الذي يريد تحويلكُم إلى قومية، واحذروا من استخدام البعض منكم كإسفين لتقسيم سوريا وباقي المنطقة، تحت شعار تحالف الأقليات الذي عارضه كمال جنبلاط وقد استشهد رفضاً لهذا المشروع”.
وفي سياق المحطات السياسية الداخلية كانت أمس مواقف إضافية لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في المؤتمر التنظيمي السنوي لـ”التيار” في حضور الرئيس ميشال عون اعتبر فيها: “أننا أمام احتلال من نوع ثاني هو احتلال النازحين، لأنه عندما يكون هناك شعب ثاني أكثر من نصف شعبك موجود على ارضك، وليس لديه سبب للبقاء وأنت لا تريده أن يبقى، ولا يخرج طوعاً، يكون اسمه احتلال”، مطالباً بـ”خروج جيش النازحين السوري من لبنان”.
وعن موقف “التيار” من الحكومة، قال باسيل إن “التيار خارج الحكومة لسببين أساسيين: الأول لأننا نرفض أن يفرض علينا أحد أسماء الوزراء كما قبلَ غيرنا بذلك، ونرفض أيضًا أن يتم تمثيل المجتمع الذي نمثله بشكل ناقص، كما حصل سابقًا عام 2005، ثم تكرر عام 2025، حيث تم التفريط بالحقوق التي استعدناها مقابل الدخول إلى الحكومة. أما السبب الثاني، فهو أن القوى السياسية لم ترد التيار داخل الحكومة لأنها تخشى قراره الوطني الحر، وليس بسبب الخوف من تشكيلنا الثلث المعطّل كما يروّج البعض. فهذه القوى تدرك جيدًا أننا لسنا على تفاهم مع “حزب الله”، وهذا الأمر بات واضحًا منذ مدة طويلة. الخوف الحقيقي من التيار الوطني الحر سببه أننا لا نقبل بأي طلب لا يقنعنا أو لا يخدم مصلحة لبنان، ولهذا السبب تم استبعادنا عن الحكومة”.
ورأى أن “المعارضة ليست نكداً أو تخريبا، المعارضة تكون حافزاً للحكومة والعهد لكي ينجحا، لأنّها تراقب، وتسائل، وتحذّر وتصحّح ولا تعترض لتعترض، ولا ترفض لترفض، بل يكون عندها بدائل، ولهذا سيكون لنا حكومة ظل تتابع كل وزارة بشكل موضوعي وتساعد الوزير وتشجّعه وتنتقده عند اللزوم”.
لبنان ومؤتمر بروكسيل
إلى ذلك يمثل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، لبنان في المؤتمر التاسع الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل لدعم مستقبل سوريا تحت عنوان “الوقوف مع سوريا وتلبية احتياجاتها من أجل انتقال ناجح”. ومن المتوقع أن يلقي رجي كلمة لبنان في الجلسة الافتتاحية ويعقد لقاءات مع وزراء خارجية ومسؤولين كبار على هامش المؤتمر. وعلم من المصادر القريبة من الوزير رجي أن كلمته تحمل رسالة واضحة ومباشرة في شأن إعادة النازحين السوريين من ضمن اقتراحات عملية تذهب إلى حد اعتبار النازح مخالفاً للقانون اللبناني وسيعتبر أن لا عذر بعد الآن لتلكؤ المجتمع الدولي في تأمين إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم وأن هذه العودة باتت لزاماً وليس أمراً ممكنا.
الهجمات الإسرائيلية
أما الوضع في الجنوب، فشهد تكثيفاً خطيرا للهجمات الإسرائيلية بحيث حصل هجوم صباحاً هو الثالث من نوعه خلال الساعات الـ24 الأخيرة تمثّل باستهداف مسيّرة سيارة في بلدة ميس الجبل، وسط معلومات عن سقوط ضحية هو سائق السيارة.
ونفذّت مسيرة إسرائيلية قرابة الثانية من بعد منتصف الليل غارة بصاروخ موجه استهدفت سيارة رباعية الدفع على طريق بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل، ما أدى إلى مقتل سائق السيارة وجرح مرافقه.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي اغتال عنصراً من “حزب الله” في هجوم في جنوب لبنان.
وفي أول تعليق إسرائيلي على الاستهدافات المتنقّلة خلال الساعات الأخيرة، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إنّ “الجيش قضى على مسلّحَين اثنَين من “حزب الله” كانا يهمّان في أعمال استطلاع وتوجيه عمليات في منطقتَي ياطر وميس الجبل جنوب لبنان”، وقال إنّ “نشاط هَذيْن المسلّحَين يُشكّل انتهاكاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.
وانسحبت قوة من الجيش الإسرائيلي من بلدة العديسة بعد أن دخلت إليها لساعات مساء السبت.
ويُعتبر هذا التوغل أكبر خرق إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار، خاصة وأن الجيش اللبناني منتشر في البلدة.
====