العلامة الخطيب : ما يحصل اليوم من احداث مروعة ومجازر يندى لها الجبين يوضح اهداف المشروع الغربي  والمستقبل  المعد لهذه للمنطقة

وطنية - أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار وألقى خطبة الجمعة، قال فيها:
"ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا.. من يهدي الله قلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. في هذه الايام المباركة من شهر رمضان، وهو شهر التوبة والمغفرة والرحمة.. شهر المراجعة للنفس والتصحيح للاخطاء والخطايا والاعداد تربويا وثقافيا ونفسيا واجتماعيا وسلوكيا واخلاقيا للافراد والمجتمع، لمرحلة اخرى نتجاوز فيها العثرات والسقطات، ونتحمل فيها  مسؤولياتنا التي قصّرنا فيها تحسسا بآلام المعذبين والمظلومين والمستضعفين من ابناء جلدتنا والجوعى والمحتاجين، ونتعلم من جوعنا وعطشنا التضحية من اجلهم، قبل ان نرِدَ على الله تعالى ونقف بين يديه ونُسأل ونُحاسب دون ان نتمكن من التصحيح أو التراجع، لأننا اعطينا الفرصة لذلك، لكننا سوّفنا وماطلنا أو لم نبالي وفرطنا بهذه الفرص التي أُعطيناها، وامتدت على مدى العمر، ولكننا غرقنا بالآمال الخادعة وغرّتنا الحياة الدنيا".
أضاف "وها نحن اليوم، وما زالت الفرصة سانحة، فلنبادر باقتناصها قبل ان يدركنا الأجل ونقف بين يدي الله تعالى للحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من اتى الله بقلب سليم."يوم يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذوا بالنواصي والاقدام"..يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . فيؤخذ بالنواصي والأقدام. ومما يجب اخذ العبر وتعلم الدروس في هذا الشهر المبارك، ربيع القرآن، أنه شهرالانتصارات. ففيه كانت واقعة بدر الكبرى التي ذكرها الله تعالى في سورة "الأنفال"، كما جاء ذكرها في سورة آل عمران بشيء من الإيجاز.
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّة ﴾ 1.
ويقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ*الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ 2.

وهي المعركة التي قرر فيها معادلة النصر والهزيمة، وقلب فيها المعادلة المعروفة التي كانت سائدة، وهي المعادلة المادية المبنية على ميزان الكثرة والقلة والعدة والعدد، لينفي هذه المعادلة ويضع حدا لها لصالح القوة المعنوية المتمثلة بالانتصار للحق والاعتقاد بها". 
وتابع :"فقد كان المؤمنون لا يتجاوزون ثلاثماية وستة عشر رجلا على اكثر تقدير، بينما تجاوز عدد الاعداء الالف رجل، وكانت العدة غير متكافئة بل غير متناسبة الى حد كبير،وكان الظرف مناسبا للعدو دون المسلمين الذين خرجوا بغير غاية الحرب، وابتعدوا عن المدينة مسافة طويلة، بخلاف العدو حيث كانوا على مقربة من ديارهم مكة. فالانتصار لم يكن مجرد صدفة، وانما لتقرير هذه المعادلة واعطائها المصداقية، وليتخذ منها المسلمون قاعدة مسلّمة يبنون عليها مواقفهم في مواجهة العدو، والا تكون المعادلة في حساباتهم عند مواجهة العدو هي موازين القوة المادية، فيتراجعون عن المواجهة حين تكون لصالح العدو، بل الاقدام طالما انهم ينتصرون للحق حتى في حال الشعور بالوهن والضعف النفسي، تأثرا بما تعكسه موازين القوة المادية، حتى مع خوض الحرب مع هذا الشعور بالضعف النفسي فإن الغلبة ستكون للمؤمنين.. الآن عرف ان فيكم ضعفا، فإنه مع هذا التأثر النفسي لن يجعل غلبة  الباطل امرا حتميا، بل على العكس من ذلك فان الغلبة والانتصار هي للمسلمين.

الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ 2.
ففي الحالة الاولى وهي خوض الحرب مع الشعور بالقوة النفسية، فالعشرة من المسلمين بمئتين من الكافرين. ومع الشعور بالوهن والضعف لا تتغير معادلة الانتصار، ولكن النسبة تصبح ان العشرة من المسلمين في مقابل عشرين  من الكافرين.
وفي حالة المسلمين الاولى تجربتان اخريان، احداهما في "حُنين" والاخرى في "أُحد"، تأكيدا لهذه القاعدة، وهي ان الميزان في الانتصار هي القوة المعنوية والانتصار للحق.
ففي معركة "حُنين" حين اعتمد المؤمنون في صراعهم على القوة المادية، وهي كثرتهم، خسروا المعركة. وفي معركة "أُحد" حين اصابهم الطمع والغنيمة، اي ابتلوا بالفساد الأخلاقي".
واردف الخطيب :"واذا ما اردنا المقارنة لواقع المسلمين والتي ادت الى تقهقرهم وهزيمتهم امام العدو في صراعهم مع القوى الصهيونية العالمية، سنتوصل الى هذه النتيجة، وهي فقدانهم لإيمانهم بهذه المعادلة ، ووقوعهم في فخ معادلة القوة المادية وحساباتها، تبعا لتبعيتهم الثقافية. 
فحين ننطلق في حساباتنا في المواجهة طبقا للمعادلات التي يرسمها لنا الأعداء، ستكون النتيجة هي ما يريده هؤلاء، وهي الفشل والهزيمة كما حصل في كل حروب العرب والمسلمين مع الأعداء، حيث اعتُمدت موازينُ المعادلة المادية في الصراع: الدبابة في مقابل الدبابة، والطائرة في مقابل الطائرة، واستثنيت طاقات الأمة من الاستثمار في ما سُمّي حروب تجاوزا".
وقال العلامة الخطيب :"ولقد اثبتت التجربة الاخيرة في العقد الاخير من القرن الماضي واوائل هذا القرن، من اعتماد المقاومة الشعبية، نجاح هذه المقاربة نجاحا باهرا، فاستطاعت الانتصار للقضية اللبنانية، وهي تحرير الارض من رجس الاحتلال، على الرغم من عدم التناسب اصلا في موازين القوى التي كانت لصالح العدو تماما، يضاف الى ذلك ان التنازع الطائفي الداخلي والحسابات الطائفية الخاطئة، جعلت المقاومة في وضع لا تُحسد عليه، الى جانب التحريض الخارجي." 
ولفت الى انه "مع كل هذه الظروف حققت المقاومة ما لم يكن بحسبان احد، وبما يشبه المعجزة لديهم، لأن قناعاتِهم مبنية على حسابات مادية خاطئة، وثقافة لقنوها لا تنتمي لايمانهم الأصيل. لذلك لم يكن مفهوما لديهم هذا الانتصار. وبدل ان تكون درسا لهم وان يفهموا  هذا درسا لهم ، وانتصارا لقضيتهم الوطنية والقومية، وقعوا تحت تأثير التضليل الاعلامي المدفوع الأجر، من اجهزة المخابرات الدولية التي هالها هذا الحدث، واستطاعت بفعل العامل الطائفي تحويل ذلك الى عامل يزيد من خوف بعض الطوائف ويدفعها لمواجهته، وترى في التخلص منه عامل تقاطع مع اهداف العدو.وهو ما بدا واضحا من المواقف الخاطئة  لبعض القوى الطائفية الداخلية في اثناء الحرب العدوانية على لبنان، الى جانب التسليم بالتعامل مع العدو الاسرائيلي على انه امر واقعي، وانه عامل توازن بين القوى الداخلية يمنع من الاخلال به".
وتابع :"ولكن ما يحصل اليوم في المنطقة من احداث مروعة ومجازر يندى لها الجبين، يوضح اهداف المشروع الغربي، والمستقبل الذي يُعدّه لهذه المنطقة ومدى استغلاله لما أعدّه من الايقاع بين المكونات المختلفة لشعوب هذه المنطقة، لتحقيق اهدافه الخبيثة من التوسع وتكوين مشروعه الخطير، وهو اسرائيل الكبرى. وستكون هذه المكوّنات جميعا هي وقود هذه النار التي تطبخ عليها أهدافه". 
وسأل الخطيب : هل تستفيق هذه المكونات وتستوعب هذه الحقيقة قبل فوات الأوان، وهي تُحاصَرُ اليوم بنار الحقد الصهيوني ومشروعه الجهنمي من كل الجهات، وتُدرك ان مشروع الدولة المقاومة على المستوى القطري والتنسيق بين اقطارها، وخصوصا بين الفاعل منها على المستوى الإقليمي، لوضع استراتيجية مشتركة للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية، هي السبيل الوحيد لمواجهة مصيرها الذي بات على المحك، بدل الصراع بينها على النفوذ وجعل الاقطار العربية والاسلامية ساحة للإقتتال بعناوين مذهبية، غطاء تتستر خلفها وتُسعّر نارها، وستكون هي في النهاية من يحترق بلهيبها، ويكون العدو من يجني ثمارها، وينطبق عليكم قول الله سبحانه وتعالى: "هل انبؤكم بالاخسرين اعمالا،  الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا  وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا".
وقوله تعالى :أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ
وقال الخطيب :"ان الدول العربية والإسلامية، وخصوصا الدول الكبرى منها والمؤثرة وهي جمهورية  مصر العربية والمملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية وتركيا، مدعوة لتحمل مسؤولياتها في تدارك الأمور، وألا تدع النار الطائفية تشتعل لتأتي على ما تبقى من هذا الهيكل المتداعي، قبل ان يصلها الحريق المشتعل في أطرافها بل في قلبها،قبل فوات الاوان الذي لا يُغني عنه اي خيار آخر ،ويبدو واضحا ان المستجير به كالمستجير من الرمضاء بالنار.
واختتم الخطيب بالتبريك للمؤمنين ببشرى طيبة وعزيزة على قلب رسول الله ص،  بولادة سبطه الإمام الحسن المجتبى صلوات ربي وسلامه ع. فالحسن سبط من الأسباط وكان أشبه الناس بجده ص خَلقا وخُلقا ومنطقا، وهو احد أئمة اهل البيت ع ،ورابع اهل الكساء  الذين نزلت بهم آية التطهير بمناسبة اجتماعهم تحت الكساء مع رسول الله ص وهم ثقل رسول الله وعترته، وعدل الكتاب "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا"
وفي حديث اخرإني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي و إنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
اللهم اجعلنا من المتمسكين بهما واجعلهما شفعاء لنا يوم نلقاك وانت عنا راض يا كريم،وتقبل منا صيام شهر رمضان وبارك لنا فيه ووفقنا فيه لتلاوة كتابك واجعله لنا شفيعا مشفعا وطريقا اليك مهيعا حتى نلقاك، وانت راض عنا ياكريم.
  اللهم اغفرلي ولوالدي وللمؤمنين  وبارك لنا في شهرنا هذا ويومنا هذا وساعتنا هذه.
اللهم ارزقنا الامن في بلدنا هذا اللهم ومن ارادنا وامتنا وبلدنا بسوء فارده واقسم الله ظهره، وعجل لنا يارب في فرج وليك حتى لا يدع شيئا من الباطل الا مزقه.
اللهم اغفر لحينا وميتنا صغيرنا وكبيرنا ذكرنا وانثانا حرنا ومملوكنا.. كذب العاذلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا".

 

 =============

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب