وطنية - احتفل بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بالقداس الإلهي الحبري الرسمي بمناسبة عيد القديس مار أفرام السرياني شفيع الكنيسة السريانية وملفان الكنيسة الجامعة، في كاتدرائية مار جرجس التاريخية، الخندق الغميق – الباشورة، بيروت.
عاونه في القداس المطارنة: مار غريغوريوس بطرس ملكي، والنائب العام لأبرشية بيروت البطريركية مار متياس شارل مراد، والنائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن مار يعقوب أفرام سمعان، ومدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة مار اسحق جول بطرس، بحضور ومشاركة الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية وأبرشية بيروت البطريركية ودير الشرفة، والشمامسة والرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات والإكليريكيين طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعايا السريانية في أبرشية بيروت البطريركية، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان. وخدم القداس الجوق البطريركي، وأشرفت على التنظيم الحركات الشبابية في أبرشية بيروت البطريركية.
وحضر القداس الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، المونسنيور ماشدوتس زاهتريان ممثّلاً روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك الغائب بداعي السفر، والمطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت للموارنة، والمطران جورج بقعوني رئيس أساقفة بيروت وجبيل للروم الملكيين الكاثوليك، وشاهيه بانوسيان مطران بيروت للأرمن الأرثوذكس، ومطارنة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية: الملفان مار ثيوفيلوس جورج صليبا المستشار البطريركي، ومار كريسوستوموس ميخائيل شمعون مطران جبل لبنان وطرابلس، ومار يوسف بالي المعاون البطريركي. كما حضر أيضاً سعادة الأستاذ فادي مصري نقيب المحامين في بيروت.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى يونان موعظة تناول فيها الأوضاع في لبنان، فقال: "إنّنا نبارك للبنان واللبنانيين بانتهاء الفراغ القاتل في سدّة رئاسة الجمهورية بانتخاب فخامة الرئيس العماد جوزاف عون، وسط إجماع وطني قلّ نظيره، ونُشيد بمندرجات خطاب القسم التي تاق اللبنانيون إلى سماع مفرداتها من رجل دولة ومؤسَّسات مشهود له بالنزاهة والعزم والوطنية. كما نهنّئ اللبنانيين بتشكيل الحكومة الجديدة التي تجمع أصحاب الكفاءات، والتي تُعقَد عليها الآمال بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ولا سيّما استعادة ودائع الناس في المصارف، وإجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية ثمّ النيابية ضمن المهل الدستورية. ولا بدّ لنا من التنويه بالإجحاف الذي لا ينفكّ يطال المكوِّن السرياني بإقصاء أبنائنا وبناتنا من التمثيل في الوزارات ووظائف الفئات الأولى. إلا أنّنا نرجو أن يقوم هذا العهد الجديد الذي نعوّل عليه جميعنا بإنصافنا وإزالة الإجحاف اللاحق بالسريان. لذا لن نكفّ أو نيأس من المطالبة بحقّنا وتثبيت حضورنا في الحياة العامّة في لبنان، أسوةً بسائر مكوِّنات الوطن".
واستذكر "تقليداً امتازت به هذه الكاتدرائية قبل الحرب اللبنانية المشؤومة، بأن تضمّ بين حناياها في قداس سنوي يوم الأحد الجديد الرؤساء الثلاثة وأركان الدولة اللبنانية والسفارة الفرنسية، عربون شكر وتقدير للدور الذي لعبه السريان في بناء لبنان ونهضته والدفاع عنه، وتحديداً الدور البارز لسلفنا الأسبق المثلَّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأول تبّوني في ولادة لبنان الكبير، ثمّ في نيله الاستقلال".
وتطرّق إلى ما يجري في سوريا قائلاً: "نسمع اليوم الأخبار المؤلمة جداً التي تتحدّث عن خضّات أمنية وسفك دماء. نسأل الله أن يلهم المسؤولين كي يعرفوا كيف يتعاملون مع هذه الخضّات المؤلمة بالحوار الحقيقي، وقد لفتَنا ما جاء في مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقِدَ مؤخَّراً، رغم بعض الملاحظات على غياب التمثيل المسيحي الوازن فيه، منوِّهين بما تناوله لجهة تحقيق التنمية السياسية على أساس مشاركة فئات المجتمع كافّةً في الحياة العامّة، وكذلك الدعوة التي وجَّهها إلى ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين جميع مكوِّنات الشعب السوري، ونبذ كلّ أشكال العنف والتحريض والانتقام والكراهية الطائفية، بما يعزّز الاستقرار المجتمعي والسلم الأهلي. لذا نصلّي ونأمل أن تتمّ ترجمة هذه المقرَّرات بالممارسة، وألا تبقى مجرَّد شعارات، بدءاً بإقرار دستور جديد يحفظ حقوق المكوِّنات الأصلية وحضورها الوطني، وبخاصّة المكوِّن المسيحي الأصيل والمؤسِّس، ثمّ إجراء انتخابات حرّة وديمقراطية وعادلة يتمثَّل فيها جميع السوريين، ليصار بعدها إلى إعادة تشكيل السلطة على أساس المساواة بين المواطنين. وهكذا يتَّحد الشعب السوري خلف قيادته الجديدة، للمساهمة معاً في إعادة البناء وعودة المهجَّرين إلى أرضهم".
وتناول الأحوال في العراق سائلاً الله أن "تتمكّن الحكومة من تجنيبه التورُّط في حروب وصراعات لن تقدِّم سوى الدمار والموت وتهجير المزيد من العراقيين، داعين إلى تضافُر الجهود من أجل متابعة مسيرة النهوض رغم التحدّيات، ومَنْحِ الرجاء كي يعود المهجَّرون قسراً إلى وطنهم".
وتحدّث عن سيرة القديس مار أفرام السرياني وفضائله، وأبرز محطّات حياته، متوقّفاً عند ما قام به في مدينته نصيبين حيث نشأ شمّاساً أي خادماً، ثمّ تهجيره إلى الرها حيث علّم في مدرستها واهتمّ بالمرضى والفقراء والمعوزين حتّى الرمق الأخير من حياته، مشيراً إلى تعمُّقه بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وتبحُّره بمريم ومدحها، وتأليفه لآلاف القصائد والمقالات النثرية التي تعبّر عن تمسُّكه بالإيمان بالرب يسوع وبالتزامه بالكنيسة وعقائدها وعشقه للغة السريانية، لغة الرب يسوع ووالدته العذراء مريم ورسله القديسين.
وأعرب عن سروره بالاحتفال بهذا العيد "في هذا اليوم، السبت الأول من زمن الصوم الكبير، بشكل مميّز هذا العام، إذ تحتفل كنيستانا السريانيتان، الأرثوذكسية والكاثوليكية، معاً في اليوم عينه، بعيد شفيعهما مار أفرام السرياني. ويزداد سرورنا بأن نعيّد سويّةً هذا العام، نحن المسيحيين في العالم أجمع، عيد قيامة مخلّصنا. نصلّي مبتهلين في هذا الإحتفال، برجاء وطيد، ونحن في سنة يوبيل الرجاء التي أعلنها قداسة البابا فرنسيس، طالبين لقداسته الشفاء التامّ، وضارعين إلى الرب يسوع، كي يسرّع وحدتنا المنظورة، لنكون الشهود الحقيقيين لقيامته من بين الأموات، بالمحبّة الفاعلة، وليس فقط بالكلام والتمنّيات. كما يسرّنا أن يتلاقى صومنا المسيحي مع صوم إخوتنا المسلمين، علامةً للتآخي والمشاركة في عبادة الله سبحانه وتعالى، داعين لهم بصوم مبارك".
وختم: "نشترك هذا المساء في ذبيحة القداس الإلهية، للسنة الثالثة على التوالي، في هذه الكاتدرائية العريقة، المسمّاة على اسم القديس جرجس الشهيد العظيم، شفيع العاصمة بيروت العزيزة. إنّ هذه الكاتدرائية التاريخية شاهدة للمخلّص الإلهي وشهيدة من أجل اسمه القدوس، وقد أنجزنا ببركة الرب ومعونته، ترميمها بعد أن نالت منها يد التخريب والتدمير، فهُدِمت بشكل كامل إبّان الحرب التي عصفت بلبنان، وبقيت مدمَّرة لسنوات طويلة، إلى أن قمنا بإعادة بنائها، بالأمانة لأصالتها الكنسية السريانية، لتبقى صامدة في قلب هذه المدينة المحبوبة بيروت".
وبعد البركة الختامية، تقبّل يونان التهاني بالعيد من الآباء البطاركة والمطارنة والإكليروس والمؤمنين.
==== ن.ح.