وطنية - المتن - افتتحت "المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم" و"برنامج حكم القانون للشرق الاوسط وشمال افريقيا" لدى مؤسسة "كونراد اديناور" و"المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية" (مجلس وزراء العدل العرب)، في فندق "الحبتور هيلتون" - بيروت، ورشة عمل لرؤساء المحاكم العليا للسلطات القضائية العربية برعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وحضوره، بمشاركة عدد من رؤساء المحاكم العليا العربية والاوروبية، بعنوان "السلطة القضائية – ابرز التحديات وسبل المعالجة"، كما حضر السفير حسام زكي ممثلا جامعة الدول العربية، وزير العدل القاضي هنري خوري، عدد من سفراء الدول العربية والاوروبية وعدد كبير من الشخصيات القضائية، السياسية، الاجتماعية والأمنية بالاضافة الى منظمات مدنية، دولية ولبنانية.
قيس
بعد النشيد الوطني اللبناني افتتح المؤتمر مدير "المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم" المحامي ربيع قيس مرحبا بالرئيس ميقاتي ووفد الجامعة العربية والوفود القضائية، العربية، الدولية واللبنانية وتولى تقديم برنامج المؤتمر.
مسرة
ثم ألقى الدكتور أنطوان مسرة كلمة "المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم" أكد فيها أن "المؤتمر ليس مجرد حدث إنما انطلاقة متجددة وأصيلة بمشاركة عربية ودولية وأوروبية في اتجاه تحولات للمستقبل"، موضحا أن "الهدف الأساسي هو استعادة الثقة بالقضاء والعدالة وتفاعل القضاء مع المجتمع، ما يتطلب مسارات جديدة".
بيرمر
ثم تحدث فيليب بيرمر باسم مؤسسة "كونراد آديناور"، ولفت الى أن "الورشة نظمت لأننا مقتنعون بأن الحوار يؤدي دوره على المستوى الإقليمي والدولي، والتعاون مع جامعة الدول العربية يسهل عمل كونراد".
وأكد أن "اعتماد الاتفاقية سيؤدي الى الإزدهار والتقدم".
خوري
بدوره ألقى رئيس مجلس إدارة "المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية" وزير للعدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري كلمة جاء فيها: "يشرفني ويسعدني أن أكون معكم اليوم في هذا الاحتفال الذي يقام برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والأمين العام لجامعة الدول العربية وحضور ومشاركة رؤساء مجالس القضاء العليا في عدد من الدول العربية والأوربية، لتناول أبرز التحديات التي تواجه السلطة القضائية وسبل المعالجة وتمثل ورشة العمل أهمية للقضاء واستقلاليته في حياة الدول والشعوب، باعتبار القضاء سلطة رئيسية من سلطات الحكم في جميع الدول المتحضرة. نحن سعداء في لبنان بمشاركة الأخوة العرب والأصدقاء من الدول الأوربية رؤساء المجالس العليا للقضاء وممثليهم، وما يعكسه مستوى المشاركة من أهمية كما في المواضيع التي تناقش وتتناول دور مجلس القضاء الأعلى كناظم للعمل القضائي بتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين الدول العربية والأوروبية".
أضاف: "في ظل المتغيرات التي نعيشها اليوم لم تعد القوانين تلك النصوص الجامدة، فقد أصبحنا نعيش في ظل تداخل كبير وأساسي بين النصوص ومقومات الحياة اليومية للأفراد وحقوقهم. فلا يمكن العيش في مجتمع لا وجود فيه لقواعد ناظمة لحقوق وواجبات الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة وكل الكيانات القائمة والمشكلة لهذا المجتمع فلا يطغى فرد أو كيان على آخر، ومن هنا تأتي أهمية الرقابة والحماية التي يمارسها القضاء لضمان حقوق الجميع من خلال تطبيق القواعد القانونية، التي وجدت لحسن سير العلاقات بين الأفراد بعضها مع بعض والكيانات بعضها مع بعض وعلاقة الكيانات مع الأفراد. اسمحوا لي هنا أن احيي دور المركز العربي برئاسة السفير عبد الرحمن الصلح والعاملون معه الذي يعقد في إطار برنامج عمله السنوي اجتماعات دورية لرؤساء أجهزة التفتيش القضائي، ومسؤولي إدارات التشريع، وعمداء ومديري المعاهد القضائية، ورؤساء إدارات وهيئات قضايا الدولة، ورؤساء إدارات التعاون الدولي بالإضافة إلى عقد مؤتمرات وندوات علمية تُعالج العديد من الموضوعات المستجدة على الساحة القانونية والقضائية العربية والدولية دون أن ننسى العمل الدؤوب للعناية بتدريب وتأهيل الموارد البشرية العاملة في هذه الأجهزة لجعلها قادرة ومتمكنة من التعامل مع المستجدات ومواجهة التحديات. الشكر موصول إلى مؤسسة كونراد آديناور و المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم الشريك الأساسي للمركز في هذا النشاط".
تابع : "لا يخفى عليكم بأن المركز العربي الذي تأسست منذ أكثر من أربعين عاما يقوم منذ نشأته بمهام الأمانة العلمية لمجلس وزراء العدل العرب ويعمل تحت إشرافه وله برنامج عمل سنوي مستقل يتم إعداده من خلال مجلس إدارته ويرتبط بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية عبر الأمين العام للجامعة إداريا وماليا مقره بيروت. لم يقتصر عمله على المتابعة بل سعى ويسعى دائما إلى تنفيذ التوصيات والقرارات التي تصدر عن هذه الاجتماعات وأكثر من ذلك فإنه حريص دوما على تعزيز التعاون العربي من خلال تبادل الزيارات وعقد دورات تدريبية مشتركة في الدول العربية تتيح الاطلاع وتبادل التجارب، وقد قام المركز بهذه الجهود رغم الإمكانات المادية والموارد البشرية المتواضعة وغياب الدعم اللازم وهذه مسؤولية مشتركة لجميع الأطراف المعنية به".
وقال: "على الرغم من ذلك فإن المركز تحت رعاية الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومجلس وزراء العدل العرب يسعى لتطوير عمله ومسيرته، وفي هذا الصدد قدمت دولة المقر لبنان لجامعة الدول العربية متمثلة بالمركز العربي قطعة ارض مساحتها أكثر من 3000 متر مربع كهبة بموقع مميز تطل على الواجهة البحرية مباشرة في بيروت تعزيزا لمكانته من اجل المساعدة بعملية النهوض بالمجال القانوني والقضائي".
ولفت الى "قرار مجلس وزراء العدل العرب الرقم 1254 بالدورة 37 حول دعم صندوق تعاضد القضاة في لبنان الخاص بالصحة والتعليم وهنا أود تقديم الشكر والتقدير إلى مجلس القضاء الأعلى في جمهورية العراق الشقيقة الذي لم يتأخر عن تنفيذ مقتضيات القرار وقام بتقديم دعم مباشر للصندوق".
وختم: "أود أن أعبر عن تقديري الشخصي لكل الجهود التي بذلت لإنجاح هذه الورشة، وأتقدم بعميق الشكر وخالص التحية والتقدير إلى جامعة الدول العربية برئاسة معالي الأمين العام والشكر موصول لكل الأخوة العرب والأصدقاء الذين قبلوا دعوة المركز العربي بالمشاركة، راجيا أن تكللل خطانا جميعا بالخير والازدهار والتقدم للجميع".
زكي
بدوره، شدد السفير حسام زكي الذي ألقى كلمة جامعة الدول العربية على أن "الجامعة أنشأت منذ العام 1981 المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ليكون ذراعا متخصصا يعنى بتوحيد وتطوير اجتماعات دورية قضائية وقانونية معنية بتطوير اداء الاجهزة القضائية العربية في شتى الميادين"، مشيرا الى أنه "على الرغم من الإمكانات المادية والموارد البشرية القليلة قام المركز بكل الجهود من دون اي تقصير".
ميقاتي
كلمة الختام كانت للرئيس ميقاتي الذي قال: "اهلا بالقضاة العرب. شكرا للمركز العربي للبحوث القانونية والقضائية. شكرا للمؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم وبرنامج حكم القانون للشرق الاوسط وشمال افريقيا لدى مؤسسة كونراد اجيناور. شكرا لحضوركم جميعا. العدالة بوابة القيم وسورها الحصين. بها تحفظ الحرية وتنال الحقوق وتتأمن المساواة ويسود السلام. وبغيابها تمضي الأمم قدما إلى الاستبداد والتخلف والخراب الاجتماعي والوطني. وكفاها شرفا أن جعل الله تعالى "العدل" واحدا من أسمائه الحسنى".
اضاف: "انطلاقا من هذه المسلمات الإيمانية، كان لتراثنا العريق أن يفصح في محطات شتى من مسيرته الحضارية، عن تعلق شديد بمفاهيم العدالة، وعن سعي دؤوب إلى ابتكار آليات عملية لتطبيقها تطبيقا نزيها على مقدار معرفة البشر وضعفهم، وذلك تحت عنوانين أساسيين هما: من جهة أولى مكانة القاضي وحصانته تجاه جميع الناس، ومن جهة ثانية تواضعه في العلم وانصرافه الكامل إلى إحقاق الحق. ولقد حفل تراثنا في هذا الخصوص بأخبار ومقولات وأمثال يمكن أن توجزها تلك العبارة الشهيرة التي قالها رسول ملك الروم إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا عمر، حكمت فعدلت فأمنت فنمت". وإلى اليوم لا تزال العدالة، وستبقى، قيمة إنسانية سامية، ورسالة يؤديها القضاء عندنا في لبنان، كسلطة دستورية مستقلة، يمارسها السادة القضاة سلطانا كاملا على ملفاتهم بحيث لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتدخل فيها، وذلك استمساكا بما وقر في نفوسهم من ذلك التراث البهي".
تابع: "إذا كانت مفاهيم الدولة في العالم الحديث، قد باتت تملي مبادئ وآليات جديدة للتنظيم القضائي، أو تطوير مبادئ وآليات موجودة، فينبغي لي ههنا أن أنوه بمشروع القانون المتعلق باستقلالية السلطة القضائية، المطروح قيد المناقشات على طاولة اللجان المختصة في المجلس النيابي، والذي آمل أن يصار إلى إقراره وإصداره في أقرب وقت ممكن، تجسيدا لمطالب اللبنانيين بهذا الخصوص. مع الإشارة إلى أن إقرار هذا القانون، إن كان يشكل فاتحة لاستعادة المواطنين ثقتهم بقضائهم ودولتهم، فإن هذه الثقة لن تترسخ في قلوبهم إلا متى حافظ القضاة بأنفسهم على حصانة الضمير. ولا يخفى عليكم أن الأزمة التي نعانيها في لبنان، تشكل حاجزا وحافزا على المباشرة قريبا إن شاء الله في عملية تحديث البنى القضائية، التي بتنفيذها سيحل جزء مهم من المطالب التي نادى الجسم القضائي خلال اعتكافه المستمر إلى الآن، ولا سيما تلك المتعلقة بالمستلزمات اللوجستية الضرورية لعمل المحاكم. وأنا بالمناسبة أجدد ما قلته في الجلسات المغلقة عن العمل الجاد الذي نقوم لإيجاد حلول ولو مؤقتة، تخفف المعاناة على القضاة، كي يعودوا إلى أداء رسالتهم السامية".
وقال: "في مطلع الشهر الحالي دخل لبنان فراغه الرئاسي الخامس منذ الاستقلال. وفي مقارنة سريعة بين التواريخ نجد أن الفراغ الأول عام 1952 استمر أربعة أيام فقط، انتخب على إثرها رئيس جديد للبلاد. أما الفراغ الرابع فقد استمر سنتين وأربعة أشهر، في دلالة قاسية على تراجع قيمة الوقت الوطني الذي كان ينبغي لنا أن نستغله كاملا، ونستفيد من كل ثانية فيه من أجل العمل على الخروج من الأزمات والنهوض بالوطن. إن مقام رئاسة الجمهورية بما له من قيمة دستورية ووطنية وميثاقية، ومن دور كرسه اتفاق الطائف، يشكل عنوان انتظام عمل السلطات كلها، فلا يجوز أن يبقى خاليا، ولا ليوم واحد، لأن خلو سدة الرئاسة يعطب الحياة الدستورية، ويعيق تعافي البلاد".
اضاف: "من هنا دعوتي إلى الجميع ألا يطول زمن الفراغ وأن يصار إلى انتخاب رئيس جديد، وتأليف حكومة جديدة، بسرعة تحمي البلد وتحفظ الدولة، فتنتهي حالة تصريف الأعمال التي هي بطبيعتها موقتة ومحصورة بالأمور التي تدخل في نطاق هذا المفهوم. وكل مقاربة أخرى لهذه القضية الوطنية الكبرى، ليست سوى حسابات سياسية شخصية ضيقة، لا يجوز التوقف عندها في هذا الظرف العصيب على المستويات كافة".
وأكد ميقاتي ان "ما تقوم به حكومتنا في الوقت الراهن هو العمل المطلوب دستوريا ووطنيا، ونحن نقوم بواجباتنا مع سائر الوزراء بكل ضمير حي لتمرير هذه المرحلة الصعبة في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن يبدو أن هواة التعطيل واضاعة الفرص لا يريدون، حتى ان نقوم بهذا الواجب، ويحاولون وضع كل العراقيل أمام مهمتنا الواضحة، وباتوا يجاهرون بارادة التعطيل والسعي لشل الحكومة. وهذا التعطيل والشلل، في مطلق الاحوال، لن يصيب الا شؤون البلد والمواطنين.
كما أن الايحاء للرأي العام بأن الحكومة راغبة في الحلول مكان رئيس الجمهورية، او تعمل لمصادرة صلاحياته ، تضليل ونفاق. وحري بمن يطلق هذه الاقاويل ان يقوم بواجبه الدستوري في انتخاب رئيس في المجلس النيابي ، لا أن يصر على تعطيل الاستحقاق".
وختم سائلا: "أوليس من العدل المحض أن نكون منصفين بحق الوطن، فنعمل على انتظام الحياة الدستورية فيه؟ بلى! وما أصدق القائل: لن تكون إنسانا ما لم تكن عادلا. عشتم، عاشت العدالة والقضاء، وعاش لبنان".
وفي ختام المؤتمر تم توقيع بروتوكول استلام الارض المقدمة من لبنان لصالح جامعة الدول العربية وتسليم درع التميز للتدريب القضائي لدولة فلسطين.
============ ج.س