ميناسيان ترأس قداسا في الذكرى ال 109 للإبادة الأرمنية: ضمائر الشعوب متخدرة ونائمة في سبات عميق

وطنية - ترأس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك الكاثوليكوس روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان، في الذكرى التاسعة بعد المئة للإبادة الأرمنية، قداسا في باحة مدرسة القديس غريغوريوس المنور في الجعيتاوي، وعاونه لفيف من المطارنة والآباء الكهنة والشمامسة.

شارك في القداس: بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار إغناطيوس الثالث يونان، ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وراعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر المونسنيور بيار أبي صالح، ممثل بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية مار إغناطيوس أفرام الثاني راعي أبرشية بيروت للسريان الارثوذكس المطران دانيال كورية، راعي أبرشية بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج بقعوني، ممثل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس كاهن رعية القديس جاورجيوس الرميل – الأشرفية ومطارنة وكهنة من مختلف الكنائس.

وحضر ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي النائب هاكوب بقرادونيان، ممثلة الرئيس سعد الحريري سينتيا غريب، وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان، سفيرا أرمينيا ڤاهاكن أطابيكيان وروسيا ألكسندر روداكوف، النائب جان طالوزيان، ممثل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الوزير السابق ريشار قيومجيان، ممثل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الجنرال أنطوان بانو، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء الياس بيسري المقدّم بشارة كلاب، ممثل محافظ بيروت القاضي مروان عبود آرام ماليان، وممثل مدير المخابرات في الجيش العميد الركن طوني قهوجي العميد رمزي نجار، وفاعليات سياسية واقتصادية واجتماعية.

ميناسيان

بعد الإنجيل، ألقى البطريرك ميناسيان عظة قال فيها: "لقد نفدت كل الكلمات والتعابير والأمثال أمام هذه الإبادة والقمع الجماعي لشعب أعطى العالم كل ما في الفكر من حيوية وعطاء، من الانفتاح إلى الشهادة والسلام، ولم يبق لديه سوى الرجوع إلى الجذور التي نبت منها، وهي جذور الديانة المسيحية التي تكمش بها ودفع ثمنها بدمه وحياته".

أضاف: "لم يبق له غير كلام المسيح في الطوباويات: طوبى للحزانى فإنهم يعزون... طوبى للساعين إلى السلام، فإنهم أبناء الله يدعون، طوبى للمضطهدين على البر، فإن لهم ملكوت السماوات (متى ٥-٨-١٠). هذه هي مميزات وقيم هذا الشعب الأبي، الشعب الأرمني الساعي للسلام، والسلام يهرب منه، يقاوم الاضطهادات ويبقى المضطهد الوحيد أمام أنظار العالم. ولو عوقب ذاك الجرم في بدايته لما كانت الشعوب اليوم تنكل وتقتل وتنفى في الصحارى مثلما فعلوا في الماضي بالشعب الأرمني أي فينا نحن، ولا يزالوا حتى أيامنا هذه يعملون بكل جهد لجرنا إلى العنف والاجرام، نحن أولاد واحفاد هؤلاء الشهداء، رغم كل المساعي التي لا يزال يقدمها هذا الشعب الباسل، لكنها من دون جدوى فضمائر الشعوب اليوم متخدرة ونائمة في سبات عميق".

وختم: "نعم، نحن أبناء السلام، وللسلام نعمل، وطريقه نعلم، وسنكمل سعينا بالمحبة والانفتاح، بالتضحية والعطاء. نحن أبناء السلام، والسلام نستقيه من نبعه الإلهي، الله هو ينبوع السلام، فهو الذي قال: طوبى للساعين إلى السلام فإنهم أبناء الله يدعون. نعم، إخوتي وأخواتي الاحباء، من المجتمع اللاخلاقي، نعود إلى جذورنا الطاهرة، إلى خالقنا الذي خلقنا على صورته، ومن روحه نفخ فينا، فمن خان هذا العهد خان خالقه، وأنا أكيد أن الإرادة للسلام لا تزال فينا حية جميعا مسلمين ومسيحيين، فما علينا الا النظر إلى الأعالي والتمسك به المخلص الوحيد، وبروحه القدوس سننتصر على الشر السائد في هذا العالم".

موراديان

في نهاية القداس، ألقى النائب البطريركي العام لأبرشية بيروت البطريركية المونسنيور باتريك موراديان، كلمة قال فيها: "اليوم، تحول قلب الأمة الأرمنية الى مذبح، مرة أخرى. وبكل خوف وجلل، نستذكر الذكرى العطرة لمليون ونصف مليون من شهدائنا، الذين ماتوا من أجل الإيمان المسيحي، من أجل الأمة والوطن".

أضاف: "كلمة شهادة تعني بذل الذات، فعندما نحتفل بالذبيحة الإلهية لذكرى ولمجد الشهداء، هذا يعني أنه توجد علاقة وثيقة بين ذبيحة المسيح والشهداء. كل أمة تحترم شهدائها، فهؤلاء ضحوا بحياتهم في سبيل وطنهم وترابه وكرامته وإيمانهم به، لكن الشهادة الأرمنية تختلف، وذلك بسبب الهمجية والوحشية والقسوة".

وقال: "لا يوجد في الكنائس المسيحية جمعاء مثال يمكن مقارنته بالاستشهاد الذي تعرض له الأرمن. إن أعداد الشهداء الكثيرة تثبت بوضوح أن ما حدث كان إبادة جماعية، تاريخنا هو تاريخ شعب شهيد، وقائم من بين الأموات".

وتابع: "خلال الحرب العالمية الأولى، وقعت أكبر مأساة في التاريخ الأرمني الحديث، وخلال السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطورية العثمانية، قررت حركة "تركيا الفتاة" إبادة العرق الأرمني. في تلك الأيام، كان يعيش مليونا أرمني في المقاطعات الست لأرمينيا التاريخية وفي مختلف مدن الإمبراطورية العثمانية. بدأت إبادة الشعب الأرمني في 24 نيسان 1915، باعتقال ونفي نخبة من المثقفين والأرمن البارزين في اسطنبول، كما تمت محاكمة العديد منهم وشنقهم".

وأردف: "العثمانيون الأتراك تنفيذا لمخططهم الشرير حكموا على مليوني أرمني بالأجلاء والنفي والمعاناة القاسية والموت، ولا يمكن وصف ذاك الشر، إلا بأنه جهنمي، لأن الشيطان هو الشر في حد ذاته وأبو الكذب. لا يمكن للخيال البشري وصف المعاناة والاضطهاد الذي عانى منه الشعب الأرمني محتملا بكل رضى ذلك على أرضه الأم، أي على أراضي أرمينيا الغربية، ثم على كامل مساحة كيليكيا".

وقال: "مليون ونصف مليون من الشعب الأرمني استشهدوا من أجل محبتهم للمسيح، فأولئك اختاروا، ومن دون أي تردد، الموت على أن ينكروا أو يبدّلوا ديانتهم، اختاروا الموت ولم يتخلّوا عن إيمانهم المسيحي. في تلك الأيام، ارتجف العالم من تلك الفظاعة، لكنه ظل صامتا.  وحده قداسة البابا بنيدكتوس الخامس عشر رأس الكنيسة الكاثوليكية، في 6 كانون الأول 1915، رفع صوته بقلب مثقل بالألم لوقف تلك الابادة والاستشهاد الذي تعرضت له الأمة الأرمنية ودان العمل الأسود للقائمين به بالشهادة التالية: "إن الأمة الأرمنية البائسة تقاد إلى الفناء". وعلى الفور أرسل البابا رسالة الى السلطان محمد الخامس، عبر سفيره في إسطنبول، يطلب فيها إنقاذ الأبرياء الباقين، إلا أن طلعت باشا اتخذ كل الإجراءات حتى لا تصل الشكوى إلى السلطان. وبعد مرور ثلاثة أشهر فقط علم السلطان بالأمر، لكن خطة الإبادة كانت متقدمة جدا. كما لاحظ السلطان أن الادعاء المقدم من قداسته كان صارما للغاية".

أضاف: "خلال جلسة الاستماع إلى ممثلين عن الشعب الأرمني في روما، أعلن البابا ببنديكتوس الخامس عشر والدموع في عينيه ما يلي: "لقد علمنا بالحادث بعد فوات الأوان، لكننا وجهنا كلمة إدانتنا". وفي مذكرة السلام التي قدمتها الأمم، في 1 آب 1917، طالبوا فيها أيضً بالحل العادل للأمة الأرمنية كشرط للسلام الدولي. نعم، لقد كانت الحكومة العثمانية مصممة على إبادة الشعب الأرمني، لكن قرار الله كان مغايرا، فالله لا ينسى الظلم التي تعرض له الشعب الأرمني. وبعد مرور قرن على ذلك التاريخ، في عام 2015، وفي الذكرى المئوية للإبادة، في روما، أعلن البابا فرانسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية من تحت قبة كاتدرائية القديس بطرس، للعالم أجمع صوت الحقيقة، مؤكدا أن ما حدث قبل مائة عام: هذه أول إبادة جماعية ترتكب في القرن العشرين".

وختم: "في التاريخ، ومن الكرسي الأم المقدس في إتشميادزين، أعلنت الكنيسة الأرمنية رفع الى مصاف القديسين شهداء الابادة الأرمنية. لا يمكننا أن ننسى من ناحية الاستشهاد والتهجير، ومن ناحية أخرى، الشر الذي ارتكب ضد اللغة والثقافة والعقيدة الأرمنية، واقتلاع أمة بأكملها من أراضي أجدادها. لا يمكننا أن ننسى، حتى بعد مرور قرون. يجب أن يعلم مرتكب الإبادة الجماعية والمجتمع الدولي أن الأمة الأرمنية ستستمر في المطالبة بحقوقها العادلة بغض النظر عن الظروف المحيطة بنا. ومهما كانت السنوات طوال، قد تبعدنا عن تاريخ الإبادة الجماعية الأرمنية. ومن الواجب الأخلاقي للمجتمع الدولي أن يعترف بالظلم التاريخي الذي تعرض له السكان المدنيون الأرمن".

في الختام، وضعت الأكاليل على النصب التذكاري لشهداء الأرمن.

================ ن.ح

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب