وصول حجار وتشوبوليان الى بيروت بعد مشاركتهما في "ماراثون الرمال" لانقاذ فتى مصابا بسرطان الدم

وطنية - إستقبل الرياضيان اللبنانيان غسان حجار وسيرج تشوبوليان بالتصفيق الحار في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، بعد عودتهما إلى لبنان من مغامرة استثنائية في "ماراثون الرمال" في المغرب، عرضت حياتهما للخطر، فتحملا صعوباتها إيمانا برسالة إنسانية لمساعدة فتى يعاني سرطان الدم في مرحلته المتقدمة.

ورفع الرياضيان العلم اللبناني في المطار، كما رفعاه عند خط النهاية في صحراء المغرب. حيث شاركا على مدى 6 أيام من 6 الى 12 نيسان الحالي، في أحد أصعب الماراثونات، وهو "ماراثون الرمال - Marathon des sables" في دورته الـ39 في الصحراء، بظروف طبيعية قاسية، على مسافة 250 كيلومترا لـ5 مراحل. حيث بدت المسافة بلا نهاية وهما يحملان، أسوة بنحو 1000 مشترك من دول العالم عدة "النجاة" على الظهر طوال المسار. وتتضمن طعامهما طوال السباق، وما يستعين به المشاركون للنوم والنظافة.

حجار

وقال متسلق الجبال غسان حجار البالغ 57 عاما، وكان سبق له ان خاض تجربة تسلق جبال "إيفرست" بشروطها القاسية، ويشارك في "ماراثون الرمال" للمرة الثانية: "في الإنسان طاقات لا يدركها إلا باختبارها. ظننت أنني لن أصل، وأحيانا، اردت التوقف والعودة إلى حيث الراحة. لكنني رفضت الخيار السهل رغم تحديات قد لا يتصورها العقل. حاربت كما يفعل المعذبون بالمرض والأوجاع. كان التسجيل في هذا السباق الصعب خياري، لكن السرطان ليس خيار أحد، ومع ذلك، يحارب المرضى للانتصار على آلالام".

اضاف: "كلما صعب المسار وحل تعب لا يحتمل، فكرت في علي وقلت في نفسي ان بإمكاني التوقف هنا فلن يحاسبني أحد. لكنه يتابعني وينتظر. حين يعنى الرياضي بمسألة جمع التبرعات تتضاعف مسؤوليته، فكيف إن كان الهدف إنقاذ حياة مراهق يبلغ 14 عاما وجعله لا يفقد الأمل بالأحلام والغد والأيام الجميلة؟ تمسكت بمحاربة تعبي وخوفي من خيانة جسدي لئلا يخيل الي بأنه لن يشفى بسبب عدم نجاحي. وصلت لأخبره بأن محنته لن تدوم مهما طالت".

يشار الى ان حجار وتشوبوليان تبنيا قضية المراهق اللبناني علي معركش البالغ 14 عاما ويعاني سرطان الدم في مرحلة متقدمة. حيث خاضا المغامرة في الصحراء المغربية لجمع تبرعات تخفف الحمل المادي عن عائلة معركش من خلال جمعية "تشانس" التي تعنى بالأطفال المصابين بالسرطان منذ 20 عاما على مستوى تغطية تكاليف العلاج وتأمين فرص الشفاء، وفي كل خطوة نحو خط النهاية، فكرا بتحمله الوجع والدواء والعلاج، مما شحذ همتهما بالحماسة والإصرار وجعل الوصول إلى الهدف قرارا غير قابل للنقاش.

وقالت رئيسة جمعية "تشانس" الاختصاصية في أمراض الدم والأورام لدى الأطفال الدكتورة رلى فرح: "الصعوبات كبيرة اليوم لتأمين الدعم الكافي لإنقاذ من يعانون من سرطان الدم، خصوصا من تعاني عائلاتهم تردي الظروف المادية. فالشاب علي معركش الذي تبنى الرياضيان حالته، يدخل باستمرار إلى المستشفى ويخوض مسار علاج طويل، يتضمن هبوطا في المناعة ونقل الدم وبلاكيت وأدوية للالتهاب وسائر الآثار الجانبية. لن نيأس، فبمجرد أن يشفى ويعود إلى منزله مع فرصة عيش حياة طبيعية والانخراط المستقبلي في المجتمع كعضو فاعل، فذلك عوض لنا ودافع لمواصلة الطريق رغم وعورتها".

ولفتت الى ان معركش "يتسم بالصمود والهدوء، لكن حزنا يغرق في عينيه. وبلقائه غسان حجار وسيرج تشوبوليان، شعر بالحماسة لعدم الاستسلام. فقد اخترنا حالته، ليس لأنها بين الأصعب في الجمعية فحسب، وإنما أيضا لأنه في سن تجعله يستوعب المهمة التي يخوضها الرياضيان، بشروطها القاسية ومسافتها الطويلة والمجهود الكبير. أردنا لمعاناة معركش في المستشفى أن تشبه تسلقهما الهضاب الرملية الشاهقة وركضهما في الصحراء ومعاناتهما من التقشف في الطعام والشقاء في النوم والبعد عن العائلة. وفي المقابل، وكما بلغا خط النهاية فهما مسروران بالإنجاز، وسيبلغ معركش الشفاء بعد رحلة العذاب".

وختمت موضحة أن الجمعية تعمل على "الجانب النفسي للأطفال أيضا، ونشاطات كهذه تمدهم بالحلم وتعزز التفاؤل والانتظار الإيجابي".

تشوبوليان

بدوره، لفت العداء المحترف سيرج تشوبوليان البالغ 62 عاما، الى ان "لهيب الصحراء شكل تحديا كبيرا. فقد اختبرنا درجات الحرارة العالية والعواصف الرملية والبرد القارص والمطر خلال الليل. ورغم تأثير ذلك في الحالة الذهنية، تحملنا الركض وسط الرمال إيمانا منا بقضية علي معركش وكل الأطفال المرضى"، وقال: "علمتنا التجربة تقدير قيمة الأشياء، فحتى الكرسي التي لا نمنحها أهمية في يومياتنا العادية، تحولت هناك ترفا. كذلك الاستحمام الذي تعذر طوال الأيام الستة، فاكتفينا بالمناديل الرطبة للنظافة الشخصية، قبل أن تهب رياح رملية وتعيد حالتنا إلى ما كانت عليه".

اضاف: "طرحنا استفهاما حول إمكان الاستمرار من عدمه، لكن ما حسم التردد هو حق علي بالشفاء. فالكيلومترات الأربعة الأخيرة كانت مرهقة جدا، فجميعها هضاب بلا نهاية، ومع ذلك وصلنا. رفعنا العلم اللبناني، فراح يرفرف ليمدنا بالقوة والأمل على بعد أمتار من الوصول المشتهى".

======م.ع.ش.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب