تحقيق قاسم صفا
وطنية - بينما تتبدّل القيادات وتتجدد المهمات، تواصل الكتيبة الكورية العاملة في إطار قوات اليونيفيل في جنوب لبنان أداء دورها الفعّال، ليس فقط على المستوى الأمني والعسكري، بل أيضًا من خلال برامج مدنية وإنسانية تُسهم في التخفيف من معاناة السكان المحليين، ومساعدتهم على تجاوز صعوبات الحياة اليومية.
فقد أنهت الكتيبة الكورية رسميًا في 9 أيار عملية التسليم والتسلّم بين الكتيبة الثلاثين والكتيبة الحادية والثلاثين، لتُكمل عامها الثامن عشر في الجنوب اللبناني، كأطول وحدة انتشار خارجي في تاريخ كوريا الجنوبية منذ التحاقها بقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "اليونيفيل" عام 2007.
مهام أمنية مستمرة
تعمل الكتيبة الكورية (ROKBATT) وفقًا للقرار 1701، وتنفذ مهام حفظ السلام والمراقبة على مدار الساعة، في تنسيق دائم مع قيادة اليونيفيل والجيش اللبناني، للحفاظ على الاستقرار في منطقة عملها، والمساهمة في تعزيز الأمن والسلم الأهلي.
تعاون مدني - عسكري بوجه إنساني
لكن دورها لا يقتصر على المهام الميدانية، بل يمتد ليشمل سلسلة واسعة من البرامج ضمن ما يُعرف بعمليات CIMIC (التعاون المدني العسكري)، التي تهدف إلى دعم المجتمع المحلي، وتعزيز قدراته، وتوفير خدمات تعوّض جزءًا من النقص الحاد في الرعاية الأساسية.
تشمل هذه العمليات الدعم الطبي، التعليم، التدريب المهني، وتقديم مساعدات متنوعة. وقد أسهمت هذه البرامج في بناء جسور ثقة متينة مع السكان، الذين باتوا يطلقون على القوة الكورية لقب "هدية من السماء".
رعاية طبية ومساعدات منسّقة
من أبرز الخدمات التي تقدّمها الكتيبة الدعم الطبي المجاني عبر فريق طبي مختص يشمل الطب الباطني، وطب الأسنان، وجراحة العظام، وحتى الطب البيطري. يعمل الفريق بنظام المناوبة كل ثلاثة أسابيع، ويقدم خدماته للمدنيين من أهالي الجنوب، والنازحين من المناطق المجاورة، نظرًا لصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.
تجاوز عدد المستفيدين من العيادة الكورية 13,000 مريض، ما يعكس حجم الحاجة، والثقة التي يوليها الناس لهذا الفريق المتخصص.
تعليم وتدريب لتعزيز الاكتفاء
إلى جانب الطب، تدير الكتيبة برامج تعليمية وتدريبية بارزة، من أبرزها تعليم رياضة التايكواندو، حيث تُقام ثلاثة صفوف ثابتة يشارك فيها 220 متدربًا. وقد أصبح بعضهم مدربين محليين، ما ساهم في خلق فرص عمل وتحفيز النشاط الرياضي بين الشباب.
كما تنطلق هذا الشهر صفوف لتعليم اللغة الكورية مقابل تعليم الجنود اللغة الإنكليزية والعربية، في إطار تبادل ثقافي تشهده المنطقة، مع تزايد اهتمام الجيل الشاب بثقافة كوريا الجنوبية، ولا سيما فنونها وموسيقاها.
في السياق نفسه، تُعقد صفوف تدريب مهني أسبوعية تشمل تعليم الخياطة، وصناعة الصابون، وتُعِد الكتيبة لإطلاق صف جديد لصناعة اللحف (الكويلتينغ) في تموز المقبل، بهدف تمكين النساء من تطوير مشاريع إنتاجية صغيرة تعزز قدرتهن على الاعتماد الذاتي.
حضور مباشر وتخطيط مع البلديات
وفي موازاة البرامج والخدمات، يواصل ضباط CIMIC جولاتهم الدورية على البلديات الخمس ضمن نطاق عمليات الكتيبة، حيث يلتقون بالمسؤولين المحليين والمؤسسات الأهلية، ويستمعون إلى احتياجات الناس، بهدف تنفيذ مشاريع ميدانية تستجيب لأولوياتهم، مثل تحسين البنى التحتية وتقديم مساعدات عينية.
ويؤكد العقيد لي هو جون القائد الجديد للكتيبة الكورية، الالتزام المستمر للمهمة الإنسانية:
"رغم بقاء الوضع غير مستقر، ستواصل قوات اليونيفيل تنفيذ مهمتها في حماية سلامة الشعب اللبناني. وسنبذل كل جهد لضمان سلامة الكتيبة والمساهمة في نجاح عمليات التعاون المدني والعسكري."
نموذج عن "القوة الناعمة" في مهمات السلام
هكذا تواصل الكتيبة الكورية في جنوب لبنان تقديم نموذج لافت عن التوازن بين العمل الأمني والمبادرات الإنسانية. فعبر مهامها اليومية، تساهم في حفظ الاستقرار، وبناء علاقات احترام متبادل مع الأهالي، وتعزيز صمود المجتمعات في وجه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة.
======